كشفت دراسة جديدة أن الكوليسترول الذي يُعتبر مفيدا لصحة القلب قد يكون ضارا لصحة العين، والعكس صحيح وفقا للدراسة التي نُشرت في 4 فبراير في مجلة British Journal of Ophthalmology فإن الكوليسترول "الجيد" (HDL) قد يزيد من خطر الإصابة بالجلوكوما لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاما.
في المقابل، وجد الباحثون أن الكوليسترول "الضار" (LDL) قد يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالجلوكوما، وقال فريق البحث بقيادة البروفيسور "زينزين ليو"، الأستاذ المشارك في مركز تشونغشان للعيون بجامعة صن يات سين في غوانغدونغ بالصين: "لطالما اعتُبر الكوليسترول HDL 'كوليسترولًا جيدًا' على مدى سبعة عقود، ومع ذلك تُظهر هذه الدراسة أن المستويات المرتفعة من HDL لا ترتبط دائمًا بنتائج صحية إيجابية".
الفرق بين الكوليسترول "الجيد" و"الضار"
يُساهم الكوليسترول "الضار" (LDL) في تراكم اللويحات في الشرايين، مما قد يؤدي إلى أمراض القلب أو النوبات القلبية أو السكتات الدماغية، وفقًا لجمعية القلب الأمريكية (AHA).
من ناحية أخرى، يساعد الكوليسترول "الجيد" (HDL) في تعزيز صحة القلب عن طريق نقل جزء من الكوليسترول "الضار" بعيدا عن الشرايين وإعادته إلى الكبد، حيث يتم تكسيره وإخراجه من الجسم.
العلاقة بين الدهون في الدم وأمراض العين
أشار الباحثون إلى أن المستويات المرتفعة بشكل غير طبيعي من الدهون في الدم كانت مرتبطة سابقا بحالات عينية مثل التنكس البقعي واعتلال الشبكية السكري، ومع ذلك، كانت النتائج المتعلقة بالجلوكوما غير متسقة.
الجلوكوما هي حالة تسبب تراكم السوائل داخل العين، مما يزيد الضغط ويؤدي إلى تلف العصب البصري.
تفاصيل الدراسة: تحليل بيانات 400,000 مشارك
لإجراء هذه الدراسة، حلل الباحثون بيانات أكثر من 400,000 مشارك في مشروع البنك الحيوي البريطاني (UK Biobank)، وهو مشروع بحثي طويل الأمد يهدف إلى دراسة الصحة العامة. خضع جميع المشاركين لفحوصات لقياس مستويات الدهون في الدم، وتم تتبع حالتهم الصحية لمدة متوسطها 14 عاما.
أظهرت النتائج أن حوالي 2% من المشاركين أصيبوا بالجلوكوما خلال فترة المتابعة، وكان هؤلاء الأشخاص يميلون إلى امتلاك مستويات أعلى من الكوليسترول "الجيد" (HDL) ومستويات أقل من الكوليسترول "الضار" (LDL).
النتائج الرئيسية: ارتفاع HDL يزيد خطر الجلوكوما
- الأشخاص الذين لديهم أعلى مستويات من الكوليسترول "الجيد" (HDL) كانوا أكثر عرضة بنسبة 10% للإصابة بالجلوكوما مقارنة بأولئك الذين لديهم أدنى المستويات.
- في المقابل، كان الأشخاص الذين لديهم أعلى مستويات من الكوليسترول "الضار" (LDL) أقل عرضة بنسبة 8% للإصابة بالجلوكوما.
- كما ارتبطت المستويات المرتفعة من الدهون الثلاثية (نوع آخر من الدهون في الدم) بانخفاض خطر الإصابة بالجلوكوما بنسبة 14%.
تفسير النتائج: لماذا تؤثر أنواع الكوليسترول على الجلوكوما؟
لم يتوصل الباحثون بعد إلى سبب واضح لاختلاف تأثير أنواع الكوليسترول على خطر الإصابة بالجلوكوما. ومع ذلك، لاحظوا أن هذه الارتباطات كانت واضحة فقط لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا.
تحدّي المفاهيم التقليدية
خلص الباحثون إلى أن هذه النتائج "تتحدى المفاهيم السائدة حول الكوليسترول 'الجيد' و'الضار' فيما يتعلق بصحة العين". إذا أكدت الدراسات اللاحقة هذه النتائج، فقد يحتاج الأطباء إلى إعادة تقييم استخدام الأدوية الخافضة للكوليسترول لدى المرضى المعرضين لخطر الإصابة بالجلوكوما.
تسلط هذه الدراسة الضوء على العلاقة المعقدة بين مستويات الكوليسترول وصحة العين، وتؤكد أن ما قد يكون مفيدا لقلبك ليس بالضرورة مفيدا لعينيك، يُنصح الأشخاص، خاصة أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاما، بمناقشة مستويات الكوليسترول لديهم مع أطبائهم لاتخاذ قرارات علاجية مستنيرة.


