تصعيد خليجي مرتقب.. ماذا وراء التّحذير البريطاني بعدم السّفر الى لبنان؟.
مقالات
تصعيد خليجي مرتقب.. ماذا وراء التّحذير البريطاني بعدم السّفر الى لبنان؟.
ماجدة الحاج
27 تشرين الثاني 2021 , 15:50 م

كتبت الأستاذة ماجدة الحاج:

لا يبدو انّ الأزمة التي افتعلتها السعودية مع لبنان وساقت خلفها بعض الدول الخليجيّة في تشديد الهجمة المُستغربة وغير المسبوقة عليه، في طريقها الى الحلّ.. فكلّ الوساطات التي شغّلها كبار المسؤولين اللبنانيين خلف الكواليس وبينها الفرنسيّة مع أروقة الرّياض، اصطدمت بتعنُّت سعودي صلب،وبعدم استعداد للتقدّم خطوة واحدة، لتسجيل خرق ولو بسيط في جدار الأزمة.

وتكفي متابعة الإجراءات "العقابيّة" المشدّدة التي باشرت الكويت بتنفيذها، بحقّ فئات من اللبنانيين الموجودين على أراضيها- وهي بطبيعة الحال بإيعاز سعودي-ليظهر بوضوح: أنّ الرّياض " ذاهبة الى النهاية"،في ضغوطهاعلى لبنان،على وقع معلومات نقلتها صحيفة"آراب ويكلي"البريطانيّة اليوم الجمعة، عمّا اسمتها "مصادر مطّلعة"،ومفادها أنّ السعوديّة ستزيد من منسوب تلك الضغوط، و أنّها مستعدّة لتوجيه ضربات موجعة إليه على خلفيّةالأزمة الدبلوماسيّة الناشئة!

وبالتزامن، نقلت شخصيّة صحافيّة لبنانية مخضرمة عن دبلوماسي عربي سابق، تأكيده أنّ التصعيد السعودي بوجه لبنان سيشتدّ في المرحلة المقبلة، "وعلى ما يبدو فإنه توطئة لخضّات أمنيّة مرتقبة"، خصوصاً وأنّ تصريح وزير خارجية المملكة، واعتباره أنّ الأزمةليست مع لبنان بل في"هيمنة حزب الله عليه"،هي دعوةمبطّنةلحرب أهليّة، داعياً إلى الحذر من خلفيّات هذا التصعيد، التي قد تكون تمهيداً لحدث أمنيٍّ كبير حُبكت خيوطه، في خلال الِاجتماع السرّي الذي جمع وزير الحرب "الإسرائيلي" بني غانتس ومسؤولين سعوديين، في الرياض بشهر تشرين الأوّل الماضي.

بدا لافتاً أنّ "الجنون" السعودي انفجر بوجه لبنان بهذا الشكل، على وقع التطورّات الميدانيّة في مدينة مأرب اليمنيّة الإستراتيجية، والتي باتت بحُكم السّاقطةعسكريّاًفي أيدي مقاتلي حركة "أنصار الله".. وحيث أصبح السؤال يتعلّق الآن ب "ما بعد مأرب"..

فشلٌ سعوديٌّ مدوٍّ، في اليمن "يجب" أن ينفجر غضباً في لبنان.. حيث "العدوّ المشترك" المُتّهم بإعلاء كفّة نصر مقاتلي الحركة اليمنيّة، رغم أنّ العالم بأسره يُدرك أنّ ما من دولة أو مملكة- السعودية تحديداً، عبر التاريخ- استطاعت انتزاع نصر على اليمنيّين، والإفلات سالمة من ميادين بلدهم.

وتقرُّ أجهزةالِاستخبارات المعادية،بعد سبع سنوات من شنّ الحرب الجماعيّة على اليمن، بقدرة مقاتلي "أنصار الله" على تحقيق أيّ إنجازميداني، مهما كان مستحيلا..ويبقى السؤال منوطاً ب"سقف" الغضب السعودي تجاه لبنان.

فيما تجهد الأجهزة الأمنيّة اللبنانية، لرصد ومتابعة أيّ حراك مشبوه قد يؤدّي الى خضّات أمنيّة خطيرة، في لحظة مفصليّة يمرّ بها لبنان.

وقد جذبت واقعةالحرائق التي اجتاحت احراشا جنوبيّة مؤخرا على نطاق واسع،أثارت علامات استفهام كبيرة حول خلفيّاتها، في هذا التوقيت، وسط الأزمات الخانقة التي تكاد تقطع انفاس اللبنانيين، خصوصاًو أنّ مصادر الأجهزة الأمنيّة أجمعت على أنها كانت "مفتعلة"، قبل أن يؤكّدها على الملأ وزير الداخلية، متحدّثاً عن معلوماتٍ وتسجيلاتٍ وصوَرٍ، قال: إنّ الأجهزة المختصّة تتابعها، على وقع شيوع معلومات لفتت إلى القبض على أحد المُتهمين بافتعال الحرائق له ارتباطات مع اجهزةامنيّة"اسرائيليّة"وانّ التحقيق معه جارٍ، للوصول الى مُتهمين آخرين، بعد اعترافه بانضمامهم الى شبكة تعمل لصالح "اسرائيل"..

ومع جهل ما إذا كان هناك "أمرٌ ما" يتمّ طبخه للبنان في الغرف السوداء المعادية، تحت جنح التصعيد السعودي- الخليجي، جاء تحذير بريطانيا بالتزامن، لرعاياها بعدم السّفر إلى لبنان، ليزيد من المخاوف والإرباك في السّاحة الدّاخلية.. وبالتالي يصبح المؤكد أنّ حكومتها استندت الى تقارير استخباريّة، وفق تنسيقها مع دوائر القرار الإقليمية الحليفة، دفعتها لاتخاذ هذا القرار.

رغم استبعاد فرضيّة عدوان اسرائيلي على لبنان نظرا لإدراك "اسرائيل" صعوبة وخطورة اي حرب مُزمعة مع حزب الله.. الا انّ الحذر والبقاء في حالة جهوزيّة لدى الحزب يبقى من المسلّمات لديه طالما انّ "اسرائيل" كيان قائم على الحرب، وهي ركن اساسي من اركان وجوده واستمراره.

وفي حين اعتبر خبراء ومحلّلون عسكريّون انّ تحذير الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في اطلالته الأخيرة، بعزم الحزب تحرير الجليل الأعلى في اي حرب قادمة، استشعارا ًمنه ب "عمل ما" معادٍ تمّ تجهيزه ضدّ لبنان، إلّا أنّ خيار الحصار وإنهاك "ملعب" حزب الله من الداخل، من دون إطلاق رصاصة واحدة، يبقى الخيار الأمثل في أروقة تل أبيب.

وبالتالي، يصبح الحذر والتنبّه من "التفجير" من الداخل مشروعاً، طالما أنّ فضاءلبنان وأبوابه مشرّعة على كافة أجهزة الِاستخبارات المعادية، وطالما أنّ اليد الأميركية- عبر سفارة عوكر-تُمسك بزمام أبرز المؤسسات الأمنيّة، حتى "كارتيلات" النفط والدواء، ولها "مونة" كبيرة على الأجهزة القضائيّة والإعلاميّة.. وشخصيّات لبنانيةمعروفة الارتهان للحلف الاميركي- السعودي-الإسرائيلي..

ونقلاً عن معلومات صحافية فرنسيّة استندت الى مصدروُصف ب"الموثوق"في موقع"ذا كناري" الإخباري البريطاني، فإنّ حدثاً أمنيّاً كبيراً في لبنان، قد يكون خلف تحذير الحكومة البريطانيّة لرعاياها، بعدم السفر إلى لبنان.

إلّا انّ الصحافي الاستقصائي، في موقع "ميدل ايست آي": إيان كوبين، خفّف من خطورة أيّ أحداث أمنيّة مُرتقبة، في لبنان بالمرحلة القادمة، معتبراً أنّ أيّ ضغط أمنيٍّ خطيرٍ على حزب الله، سيتمّ التكفّل بالرّد عليه عن قرب، من بوابة صنعاء، حيث "المارد الحوثي" الذي يقضّ مضجع وليّ العهد السعودي، مُرَجّحاً حدثاً بحريّاً قد يحصل للمرّة الأولى، بين "اسرائيل" وحركة " انصار الله"، تُسدّد من خلاله الحركة مفاجأة " من العيار الثقيل" تستقطب اهتماماً دوليّاً واسعا!