زمن المعايير المزدوجة\ د. هبة جمال الدين
عين علی العدو
زمن المعايير المزدوجة\ د. هبة جمال الدين
د. هبة جمال الدين
9 شباط 2022 , 07:41 ص


بقلم - الدكتور هبة جمال الدين

مدرس العلوم السياسية بمعهد التخطيط القومي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية

من أكثر الكتب مبيعا بجامعة هارفرد كتاب للكاتب الصهيوني ويليم أوري بعنوان getting yes without giving in اي الحصول علي الموافقة بدون تقديم شئ، حيث يعد من أكثر الكتب رواجا في مجال المفاوضات.

فبلمحة سريعة عن ويليم أوري، يمكننا قراءة ما وراء السطور في كتابه. فقد كان من فريق المفاوضات الأمريكي مع الرئيس كارتر، واشترك في الفريق الأمريكي في مفاوضات كامب ديفيد، وصاحب فكرة مسار ابراهيم، ورئيس مجلس الأمناء العالمي لمبادرة مسار ابراهام بجامعة هارفرد.

ولعل هذه المقدمة تمهد ما ساطرحه حول ملخص الكتاب الصهيوني الخطير، ربما نستطيع قراءة ما يحدث حولنا من أحداث مخلة في عالم مختلف لا نعرفه.

يري أوري أن من أهم قواعد التفاوض أن تخرج صاحب الحق من اهتمامه بقضيته، ليهتم بالامور الفرعية ويترك صلب القضية. فتحول اهتمامه عن لب الموضوع ليتحول للدفاع عن فرعيات غير مهمة، ويترك قضيته الأساسية.

ولضياع القضية احرص علي الخروج بحل يرضي الجميع بدون ملامح، يبعد عن جوهر القضية، ولكنه خلطة بين الحق والباطل. ويري أن المفاوض الناجح هو من يتفاوض مع الاقوي وليس صاحب الحق فربما لا يكون هو الاقوى. والمفاوض الناجح هو من يركز علي المصالح وليس المواقف، فالمصلحة هي المحرك والدينمو في عملية المفاوضات.

هنا يمكننا تفسير ظواهر غريبه من حولنا:

الدفاع المطلق عن الفن مقابل القيم التي يطرحها ويروج إليها، فتجد من يدعم أصحاب ولا اعز ويغالي في دعمه، رافضا تفنيد فحوي الرسائل الاتصالية التي تبث خلاله. ويصر في المغالاة واصفا المعترض بالتشدد والتخلف والرجعية. فلنركز علي الأمور الفرعية وليس جوهر القضية.

رجال أعمال يدفعون ملايين الملايين للعبة واحدة "كرة القدم" دون الاهتمام ببقية الالعاب. ويدعمون ويهللون ويمولون تلك اللعبة ويعزفون عن تمويل العلماء والباحثين، علي الرغم من أننا مع مجيء الكورونا تأكدنا أن العالم مكون ومقوم بل وفاعل رئيسي لبقاء المجتمع، وان الفجوة بين العالم المتقدم والنامي بالفعل هو العلم والانفاق علي البحث العلمي. إلا أنهم يفضلون الوقوف مع الاقوى وليس صاحب الحق.

تجد من يرحب بالتطبيع مع الصهاينة وإسرائيل، مُعليا مصلحته الشخصية علي مصلحة المجتمع ورافضا القضية و الموقف مرددا عبارة "اسرائيل ليست قضيتي". والعجيب انك تجد من يصطف مع الخائن متنمرا بالوطني الرافض لتلك النماذج. فهم يدخلوننا في الفرعيات تاركين جوهر القضية، وأصبحت اسرائيل وجهة نظر، ولكن هذا الخلل فقط عند المرتزقة من الخونة العملاء.

تشاهد اهتمام الإعلام الغربي وبعض المنابر العربية بنماذج ساقطه من مدعي البحث والخبرة في الدين، ويسمحون لهم بإهانة الأزهر الشريف والتهجم علي فضيلة الامام الاكبر تحت دعوى الرأي والرأي الاخر، ورفض التشدد والتجديد.فاي تجديد ترغبون ام أنكم تشوهون الرموز وتتاجرون بالقيم لصالح أفعي رقطاء.

تجد القوي العظمي تصدر قانون يصف اليهود من أصول عربية باللاجئين، وتمنع تمويلها للانروا، وتشجع اسرائيل علي اصدار قانون يمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين. فهي تقف مع الاقوي من وجهة نظرها وترفض صاحب الحق بل تلفظه لفظا. وتخلق حق للمغتصب من ليس له أية حقوق.

نشاهد اصطفاف العالم بإعلانه كله لإنقاذ ملاك صغير في المغرب، احتمالات خروجه حي بعد خمس ايام بدون ماء او طعام أمر مستبعد، ويبعدون عن مساعدة ملايين الملائكة المشردين من الأطفال السوريين والفلسطينيين والصوماليين والعراقيين واليمنيين. فما سبب اهتمام العالم بريان سؤال ربما إجابته سنشاهدها بعد حين.

ومع كل هذه المشاهدات التي تؤكد منهج أوري في التفاوض والنهج الصهيوني اليومي، الذي أصبح موجود أمامنا، ولكن الشرفاء أصحاب الممانعة مازالوا مقاومين رافضين.

فانتصر الاتحاد الأفريقي لتجميد عضوية اسرائيل كمراقب في الاتحاد الأفريقي، وتشكيل لجنة للدراسة. تؤكد رسالة مهمة أن الاحرار ما زالوا يناضلون.

انتفض الشارع المصري رافضا الغريب والمريب من القيم كفيلم أصحاب ولا اعز. كما نجد المارد المصري دوما ينتفض ضد كل من حاول التطبيع وجهر به، حتي وان كان عن جهل. ومع كل محاولة نجد المارد واقفا متصديا رافضا. فلتشاهدوا الفرحة والدعم علي صفحات التواصل الاجتماعي بعد خبر تجميد عضوية اسرائيل في الاتحاد الأفريقي، الأمر الذي يعد رسالة قوية لاستمرار الممانعة والمقاومة والرفض والتمسك بالحق.

كما نشاهد هبة الشارع المصري داعما لفضيلة الإمام الأكبر ضد الشرذمة المدعية. فكلنا نتذكر الدعم والحب الذي حظي به فضيلة الإمام بعد رفضه لما يسمي بالديانة الابراهيمية.

وكشف فضيلته النقاب عن الافعي الصهيونية الداعمة والمروجة له. ليعلم العالم الرفض الكامن في الشارع المصري والعربي والإسلامي الافعي الصهيونية المتحولة.

فمازال الشرفاء احياء يناضلون، ولن ينجح منهج ويليم أوري في الوطن العربي والإسلامي تحيا مصر، وممانعة الشارع المصري الوطنية باقتدار. 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري