حوار مع معطل عن العمل / جزء 2\ جورج حدادين
مقالات
حوار مع معطل عن العمل / جزء 2\ جورج حدادين
جورج حدادين
18 حزيران 2022 , 05:33 ص


أنت معطّل عن العمل، لست الوحيد، بل ضمن كم هائل من قوى العمل، في هذا البلد، في الوقت الذي تعترف القيادة الاقتصادية بنسبة بطالة تتجاوز 25% تقدر بعض المنظمات الدولية البطالة في الأردن فوق 35%،

نعم معطّل ولكن، ضمن حالة تسمى البطالة، والبطالة ظاهرة ناجمة عن ثلاثية:

التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية السائدة، و بنية الدولة القائمة، والنموذج الثقافي السائد.

والبطالة ظاهرة مرتبطة بطبيعة ووظيفة الدولة القائمة ونهجها، فدول المحيط التابع بسبب طبيعتها الاستهلاكية الريعية، والأردن واحدة منها، يتعذر عليها، لا بل من المحال معالجة أزمة البطالة الممتدة، لأسباب موضوعية، وبما أن الاستيراد يبلغ ثلاثة أضعاف التصدير، فيترتب على هذه المعادلة عجز دائم في الموازنة، تولّد أفة متوالية المديونية، التي تشكل آلية إخضاع الدولة والمجتمع لقرار الدائن، وسلب القرار الوطني السيادي المستقل من قبل المركز الرأسمالي العالمي، الطغمة المالية العالمية، عبر أدواتها البنك وصندوق النقد الدوليين.

نهاية ثمانينات القرن المنصرم، صدم الشعب الأردني بواقع مؤلم:

مديونية بلغت حوالي ستة مليار دولار، في ذلك الحين كان الدينار يعادل ثلاثة دولارات، وأن الذهب قد اختفي من البنك المركزي، الذهب الذي كان غطاء الدينار، وكالعادة النظام المستهلك الريعي يضطر ويختار أسهل الطرق للخروج من الأزمة، إلقاء عبء الخروج من الأزمة على كاهل الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، وتم رفع الأسعار وخاصة المشتقات النفطة، التي كانت الشرارة التي أطلقت حالة الغضب الشعبي الهائل والذي امتد على مساحة الوطن، المدن والقرى والمخيمات،

واستغلت هذه الأزمة الطاحنة من قبل مجموعة التبعية الحاكمة الاقتصادية والسياسية، لفسح المجال أمام صندوق النقد والبنك الدوليين لفرض الانتداب الثاني على البلاد.

ادعى الصندوق أنه يملك الحل السحري لهذه الأزمة، وطرح مايسمى مشروع الاصلاح الاقتصادي، وادعى فوق ذلك أنه بمقدوره خلال عشر سنوات إخراج البلاد من الأزمة،

كان العمود الفقري لهذا المشروع:

1. خصخصة القطاع العام والشركات المساهمة العامة العائد ملكيتها للشعب

2. رفيع يد الدولة عن التدخل في آلية السوق، تشريع شريعة الغاب.

3. رفع يد الدولة عن دعم السلع الأساسية، أي تحميل الشرائح الكادحة والمنتجة، والمهمشين والمعوزين، وصغار الكسبة والمزارعين ومربي المواشي تداعيات الأزمة.

4. فرض قوانين السوق الرأسمالي العالمي، العقد شريعة المتعاقدين، فك الإرتباط بين النقابات العمالية والمهنية، ومنع هذه الأطر من الدفاع عن مصالح منتسبيها

5. ترشيق الدولة، بحسب مقولة رئيس الوزراء الأسبق، عبد السلام المجالي: تقسيم موظفي الدولة إلى ثلاث فيئات، الحمولة الزائدة، والثلث المعطل ، وفقط ثلث واحد عامل

نتيجة تطبيق هذا المشروع " الإنقاذي" المفروض من صندوق النقد، ممثل الطغمة المالية العالمي، وعجز القيادة الاقتصادية والسياسية عن المقاومة، لا بل الانبطاح التام أمام رغبة الخارج والتخلي التام عن مصالح الوطن العليا، ازدادت البطالة بمتوالية هندسية، وازدادت المديونية بأرقام فلكية

يتبع..

المصدر: موقع إضاءات الإخباري