عودة للعصر الحجري أم سلام يمشي على البارود\ مها علي
مقالات
عودة للعصر الحجري أم سلام يمشي على البارود\ مها علي
5 آب 2022 , 13:48 م


الكاتبة: مها علي

حدثٌ انتظره العالم بترقب, زيارة نانسي بيلوسي التي وُصفت بالمتهورة في ظل جو من الانتقام والوعيد وإشعال فتيل الحرب , فالسيناريو ليس ببعيد عما شاهدناه في أوكرانيا.

لكن بيلوسي وباختصار شديد هي المرأة التي تحدت القيادة الصينية من داخل الصين قبل عشرات السنوات عندما كانت لا تزال في مقتبل العمر,

وتحديداً عام 1991, وهو الحدث الأكثر شهرة لبيلوسي, في ذلك العام كان قد مر سنتين على الاحتجاجات ضد الحكومة الصينية والتي اندلعت في منطقة تانارمين بالعاصمة بكين, حيث سحق الشيوعيون الاحتجاجات وواجهوها بعنفٍ وصرامة, وبعد هذه الاحتجاجات بعامين زار وفد أمريكي رفيع المستوى العاصمة الصينية ومن بين ذلك الوفد كان اسم نانسي بيلوسي حاضراً, وكانت آنذاك نائبة في مجلس النواب عن ولاية كاليفورنيا, وبعد وصولها إلى الصين قررت بيلوسي زيارة ميدان تانارمين برفقة اثنين من زملائها وهناك رفعت لافتةً تحيّي ذكرى المتظاهرين كُتب عليها: (لأولئك الذين ماتوا من أجل الديمقراطية في الصين,) وعلى وجه السرعة حضرت الشرطة الصينية وطردتها من المكان, ونددت الخارجية الصينية بهذا الحادث ووصفته بأنه مهزلةٌ مع سبق الإصرار.

بالعودة للحدث الحالي, غادرت بيلوسي تايوان في الثالث من آب الجاري بعد رحلة سريعة لم تستغرق سوى 24 ساعة, التقت خلالها برئيس تايوان تساي إينغ وين ودافعت بيلوسي عن رحلتها بأنها تُظهر التزام الولايات المتحدة بالديمقراطية,وتعترف باستقلال تايوان عن الصين, لترد الصين بتدريبات عسكرية وتهديداتٍ بعقوبات مستقبلية للولايات المتحدة,

وهي تعلم أن ذلك قد يتسبب برد فعل كبير من المجتمع الدولي وخصوصاً من قبل اليابان واستراليا وأمريكا, إذ أن اليابان تعلم بأن الصين شعباً قبل الحكومة متعطشون للانتقام منهم بسبب احتلال بلادهم لعقود وقيامهم بمذابح بحق الشعب الصيني, وقتل وتعذيب واغتصاب مئات الآلاف منهم, وأكثر ما يزعج الصينيين أن اليابان لا تقبل الاعتراف بالفظائع التي ارتكبتها بحقهم حتى أن كتب التاريخ اليابانية تبرر جرائمهم بالحرب العالمية الثانية وهو الشيء الذي لا يغضب الصينيين وحدهم بل يغضب كوريا الشمالية وسنغافورة التي كانت محتلة من قبل اليابان أيضاً, لذلك يسعى اليابانيون جهدهم بأن لا تصبح الصين أقوى مما هي عليه الآن,

إلا أن الصين هي أكثر دولة في العالم مستعدة للدخول في حرب كبرى في أية لحظة بل أن الاقتصاد الصيني متين وهي تملك ما يؤهلها لخوض حرب طويلة ولديهم أكبر مخزون من الغذاء في العالم, كما أن الشعب الصيني مُجيّش بالكامل , بالإضافة إلى أن الصين تملك مواقع خاصة بها للتواصل الاجتماعي وعلى الإنترنت لديها محركات بحث خاصة بها, فغوغل وغيرها من محركات البحث لا تعمل بحريةٍ في الصين.

كما نستطيع القول أن الصين لاتنسى المذلة, لأن بريطانيا استعمرت هونكونك الذي هو جزء مهم من الصين لمدة مئة عام,

فبعدما استطاع الحزب الشيوعي من السيطرة على البلاد عام 1949, إثر حربٍ أهلية خاضها ضد الحكومة الوطنية الصينية وخسرت هذه الحكومة الحرب أمام الحزب الشيوعي هرب كبار القادة والأعضاء إلى جزيرة تايوان التي كانت جزءاً من الصين كي يعلنوا تايوان مقراً جديداً لحكومة صينية مخلوعة بعدما كانت تايوان تحت الاحتلال الياباني لمدة عقود, وقد زادت العلاقة سوءاً بين الصين وتايوان في العام 2016 بعد تولي تساي إينغ وين السلطة في تايوان و اتصلت بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بعد فوزه بالرئاسة وعندها تغيرت السياسة الأمريكية تجاه تايوان وتعهدت الولايات المتحدة بتزويدها بأسلحة دفاعية, رغم أنها هي والأمم المتحدة كانت معترفة بأن تايوان جزء من الصين, والأخيرة التي كانت تسعى لعقود لأجل ضم تايوان إليها بشكل سلمي غضبت كثيراً من التقارب التايواني الأمريكي.

والآن وبعد مراقبة الصين للهجوم الروسي على أوكرانيا صارت مستعدة أكثر من أي وقت مضى في الهجوم على تايوان وتوحيده مع الصين بالقوة, لذلك بدأت ترسل قواتها البحرية إلى قرب الجزيرة, وربما يتفاجأ العالم في أية لحظة بهجوم صيني كبير على تايوان بعكس ما حدث عندما هجمت روسيا على أوكرانيا, إذ توجد هناك حدود برية بين روسيا وأوكرانيا وهو الشيء الذي دفع حشد الجيش الروسي على الحدود قبل انطلاق العمليات العسكرية ما أعطى الفرصة للعالم بأسره بمعرفة وقوع هجوم روسي على أوكرانيا قبل ساعة الصفر بأسابيع, أما الصين فهي قد تهجم بسرعة عبر البحر والجو والبوارج الحربية دون أن يعرف العالم أي شيء قبل ساعة الصفر, لذلك فسكان تايوان يعيشون على أعصابهم الآن والدبلوماسية التايوانية تتحرك حول العالم تحذر من قرب حدوث هجوم صيني عليهم وتطلب الدعم والتعبئة,

هذا وتعتبر استراليا من الدول التي تربطها مصالح مهمة بالمحيط الهادئ مع تايوان وتريد أن تبقى تايوان على ما هي عليه الآن وألا تعود إلى الصين , لذلك فالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين تعتبر من أفضل العلاقات.

أما من ناحية الأسلحة وعديد قوات الجيش فالصين تملك أحدث الأسلحة المعلنة عنها ناهيك عن السرية التي لا يعلم أحد عنها أي شيء بعد, وأسطولها البحري يعتبر أكبر قوة بحرية في العالم وهي مستمرة في انتاج السفن الحربية والطائرات المقاتلة , كما وتحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم من ناحية عدد الجنود لأكثر من ثلاثة ملايين جندي مدرب لذلك يعتقد نائب وزير الدفاع الأمريكي بأن التهديد الذي يشكله الصين على الأمد البعيد بالنسبة لأمريكا هو أكبر بكثير من التهديد الذي تشكله روسيا وخاصة في مناطق استراتيجيه مثل المحيط الهادئ.

وختاما أود القول أن العالم ماضٍ إلى حرب لكي يصبح عالماً متعدد الأقطاب ولكن ربما يأخذ بعض الوقت أشهر أو سنين لا نعلم, وذلك لأن تايوان أهم منتج للرقائق الإلكترونية في العالم وإن تم تدميرها هذا يعني أننا سنعود للعصر الحجري لأن كافة أنواع التكنولوجيا والكهربائيات لا تعمل إلا من خلال هذه الرقائق , فلا يجب أن نتمنى الحرب الشاملة وأن نسأل الله اللطف.   

المصدر: موقع اضاءات الإخباري