اوصى تاجر عجوز اولاده الثلاثة قبل سفرهم عبر الغابة :" لا تأكلوا من اي ثمر او نبات او بُقول لا تعرفونها أو سَبَق أن اكلتم منها فقد تكون سامّة قاتلة."
سافر الابن الاصغر في اليوم الاول ولما اقترب من قرية في الغابة توقف عند شجرة عليها ثمار يانعة تشبه التفاح الصغير الحجم ولكنها تختلف عن التفاح قليلا ويقرب شكلها من ثمر الزعرور الكبير. قال الشاب في نفسه:" صحيح ان ابي اوصاني ان لا آكل ثمرا لا أعرفه ولكن هذه الثمرة الجميلة التي تشبه التفاح او الزعرور لا بد ان تكون جيدة ولذيذة." أكل الشاب منها. استساغ مذاقها فأكثر منها. وفي الليل اصابه مغص شديد وتسمم جسمه ومات. وفي الصباح جاء اهل القرية. جرّوه من رجليه ودفنوه بعيدا واستولوا على عربته وبضاعته.
في اليوم الثاني وصل اخوه الى نفس المكان. رأى الشجرة وثمرها ولم يتعرّف على نوعها فقال:" صحيح ان أبي اوصاني الا آكل ثمرا لا اعرفه؛ ولكن دعني أذُقه فقط لعله جيد ولذيذ غير اني سأحترم في النهاية وصية ابي." فأكل منها ثمرة واحدة وتوقف عن الاكل احتراما لابيه. وفي الليل أصابه مغص شديد وأخذ يتلوى ويتقلّب من الوجع ولكنه لم يَمُت. تحامل على نفسه وقام وتابع سيره نحو المدينة بحثا عن علاج.
في اليوم الثالث وصل اخوه الكبير وجلس تحت الشجرة. انتظر اهل القرية طويلا ثم توجهوا اليه فوجده يأكل طعامه فسألوه:" لماذا لم تأكل من ثمار الشجرة اللذيذة فوقك وانت كما يظهر جائع وآتٍ من مكان بعيد؟ فقال الاخ الكبير:" انها شجرة سامّة." فقالوا له وكيف عرفت انها سامّة؟" قال لهم:" الشجرة قريبة من القرية وسهل الحصول على ثمرها. فلو كانت الشجرة طيبة وغير سامّة ما بقي ثمرها الى اليوم." وتابع سيره فوجد اخاه في الطريق بين حي وميت يعاني اشد الالام فعرف انه أكل من ثمر الشجرة السامّة فجعله يستفرغ ما في بطنه وعالجه باطعمة وشراب كان معه وشفي اخوه.
أكل كثيرون من شجرة اوسلو السامة حتى شبعوا وماتوا وعلى رأسهم الشهيد الرمز ابو عمار. وذاق كثيرون ثمرة اوسلو السامة وهم يتلوّون مغصا وآلاما مبرّحة ولكنهم احياء. يحتاج هؤلاء ان يتقيّأوا ويستفرغوا ما في بطونهم. ولكن افواههم قد صُكّت وأُغْلِقت وتَشَنّجَت وهم يرفضون علاج شعبهم عنادا لا غير؛ من بينهم اعضاء اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية والمجلس الوطني والمجلس الثوري... ولكن آخرين كثيرين عرفوا بحنكتهم السياسية ووصايا آبائهم وجدادهم الشهداء المناضلين الذين رفضوا تذوّق ثمار الاشجار السامة مثل وعد بلفور وقرار التقسيم والاعتراف باسرائيل وحلّ الدولتين... هؤلاء عرفوا ان شجرة اوسلو ثمارها سامّة فامسكوا فؤوسهم وأقسموا:
" الموت لأوسلو."
يا دولنا العربية، لو كانت اسرائيل شجرة طيبة الثمار، وانتم تعلمون انه من السهل قطاف ثمارها، لَما رفض شعبكم العربي الفلسطيني ان يأكل منها. اسرائيل شجرة سامة، أكل منها بعضنا وماتوا؛ وكلّنا نتألم من شتاتٍ وحصارٍ وجوعٍ وخوفٍ وموتٍ ودموع. نوصيكم ان لا تقتربوا منها ولا تتعاملوا معها لا بالتطبيع ولا بالتنسيق ولا بالمعاهدات ولا بالصلح. بل واجب ديني ووطني واخلاقي عليكم قَطْعَ هذه الشجرة السامة والقائها في النار.
.الأب منويل