كتب الأستاذ حليم خاتون: بناء الدولة في لبنان على القطعة.
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: بناء الدولة في لبنان على القطعة.
15 آب 2022 , 19:51 م


في المانيا قررت الحكومة مواجهة ارتفاع أسعار النفط عبر إصدار بطاقة مواصلات لمدة شهر بتسع يورو...

ممكن استعمال كل القطارات العادية، وكل الباصات المحلية والمناطقية لمدة شهر بالكامل لمجرد شراء بطاقة 9€ ticket...

لمواجهة ارتفاع سعر زيت التدفئة، لم تدعم الحكومة الألمانية تجار هذه المادة كما فعلت السلطة في لبنان؛

لم تقم بدعم عشوائي يستفيد منه الغني والفقير على حد سواء كما حصل ويحصل دوما في لبنان...

قررت الحكومة تخصيص مبلغ من المال يساوي حوالي ٣٠٪ من إيجار السكن لمدة شهر على اعتبار أن المستاجرين هم الطبقة المحتاجة في المجتمع؛ ( في ألمانيا، لا تصدر الحكومة قرارات همايونية تسمح لميكانيكي سيارات مثلاً أن يتعامل مع الزبائن بالدولار الذي يساوي ٣٢٠٠٠ليرة, لكن يدفع الايجار للمالك بالليرة على أساس سعر ١٥٠٠ ليرة للدولار)...

في ألمانيا لا يحتل مستأجر مغترب في أميركا شقة خمس غرف في بيروت، مقابل إيجار شهري حوالي دولار ونصف في نظام الاقتصاد الحر وقدسية الملكية...

لمواجهة التضخم قررت الحكومة إعفاء العمال والموظفين من جزء من ضريبة الدخل تصل إلى حوالي ٣٠٪... لأن الناس في المانيا تدفع ضرائب...

لم تقم كما فعل رفيق الحريري بتخفيض الضرائب عن الشركات، وضرب ميزانية الدولة عبر إنقاص الجمارك وفتح الأسواق لاستيراد ما لا يلزم...

حتى قمنا باستيراد الزهور ونحن بلد الشمس والماء...

في لبنان يختلف الجميع في الكثير الكثير من الأمور...

أن لا يستطيع هؤلاء الاجتماع وحل هذه الأمور قد يكون مقبولا مع الكثير من التحفظ...

لكن هناك أمور يتفق الجميع على وجوب حلها... لكنهم جميعا لا يريدون الجلوس للوصول إلى مخرج...

إن يختلف ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي ووليد جنبلاط ومحمد رعد وسعد الحريري وسمير جعجع وسليمان فرنجية على قضية الفيدرالية مثلاً يمكن القبول به إلى زمن ما...

لكن أن يتفق كل هؤلاء على وجود مشكلة في الكهرباء مثلاً ولا يجلسون إلى طاولة حوار لإيجاد حل لهذه المشكلة...

هذا له معنى واحد...

كل هؤلاء كذابون...

الأمر بسيط...

روسيا قدمت وتقدم مشاريع...

الصين كذلك...

فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية كذلك...

إيران...

المشاريع المطروحة على الطاولة كثيرة...

لماذا لا يجتمع كل هؤلاء ويشاهد المواطن اللبناني مباشرة على الشاشة كيفية سير النقاش...

الذي يرفض الفيول الإيراني المجاني، عليه أن يعطينا البديل...

الغريب أن محمد رعد وسمير جعجع وميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية و... و...

الكل موافق على هذه الهبة المجانية؛ لكن أحدا لا يحرك ساكنا للقيام بما يجب لجلب هذه الهبة والمباشرة بحل مشكلة الكهرباء...

يا اخي إذا كان الاعتراض من ميشال معوض أو فارس سعيد، قولوا هذا لشعب لبنان...

لكنكم انتم ملوك هذا البلد...

تسيطرون على اكثر من ٩٠٪ من مجلس النواب، الرئاسات الثلاث بأيديكم بهذا الشكل أو ذاك...

القضاة خدم في هيكل السلطة عندكم...

المؤسسات العامة والخاصة في البلد رهن الاشارة لديكم...

إذاََ لماذا لا يأتي هذا الفيول...؟

الذي يرفض الغاز أويل الرخيص من روسيا مثلاً، عليه الذهاب الى الخليج أو اميركا للحصول على هذه المادة بنفس الشروط...

الهند، أحد أصدقاء اميركا في المنطقة تشتري كل مواد الطاقة من روسيا ولا تعير أي اهتمام لرفض الغرب لهذا الأمر...

كم من المرات اجتمع هؤلاء في مؤتمرات حوار وطني لم تصل إلى شيء...

اجتمع هؤلاء ووضعوا كل الملفات على الطاولة...

الشعب اللبناني شعب من التجار...

عندما تتواجد كل الملفات على الطاولة، تدور المقايضة على وزن اعطيني هنا كي اعطيك هناك...

(غني لي، "تغني" لك...)

لذلك الحل الوحيد هو في أخذ كل ملف على حدة...

لا يختلف أحد على أن هؤلاء لصوص وسوف يسمسرون لحل هذا الملف... لكن على الأقل، يتم حل هذا الملف تحديداً...

بعد الكهرباء، نأتي إلى الغاز أويل...

ثم البنزين... ثم الرواتب... ثم وثم وثم إلى أن نجد حلولا لما ليس عليه خلاف...

هل يكفي هذا لبناء الدولة؟

ربما لا...

لكن على الأقل يكون عندنا قطعة من دولة حتى يأتي عزرائيل ويقوم بعمله ونخلص من كل هؤلاء غير مأسوف عليهم... ربما يصبح لنا دولة بعد ذلك...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري