كتب الأستاذ حليم خاتون: ماشية والرب راعيها!.
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: ماشية والرب راعيها!.
9 أيلول 2022 , 11:36 ص


كيف يعيش اللبنانيون، هو السؤال الذي لا إجابة علمية محددة عليه...

إنها مرحلة ما قبل العاصفة، يقول البعض...

في بدايات الأزمة، توقع الاقتصادي دان قزي، صاحب تعبير "اللولار" الشهير، أن يصل لبنان الى مرحلة ال"Mad Max" في استعارة من أحد افلام كيفين كوستنر، حيث تسود أقصى درجات قانون الغاب والفوضى الناتجة عن انحلال كل السلطات واختفاء مقومات الدولة كنتيجة طبيعية لذلك...

من يعيش في لبنان يرى أننا لم نصل بعد إلى هذه المرحلة، وإن كانت هناك ظواهر عديدة وأحداث تنم عن شيء من هذا القبيل...

الاميركيون الذين قاموا بحل الجيش العراقي وتدمير مقومات الدولة في ذلك البلد غداة الغزو، أرادوا في واقع الأمر، تطبيق نظرية ال Mad Max تلك، وقد نجحوا في ذلك إلى حد بعيد، حيث تم حصر سلطة الدولة وأجهزتها العاملة داخل ما يسمى المنطقة الخضراء في بغداد، بينما يسود وضع شبيه باللانظام في بقية البلد، باستثناء كردستان التي حافظ عليها الاميركيون كي تكون إحدى قواعد الارتكاز لقواتهم المنتشرة في المنطقة والتي تقوم بمهمة تعميم الفوضى في بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين بانتظار الوصول إلى الشيء نفسه في وادي النيل...

الاميركيون يعرفون جيدا أن إمكانية بعث الحضارة العربية يستند إلى ذلك المثلث التاريخي القائم على ثلاثة أضلاع:

مصر، سوريا والعراق...

لذلك يجري العمل على تنفيذ مخططات مؤتمر كامبل العائد إلى بدايات القرن الماضي باكثر من خطة وأكثر من وسيلة في الوقت عينه...

لبنان جزء من بلاد الشام...

لبنان بلا مقاومة، كان هو أيضا من نقاط ارتكاز جهاز التخريب الأميركي في المنطقة...

الاميركيون يعرفون أن دور كلب حراسة الإمبريالية في المنطقة الذي يلعبه الكيان الغاصب لفلسطين آيل إلى السقوط...

تراكم الفعل المقاوم في المنطقة وصل أخيرا إلى نقطة فقدان السيطرة الأميركية...

عندما تفقد اميركا السيطرة على بلد، تقوم بتخريبه...

انتشر الفكر الثوري الاسلامي رغم كل محاولات الأميركيين التي بدأت بمحاولات التدخل المباشر في إيران، وصولا إلى الاغتيالات والعمليات الخاصة، ومرورا بحصار فاق كل انواع الحصار على الكرة الأرضية...

حتى خلق وحش ارهابي وهابي متعدد الولاءات فشل في مواجهة انبعاث فكر الثورة الحسينية التي شاء البعض ام أبى، لا تزال فتية وتحتوي رغم كل شيء على عناصر انتفاضة...

حتى الأديان يمكن أن تلعب دورا تقدميا أحيانا، كما أن أحزابا تدعي الماركسية يمكن أن تصبح بين ليلة وضحاها من كلاب الفاشية...

الاميركيون البارعون في بيع وشراء الثورات فشلوا حتى الآن في شراء حزب الله...

ما يحصل في لبنان هو أحد مخططات الأميركيين في مواجهة هذا المد الديني الثوري الذي لا يزال يتمتع بالكثير من عناصر القوة...

لم يبق أمام الأميركيين غير تخريب البلد بعدما فشلوا في تطويعه...

منذ حوالي العقد من الزمن، جاء الرئيس الأميركي الأسبق وممثل الدولة العميقة في أميركا، جيمي كارتر، وطلب اللقاء مع حزب الله...

رفض الحزب، لأنه غير جاهز لا للبيع ولا للشراء...

لكن الأميركيين لم يعدموا وسيلة حتى نجحوا عبر رفيق الحريري حيا، في جر حزب الله للمشاركة في السلطة في لبنان مع كل ما تعنيه هذه المشاركة من الانغماس في لوثة أحد أكثر أنظمة الفساد في العالم تنظيماً...

أما ميتا، فقد خدم رفيق الحريري الأميركيين في تأجيج الفكر المذهبي وعناصر الفتنة التي يسير عليها اتباعه بكل بلاهة وغباء...

ما نعيشه في لبنان هو فساد منظم...

نظرية المؤامرة ليست على الإطلاق نظرية خشبية...

يقوم فكر الهيمنة في أميركا على زرع أكثر من عنصر، وتنفيذ أكثر من مخطط واحد في أي مجتمع، حتى إذا ما فشلت خطة تم اللجوء إلى الخطة الثانية، ثم الثالثة إلى ما لا نهاية كما لو كنا نعيش في مختبر "بنى اجتماعية"، وحيث الشعب اللبناني، بكل فئاته، هو فأر الاختبار في هذا المجتمع...

اعتقاد بعض اللبنانيين أن اميركا مغرمة بهم، أو أنها لا تنظر إليهم كفئران تجارب ضمن المجموعة اللبنانية، هو كما عاشق العاهرة الذي لا يريد أن يفهم أنه ليس أكثر من وسيلة كي تسيطر تلك العاهرة على وضع الدعارة في المنطقة...

لبنان ملهى ليلي، اميركا فيه هي الباترون التي تدير كل الأحزاب والحركات التي تمارس فعل الدعارة...

هناك تلك الوافدة الجديدة على المشهد التي تم جر رجلها إلى الكار...

لكنها لا تزال ترفض أن تفقد شرفها؛ هي لا ترفض الحديث والمسامرة مع بقية العاهرات في ذلك الملهى... لكنها لا تزال على عذريتها... حتى الآن على الأقل...

يقول أنصار حزب الله وجمهور المقاومة ردا على اي نقد، أن السيد حسن "بالع الموس"...

حزب الله هو ليس فقط "بي الصبي"...

حزب الله هو ام الصبي وخاله وعمه وخالته وعمته إلى ما شاء الله...

لذلك يسكت حزب الله عن المنكر ...

حتى متى؟

ربك أعلم...

يشبًه الكاتب امين قمورية لبنان بطائرة في الجو، مات الطيار ومساعد الطيار فيها ولم يبق غير الطيار الاوتوماتيكي...

الحقيقة هي أن لبنان فعلا طائرة في الجو، لكن الطيار والمساعد والمضيفين لم يكونوا بل قاموا بخطف الطائرة وسلب الركاب من كل ما يحملون...

هم لا يزالون مختلفين على توزيع ما قاموا بالسطو عليه، ويريدون من الركاب خلع حتى ملابسهم كي يقوموا بسلبها أيضاً...

يجري كل هذا بينما يقف مضيف واحد فقط حائرا لا يعرف ماذا يفعل...

يحاول انزال الطائرة بسلام بالتعاون مع الطيار الاوتوماتيكي...

يحاول إقناع الطيار ومساعده بالمنطق... لكن دون جدوى...

لقد تملكت غريزة السرقة والنهب على حواس كل الطاقم المختلف واحده مع الآخر...

لم يبق سوى القدرة الإلهية لإنقاذ الطائرة...

هكذا لبنان...

الكل يسرق الكل...

كل يفعل ما يشاء دون أي وازع...

لا احد يريد دفع ثمن الحياة من جيبه...

هم الجميع هو السرقة ثم السرقة ثم السرقة إلى ما شاء الله...

هم الجميع هو الإستمرار في نفس نظام النهب والسرقة، كل على قدر استطاعته، وفي المجال المتاح له...

لا احد يريد أن يحاسب أي احد آخر، لأنه هو نفسه جزء من نظام الفوضى المنتشر...

المضحك أن هناك أناسا لا يزالون يذهبون إلى كاتب العدل لتشريع بعض ما بقي من حياة...

المغتربون الذين جاؤوا، عادوا من حيث أتوا او يريدون الخروج من هذه العصفورية باسرع وقت ممكن...

هم يرون بأن العين أن الوضع يسير إلى الأسوأ كل يوم أكثر...

أنظار الجميع إلى النفط والغاز...

اللصوص يريدون وضع اليد عليه...

حزب الله يريد استعماله لاستعادة نفس النظام الذي أوصل البلد إلى كل هذه الفوضى!!!؟؟؟...

الشعوب اللبنانية التي رضيت بالفتات، تعرف أنها عاشت على الفتات طيلة العمر، بينما نهب أهل النظام كل "الهبرة"...

هم أيضا مستعدون للعودة إلى نظام الفتات، بانتظار الإنهيار التالي...

عمر حرفوش، قرأ شيئا عن جمهورية أفلاطون الفاضلة، ثم قام بنشر كلمات على لوائح الإعلان...

كلمات سوف تبقى كلمات يرددها البعض بلا معنى ولا قصد كما ماجدة الرومي وكما كل الشعوب اللبنانية في اتحاد كونفيديراليات الطوائف...

"نهائية الكيان" تبقى شعارا بين أربعة رجال دين على ألواح الاعلان؛ رجال دين ترك كل واحد منهم في لبنان ما يكفي من الذئاب لالتهام البلد وما فوقه وما تحته...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري