هيَ الخلافات وتفرُّقُ الصفوف والتنازعُ والمناوراتُ شَلَّت فريق 8 كما 14 آذار، وأصبَحَ من الصعب جمعُ الأضداد والأحلافِ على حدٍّسواء.
من بين الجميع، الذي تسلّل، ونجحَ بجدارة، هو نجيب ميقاتي، في أوَّل ضربة معلم مرَّرها بين النقاط، من دون أن يشعر بخطوتهِ اللئيمةِ أيُّ أحدٍ وسطَ إشادةٍ إعلاميةٍ من فريق عوكر، وصمتٍ مُطبِق من الجهة المقابلة.
ففي اِتفاقه هذا مع برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة، على إنفاق 5.4 مليار دولار على ثلاث سنوات مناصفةً بين اللبنانيين والنازحين يكون قد أعطى شرعية لهم في البقاء في بلادنا لثلاث سنوات أخرى، من دون أن يلتفت إلى الوضع الِاقتصاديّ الصعب في لبنان، الذي يشارك فيه اللبنانيين ما يزيد عن مليونَي نازح سوري بُناهم التحتية، من كهرباء وماء واستهلاك البنية التحتية للصرف الصحي التي لم تعُد تحتمل، بالإضافه إلى موضوع السكن الذي أصبح مشكلةً بالنسبة لأي مواطن لبناني، ناهيك عن البِطالة وما تشكِّله اليدُ العاملةُ السوريةُ غيرُ الشرعيةِ من مضاربةٍ كبيرةٍ له في سوق العمل.
الرئيس ميقاتي على خُطىَ أسلافه، لم يَلْقَ أيَّ معارضةٍ، ولم تُقَلْ كلمةٌ واحدةٌ في الموضوع، حتى بدا الأمرُ وكأنه إنجازللبنان!
على صعيد الملف الرئاسي، فإن معادلة سلام مقابل فرنجية هي أقوى ضربة لترشيح الأخير، فقابلهم حزب الله بمعادلة أخرى واجِهَتُها النديَّة النائب والوزير السابق عبدالرحيم مراد لرئاسة الحكومة، في إشارة منه للفريق الآخر بأن لغة المقايضة إذا ما أردتموها فإننا لن نقبل بأن يبقى لبنان رهينة ست سنوات قادمة تحكم اللبنانيين خلالها خلافات عميقة بين رجلين لا تجمعهما كيمياء، ولا يمكن أن يلتقيا أو يتقفا، كنوّاف سلام وسليمان فرنجية، خصوصاً وأنّ تجربةَ عون بري كانت قاسيةً جداً على حزب الله، ولن يكررهامهما كلف الأمرلذلك فإنّ الوضع سيكون مختلفاً هذه المرة، ومن الممكن أن يذهب الثنائي الشيعي بِاتِّجاهِ التوافقِ على شخصيةٍ تُرضي الشارعَ المسيحيَّ، وعلى رأسها بكركي، ولا تمانع عليها أميركا وغير مستفذة لحزب الله مقابل عبدالرحيم مراد أو أي شخصية سنية أخرى قد لا تكون مواليةً لهم ولكن ليست مستنفَذة، أوتحكمه أي خصومة معهم،
يحاول الثنائي الشيعي عدم الغَوص كثيراً في طرح إسم الوزير فرنجية للرئاسة لكي لا يتم حرق الأوراق التي يمتلكها ويفضل الإنتظار أكثر لرؤية ما ستتمخض عنه الإستشارات والإتصالات المسيحية المسيحية، وخصوصاً أن ترشيح ميشال معوض ليس جدياً، بالنسبة للقوات وبكركي وحزب الكتائب وباقي الأفرقاء، وسيستمرون بحرْقِ ورقته حتى تكشف بكركي عملياً عن إسم مرشحها الجدي والحقيقي الذي قد يُعلَن عن إسمه قريباً،
إذاً،فما سيُتَفَقُ عليه بالنسبة إلى الرئيس، أعني توافقياً، سينسحبُ على رئاسةِ الحكومة،وهذا الأمرُ سيطيح بنجيب ميقاتي الذي يرغب في إذكاء الخلافات بين جميع الأطراف،لِاستمرارِ التحدِّي، أو قبول فريق 14 آذار بفرنجية كمرشحِ تَحَدٍّ، وبقاؤهُ على رأس الحكومة كرئيس تحدٍّ.
الأيام تمرمُسرعةًوقدشارف اللبنانيون على الِانفجار، والسلطةُ القائمةُ تبحثُ عن تدويرِ ذاتِها، فماذا عن انتخاباتٍ نيابيةٍ مُبَكِّرةٍ، إن لم يحصل تفاق؟
بيروت في...
25/11/2022