كتبت الفنانة التشكيلية فاطمة ضيا.. وتبقى بيروت أيقونة البحر المتوسط.
ثقافة
كتبت الفنانة التشكيلية فاطمة ضيا.. وتبقى بيروت أيقونة البحر المتوسط.
11 أيلول 2020 , 00:51 ص
بيروت الميمونة - التي وصفها الشاعر الرومانيُّ "ننّوس" في ملحمته الخالدة"الديونيزكايا"، بقوله: " أرومة الحياة، مرضعة المدن، مفخرة الأمراء، أولى المدن المنظورة، الأخت التَّوأم للزَّمن، المعاصرة للك

بيروت الميمونة - التي وصفها الشاعر الرومانيُّ "ننّوس" في ملحمته الخالدة"الديونيزكايا"، بقوله:
" أرومة الحياة، مرضعة المدن، مفخرة الأمراء، أولى المدن المنظورة، الأخت التَّوأم للزَّمن، المعاصرة للكون، كرسيُّ هرمس، أرض العدالة، مدينة الشرائع، " عرزال" البهجة، منزل البافية( أفروديت)، معبد كلِّ حبٍّ". (٤١: ١٤٤) - لها مكانتها الفريدة في أفئدة أهلها، وكلِّ من زارها وأقام فيها.
تعرَّضت المدينة للدمار ٧ مرَّاتٍ، وكانت تقوم في كلِّ مرةٍ كطائر الفينيق الأسطوري من تحت الرماد ومن بين الركام، لتعود أجمل ممّا كانت.
ترك الانفجار المروِّع المهول - الذي وقع في الساعة السادسة وبضع دقائق من بعد ظهر الرابع من آب، والذي أسفر عن مقتل حوالي ٢٠٠ شخص وجرح حوالي ٦٠٠٠ آخرين وتدمير الأبنية المحيطة بالمرفأ وتشريد شاغليها - بالغ الأثر في نفس كلِّ من شاهد الانفجار مباشرةً أو عبر وسائل الاعلام.
لقد هزَّ الحدث مشاعري، فاعتصر الحزن قلبي أمام هول الفاجعة. ولم أكد استفق من ذهول الصدمة حتى أردت أن أواسي مدينتي الثكول المصاب، فأمسكت ريشتي ومزجت ألواني بمشاعري لأسكبها لوحةً أسميتها "الملائكة الصاعدة".
اللوحة في المرحلة الأولى من الڤيديو المسجل تصور المدينة بكامل جمالها وجلالها. المرحلة الثانية كانت الانفجار الذي عصف بالبشر والحجر. أما المرحلة الثالثة فإنَّها تصوِّر أرواح الضحايا الأبرياء وهي ترتقي إلى عالم السماء.
بعد مرور شهر تمكّنت كغيري من أهل المدينة المنكوبة من التقاط أنفاسي. وبعد أن هدأ روعي وشاهدت بأم العين اندفاع الشباب اللبناني وهو يلملم الركام ويضمد جراحات المدينة، ما أعاد لي ولغيري الأمل بأن بيروت لن تموت وستعود بهمة أبنائها وإرادتهم أجمل مما كانت. فقررت أن أرسم لوحة "بيروت الخالدة".
اللوحة هذه تمثل ثلاث مراحل أيضاً.
المرحلة الأولى صورة بيتٍ تراثيٍّ في وسط المدينة وقد تعرّض للدمار.

المرحلة الثانية انبعاث طائر الفينيق من تحت الركام، والذي يمثل إرادة الحياة والانبعاث من بعد الموت. المرحلة الثالثة تجسّد عودة البناء إلى سابق عهده. وعلى يسار اللوحة علقت اللوحة السابقة "الملائكة الصّاعدة"، التي أصبحت جزءاً من الذكريات الحزينة، أمّا في وسط اللوحة فعلى  الأريكة طفلةٌ تمسك بلعبتها وهي تنظر بطمأنينة إلى المرفأ وقد عاد إلى سابق عهده من النشاط والحيويّة، تلك النظرة تمثل الأمل وتطلعات الطفولة الواعدة، لأن الجيل الجديد هو الذي سيبني المدينة والوطن من جديد وفق تطلعاته.
إذا كانت لوحة "الملائكة الصّاعدة" تمثّل الألم، فإنَّ لوحة "بيروت الخالدة" تمثّل الأمل.


اللوحة الاولى تجسد الموت، بينما تجسد اللوحة الثانية التجدد والحياة.
و من هنا كان الهدف الاساس منها هو بث الامل في نفوس الناس وبخاصةٍ  الجيل الجديد من اجل إعادة بناء الوطن واستمرار الحياة.

 

 

 

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري