مونديال قطر ينتهي والمونديال الفلسطيني مستمر بلا توقف
مقالات
مونديال قطر ينتهي والمونديال الفلسطيني مستمر بلا توقف
طارق ناصر ابوبسام
21 كانون الأول 2022 , 19:14 م


مساء يوم الاحد الموافق 18/12/2022 انطلقت صفارة الحكم، معلنة نهاية المبارة النهائية التي جمعت بين فرنسا والأرجنتين، في منافسة قوية من اجل الفوز ورفع الكأس وتتويج بطل العالم.

أسدل الستار على المونديال، وفازت الأرجنتين بجدارة بعد مبارة صاخبة، قوية ومثيرة للأعصاب، وتُوجت بطلا للعالم للمرة الثالثة في تاريخها وتاريخ المونديال. واستحقت هذا الفوز عن جدارة.

حمل المشاركون حقائبهم وغادروا عائدين الى بلادهم، بعد ان عاشوا متعة المتابعة للمباريات، وفرح الكثير منهم لفوز الفريق الذى شجعوا وهتفوا له، وحزن البعض الآخر لخسارة الفريق الذي احبوا، و بدأوا ينتظرون استحقاق المونديال القادم.

هذه المرة الثانية التي اكتب فيها عن المونديال.

أرى من واجبي ان اتوقف، ولو بشكل سريع عند اهم مميزات هذا المونديال عن سابقاته، واستطيع ان اوجزها بما يلي:

١_التكاليف العالية جدا والمبالغة الكبيرة في الانفاق، حيث بلغت التكاليف ما يقدر بـ 220 مليار دولار، وهي تفوق بعشرات المرات المبالغ التي انفقت سابقا، وربما كان بالإمكان اختصارها وتوجيه جزء منها لمساعدة الدول المحتاجة، صحيح ان قطر دولة غنية، وتقدم بعض المساعدات، لكن الصحيح ايضا هو عدم الافراط في الإنفاق.

٢_كانت قطر اول دولة عربية تستضيف المونديال، وواجهت الكثير من التحديات، وصلت إلى حد التشكيك في قدراتها حتى ان البعض طالب بالغاء المونديال فيها. ومع ذلك استطاعت قطر ان تقدم نموذجا رائعا في التنظيم والتحضير والتجهيز والادارة. شهد لها العالم بذلك، و استحقت الثناء والتقدير، الى جانب الاعجاب من قبل الجميع. قد يقول البعض ان المال لعب دورا كبيرا في ذلك، وانا اقول هذا صحيح ولكنه لا يفسر كل شيء.

ولولا وجود التخطيط الجيد ودقة التنفيذ، وتوفر الارادة الجادة من اجل النجاح في هذا التحدي، لما نجح المونديال هذا النجاح الكبير، حيث اعتبره العديد من المعنيين والمتابعين، المونديال الاكثر نجاحا. ولولا توفر كل ذلك الى جانب المال، لكنا امام صورة مختلفة.

وهنا اتقدم من دولة قطر والأشقاء في قطر بأجمل التهاني على نجاحهم في ذلك، خاصة ان هذا النجاح يحتسب للعرب جميعا وليس لقطر وحدها.

٣_مشاركة 4 فرق عربية في هذا المونديال، وصل منها الفريق المغربي الى مباراة نصف النهائي، ولعب وأبدع في اللعب، وقدم مباريات جميلة استحق فيها الفوز بجدارة، ولولا التآمر الذي حصل عليه من قبل الحكم المكسيكي في مباراته امام فرنسا، وهذا ما شهد عليه الكثير من الحكام واللاعبين و قادة الفرق، ربما كان قد تقدم وخاض المبارة النهائية، وكان بإمكانه ان يحرز اللقب، حيث كان نجما في كل المباريات، رغم شعوره بالاحباط من التحكيم مما اثر عليه نفسيا في المباريات الاخيرة امام فرنسا وكرواتيا.

وهنا لا بد من توجيه التحية للفريق المغربي لاعبين ومدربا وطواقم ادارية على الأداء المميز الذي قدموه، واتمنى لهم حظا اوفر في المباريات المقبلة.

صحيح أن المغرب خسرت الكأس ولكنها ربحت قلوب الملايين ووقوفهم معها عربا وأجانب.

صحيح انها لم ترفع الكأس ولكنها رفعت رأس العرب وجعلتها في مصاف الدول الأولي في اتقان هذه اللعبة خاصة عندما اطاحت ببلجيكا وهزمت اسبانيا و بددت احلام البرتغال.

٤_لقد تميز هذا المونديال بالتأكيد على القيم والأخلاق العربية، مقابل التراجع والسقوط الاخلاقي في دول اوروبا كما هو حال فرنسا وألمانيا والدنمارك.

كما اكد التمسك بالعادات والتقاليد الجميلة التي عبرت عن التماسك والترابط الأسري في وجه الشذوذ الجنسي والانحلال، وقد نجح الفريق المغربي نجاحا باهرا عندما قدم اجمل اللوحات في الملاعب التي دلت على ذلك، عندما توجه اللاعبون الى وسط الملعب وهم يحتضنون امهاتهم ويقبلون رؤوسهن وأيديهن وفاءاً وحبا لهن. وتمسكا في العائلة بينما يبتعد الغرب عن ذلك، ويفقد اي ترابط يجمعها. وجاءت بعض الفرق لترفع اشارات وشعارات المثليين كما هو حال المانيا ووزيرة داخليتها.

٥_ فقدان التحلي بالروح الرياضية لدى البعض الذى تجلى عند فوز الفريق المنافس، كما حصل مع الفريق الفرنسي والرئيس ماكرون عندما خسر في مواجهة الأرجنتين، ومن خلال التآمر على الفريق المغربي في مباراته مع فرنسا... الاوروبيون لايريدون لفريق عربي ان يرفع الكأس.

٦_تميز هذا المونديال بخروج العديد من الفرق الأوروبية واللاتينية القوية من المباريات في اوقات مبكرة، مثل المانيا، اسبانيا، البرتغال، بلجيكا، والبرازيل والبرغواي. مما يدلل ان كرة القدم ليست حكرا على اوروبا وامريكا اللاتينية حيث قدمت اليابان وكوريا مباريات في غاية القوة والجمال.

٧_ تميز هذا المونديال بوقفات التضامن مع الشعب الفلسطيني في نضاله العادل، وتم التعبير عن ذلك من خلال رفع الفرق العربية المشاركة والعديد من الفرق الأخرى العلم الفلسطيني الذي لم يغادر الملاعب والشوارع طوال مدة المونديال.

٨_ اكد هذا المونديال الموقف الشعبي العربي ضد التطبيع، ووجه رسالة واضحة لدولة العدو تقول تستطيعون التطبيع مع الحكام ولكنكم لن تستطيعوا فعل ذلك مع الشعوب.

٩_ اكد هذا المونديال وحدة الشعوب العربية رغم انقسام حكامها، عندما وقف الجميع يشجع الفريق المغربي ويهتف له ويدعوا له بالنصر.

هكذا انتهى المونديال القطري بكل ميزاته ومزاياه

اما في فلسطين يستمر مونديال من نوع اخر، مونديال هو الأطول في التاريخ، مونديال بدأ منذ وعد بلفور عام 1917، ومر بمحطات متعددة:

_ثورة 1936

_ نكبة عام 1948 واعلان قيام دولة "إسرائيل"

_ العدوان الثلاثي عام 1956

_هزيمة حزيران 1967 وانطلاق الثور المعاصرة

_معارك ايلول في عام 1970 في الاردن

_الحرب الأهلية في لبنان والاجتياح الصهيوني الأول عام 1978 والثاني عام 1982

_انطلاق انتفاضة الحجارة عام 1987

_ انعقاد مؤتمر مدريد عام 1990 وبعدها توقيع اوسلو عام 2993

_اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000

_استمرار المواجهات والمقاومة التي لم تتوقف، والحروب المتعددة ضد غزة، وانتفاضة السكاكين، ومعركة سيف القدس وحدة الساحات، ومعارك المواجهة الدائمة والمستمرة في ساحات الاقصي وميادين نابلس والخليل وجنين وام الفحم واللد وحيفا ويافا.

نعم انه المونديال الفلسطيني المستمر دون توقف ويختلف عن غيره .

مونديال ملاعبه تمتد على كامل مساحة الوطن الفلسطيني من القدس الي النقب، ومن جنين الي الناصرة، ومن نابلس الى الرملة ومن الخليل الى بيت ساحور ومن الضفة الى الـ 48 ومنها الى غزة.

مونديال يستشهد فيه المناضلون ويعتقل المقاومون.

مونديال نشاهد احداثه في كل يوم وكل ساعة

مونديال يشاهده كل العالم وتنقله كل القنوات

مونديال بين من يملك القوة ومن يملك الارادة

مونديال ليس كغيره، يشارك فيه الشعب الفلسطيني من كل الاعمار والفئات

مونديال ينحاز فيه الحكم الدولي، وبشكل سافر ووقح، لصالح الاحتلال

مونديال تغيب عنه البطاقات الصفراء والحمراء ومعاقبة اللاعبين

مونديال يمنح الحكم الدولي فيه (الامم المتحدة والدول الاستعمارية) دولة العدو دائما البطاقة الخضراء كي تقتل وتدمر وتنجو من العقاب.

مونديال يخوضه الأسرى في السجون كل يوم وينتصر فيه اللحم الحي على الجلاد،

واخر مبارياته كانت مع الشهيد ناصر ابو حميد الذي استشهد متمسكا بإرادته ولم يركع

مونديال تخوض فيه اسود العرين وكتائب جنين ونابلس واحرار القدس معاركهم اليومية في وجه المحتل

نعم هذ هو المونديال الفلسطيني المستمر الذي لا ينتهي

شعب كامل في الملاعب واسود تسدد الضربات في كل زمان ومكان

مونديال لن ينتهي الا بفوز الشعب الفلسطيني وفريقه عندما يحمل كأس الحرية والتحرير ويستعيد ارضه كاملة،

حينها فقط سوف تنطلق صفارة الحكم، وهنا سنكون نحن اللاعب الفائز والحكم، معلنة هذا الفوز المستحق

تحية للشعب الفلسطيني المقاوم

الإحتلال الى زوال

النصر قادم لا محال

طارق ناصر أبو بسام

براغ

22/12/2022

المصدر: موقع إضاءات الإخباري