اسامة القاضي
من الواضح ان الكثيرين وقعوا في فخ هذه الفكرة مؤخرا، وان ابن سلمان ادار ظهره لامريكا وانقلب كليا نحو الشرق، بينما الحقيقة ليست كذلك بالمرة، فالسعودية لا اليوم ولا غدا يمكنها لاستغناء عن امريكا، إلا في حالة واحدة وهي عندما ينهار نظام آل سعود بالكامل، فشرعية هذا النظام قائمة بالدعم الامريكي، وليس اي شيء آخر.
وصل الامر بالجهات التي تقف وراء ابن سلمان الى اظهاره وكأنه يتصرف بحرية كاملة في توجيه سياسة السعودية الخارجية، دون اي اعتناء بأمريكا، الداعم الرئيسي للعرش السعودي على مدى اكثر من 70 عاما، بل ان هناك من بات يسوق لفكرة مفادها ان ابن سلمان بدأ يتمرد على امريكا، عبر رفضه خفض انتاج النفط، واستقباله الحافل للرئيس الصيني مؤخرا.
ان قرار رفض السعودية خفض انتاج النفط، وهو قرار بالمناسبة صب من ألفه الى يائه في صالح أمريكا، التي ضاعفت من عوائدها من بيع النفط. كما ان تقارب ابن سلمان من الصين، هو سلوك مؤقت وافقت عليه امريكا، لمساعدة ابن سلمان الظهور بمظهر الزعيم القوي، الذي وقف في وجه امريكا، وآخذا السعودية الى احضان الصين وروسيا، فصورة هذا الزعيم ستمتص نقمة السعوديين على ابن سلمان، الذي بدأ عهده بحملة تصفية واسعة استهدفت جميع منافسيه ومعارضيه وحتى الساكتين عليه، من اعمامه وابناء عمومته واكبر الشخصيات في عائلة ال سعود.
يبدو ان هناك في امريكا من لا يريد ان يُنفخ بهذا الشكل في شخصية إبن سلمان، واظهاره بمظهر المتمرد على امريكا، فهذا موقع “المونيتور” البريطاني يكشف عن زيف حقيقة هذ التمرد، وذلك عندما نقل عن جنرال امريكي كبير، هو مايكل إريك كوريلا، القائد الأعلى للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، قوله “أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين يعملون وراء الكواليس لمساعدة نظرائهم في السعودية على وضع رؤية طويلة الأجل للأمن القومي للمملكة.. يسافر مخططونا الاستراتيجيون إلى المملكة بانتظام للعمل مع القادة العسكريين السعوديين لبناء أفكارهم من أجل رؤية استراتيجية طويلة المدى”.
في الوقت الذي كان ابن سلمان يتحدى امريكا من على شاشات التلفزيونات، “كان المسؤولون العسكريون في القيادة المركزية الأمريكية يقودون بهدوء حملة لبناء تحالف دفاعي إقليمي”.
بات واضحا، ان امريكا وبعد تحولها من مورد للنفط الى مصدر له، لم يعد يهمها من امر السعودية اليوم الا كونها سوق للسلاح الامريكي، ورأس حربة ضد محور المقاومة، وعراب للتطبيع العربي مع الكيان الاسرائيلي، وكل هذه الادوار تطوع ابن سلمان للقيام بها في مقابل العرش، وكل ما عدا ذلك، كالتمرد والتوجه شرقا، ليس سوى ذرّ للرماد في العيون.