كتب الأستاذ حليم خاتون: ماذا لو اجتمع سليمان فرنجية وجوزيف عون؟
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: ماذا لو اجتمع سليمان فرنجية وجوزيف عون؟
حليم خاتون
3 شباط 2023 , 16:57 م


شاء اللبنانيون أم لا، البرلمان في لبنان مقسوم عامودياََ إلى أكثر من قسمين...

اقسام عدة في مجلس النواب مختلفة الأحجام، لا يزيد عدد الأحرار الفعليين فيها، أو عدد السياديين الحقيقيين، أو العقلاء، أو عدد محدودي الدخل أو الذين لم تسول لهم أنفسهم، لا على مد اليد الى المال العام، ولا على غض الطرف عن مد هذه اليد التي أوصلت البلد إلى الخراب...؛ لا يزيد عدد هؤلاء في المجلس النيابي على قلة لا تصل حتى إلى عدد اصابع اليد الواحدة... هذا إذا وُجد على الإطلاق أحد يملك هذه الصفات...

كما تكونون، يولى عليكم...

لا يختلف الشعب اللبناني عن ذلك المجلس الذي قام هو بانتخابه...

ينقسم شعب لبنان الى عدة أقليات متداخلة تصل في تعايشها التناحري حد الجاهلية...

شعب لبنان مقسوم طائفيا، مذهبياََ، طبقيا، فكرياً، أخلاقيا... الى آخر ما خلق الله من اختلافات بين البشر حتى لم تعد الوطنية تملك تعريفا محدداً في هذه البلد...

بطبيعة الحال, لم تعد الخيانة خيانة بقدر ما هي وجهة نظر...

كلنا نعرف أن في لبنان أفرادا وجماعات لا يعتبرون اسرائيل عدوا...

هؤلاء مستعدون لعلاقات حميمة معها تزايد على البحرين والإمارات...

يشبه هؤلاء أهل السلطة في الأردن ومصر الذين لا يرون الخطر الوجودي على كياناتهم...

لا تشكل إسرائيل تهديدا وجوديا على الأردن فقط لناحية مشروع الوطن البديل...

حتى مشروع هذا الوطن البديل ليس إلا لمرحلة مؤقتة إلى حين التمكن من ابتلاع الاردن...

الذي لا يصدق عليه مراجعة تاريخ الحركة الصهيونية منذ مؤتمر بازل إلى اليوم...

ألم يقل أرييل شارون جملته الشهيرة حين رفض قيام دولة فلسطينية؟

قال بالحرف عن الضفة الغربية، كل ما غرب النهر لنا، وكذلك كل ما يقع شرقه أيضاً...

أما مصر، فيكفي علم الكيان الذي يضع ارض اسرائيل الكبرى بين نهرين...

"أرضك يا اسرائيل من الفرات إلى النيل"...

ما ينطبق على الأردن ومصر ينطبق على كل بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين...

رغم هذا يتمتع أنصار الصداقة مع إسرائيل بالحرية الكاملة ومن بينهم نواب ووزراء، وقد وصل بعضهم إلى رئاسة الجمهورية...

هم يسيطرون حتى على الإعلام وأهم وجوههم مارسيل غانم على ال MTV، ونديم قطيش على "الحدث" السعودية...

في هكذا بلد منقسم على نفسه، وحده الرب يعرف إلى اين تسير القاطرة...

لا يختلف جبران باسيل عن سمير جعجع أو عن امين الجميل وتاليا سامي الجميل في شيء...

هو حلم التقسيم الذي يغلفه البعض بلامركزية إدارية ومالية لن تؤدي إلا إلى ترانسفير وتطهير طائفي بين المناطق عند هؤلاء، مع ما سوف يرافق هذا التطهير من مآسِِ...

هذا ليس إلا صورة عن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي حمل لواءه رفيق الحريري مع الزمرة من كل الطوائف التي مشت معه طيلة التسعينيات...

هل يمكن اختصار المشكلة في هكذا بلد إلى انتخابات ورئاسة جمهورية وتأليف حكومة؟

قطعاََ لا...

جبران باسيل أبلغ حزب الله استعداده لانتخاب من يريدون بما في ذلك سليمان فرنجية، لكن بشرط... تطبيق اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة فوراً...

بماذا يختلف هذا عن المشاريع التقسيمية الأخرى؟

يقول العونيون أن اتفاق الطائف نص على هذه اللامركزية...

حسناََ، فليكن الشرط أن على اي رئيس سوف يتم التوافق عليه تطبيق المادة ٩٥ من الدستور الذي يقول إن التقسيم الطائفي في البلد مؤقت، ولا يمكن للمؤقت الاستمرار عشرات السنين...

ثم إن البطريرك صفير هو من وقف بقوة في وجه تطبيق اتفاق الطائف، ورفض تأسيس هيئة الإشراف على إلغاء الطائفية السياسية وإجراء انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي مع تأسيس مجلس شيوخ لمراعاة التوازنات الطائفية المُرة...

إذاََ، وقبل اللامركزية، يجب العمل على حل البرلمان الحالي والعودة إلى قانون الانتخاب المدني دون أية ضوابط طائفية مثل اختراع الاصوات التفضيلية...

يتم انتخاب رئيس على أن يُحل المجلس تلقائياً في اليوم التالي، وتجري انتخابات خارج القيد الطائفي على أساس نسبية كاملة ولبنان دائرة انتخابية واحدة...

طالما أن المرشحين الأقوى هما سليمان فرنجية وجوزيف عون...

فلتكن الانتخابات فورا بين هذين المرشحين اللذين عليهما التعهد علنا بتطبيق ما لم يتم تطبيقه من اتفاق الطائف في مهلة زمنية لا تتعدى ثلاثة أشهر ولننتهي من خزعبلات البطرك صفير عن وجوب تغيير النفوس قبل النصوص...

توضع القوانين لأجل تهذيب النفوس وليس العكس...

باسيل يريد اللامركزية الآن لأنه عاجز عن الاستمرار في السطو على المال العام مركزياً كما فعل خلال ست سنوات من حكم الجنرال ميشال عون...

يريد الآن الاستمرار في نفس الممارسة، لكن في منطقته التي يحلم بالسيطرة على مقدراتها عبر التحاصص مع القوات التي يستميت هذه الأيام للاجتماع بها والاتفاق معها...

من غير المعقول أن لا تكون ألاعيب جبران باسيل المكشوفة جدا، واضحة لحزب الله...

لكن الحزب، وكما في الدوحة، لم يرد على مطالبة جبران الالتزام باللامركزية، بالمطالبة بدوره على إلغاء الطائفية السياسية كواحد من أهم شروط بناء الدولة...

في مقابلة للكاتب توفيق شومان على ال NBN، أشار الاستاذ شومان إلى أن الرئيس الراحل كميل شمعون أتى إلى الحكم في الخمسينيات بفضل اصوات النواب المسلمين بشكل أساسي... يومها، رفق الله بلبنان ولم يكن بين المسيحيين أمثال جبران باسيل ليرفض هذا الأمر ويتعلل بالميثاقية...

يبدو أننا كلما تقدم بنا الزمن، يزيد التعصب والجاهلية والتخلف...

لذلك يجب تخطي نظرية البطرك صفير التي تضع الحصان أمام عربة التطور، وذلك عبر فرض منع هذا التعصب وهذه الجاهلية فننقي الأجيال القادمة من أمثال جبران باسيل مع كل ما يمثله هذا الانتهازي المصاب بمرض جنون العظمة من انتماء إلى القرون الوسطى...

فلننته من نظرية الرجل الأقوى في طائفته على الأقل كي ننتهي من أن يأتي جاهل على رأس الطائفة المكونة من جهلة...

وفقاً لنظرية أن مجتمع الحمير لا يمكن إلا أن يأتي بحمارا على رأسه...

إذا كان سليمان فرنجية ليس مارونيا وفق خزعبلات التيار وبعض المتخلفين في القوات اللبنانية...

وإذا كانت تنقص جوزيف عون الشرعية المارونية إلا إذا وقف إلى جانبه غلاة التعصب المذهبي في لبنان...

لا يبقى سوى تخطي كل هذه العقبات باجتماع الرجلين واتفاقهما على تحرير الموارنة من أفكار لا تزال تعيش في القرون الوسطى...

كل هذا دون أن يعني الأمر أن بقية طوائف لبنان بخير...

فكما حنّا، كما حنين...

هل يمكن أن يطوي النسيان قادة المارونية السياسية والسنية السياسية والشيعية السياسية، فنستيقظ لنرى على رأس الحكومة رجلا نظيفاً خارج نادي اللصوص من رؤساء الحكومات؟

وهل نستطيع إذا تمت الانتخابات خارج القيد الطائفي وفق النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة أن نجد على رأس المجلس أحدا غير نبيه بري؟

حتى هذه التقسيمات الطائفية العفنة، هل يمكن أن نحلم بأن يعيش اولادنا في مجتمع يشطب إلزاميا عن كل اوراق الأحوال الشخصية الدين والطائفة والمذهب... لكي ننتقل بهذا البلد إلى الإنسان المتحرر من كل العقد النرجسية التي بسببها تشبث كل هؤلاء الأصنام على الجلوس على تل خراب البلد الذي تسببوا هم بخرابه؟

إذا كان ضرّاب الطبل مدنياً، اهلا به على رأس الجمهورية وعلى رأس الحكومة وعلى رأس التشريع...

أما القضاء والجيش ومختلف الهيئات في هذه الدولة فقد آن الأوان أن تتحرر من أصحاب القلنسوة كما من أصحاب اللفة بكل الوانها واشكالها...

فلنكن مرة واحدة رجالاً ولا نسمح لكل هؤلاء الكلاب بالقفز فوق مصالح الوطن...

وطني يستحق غير كل هذه الزبالة التي تداورت على نهبه كل عصابات الطوائف...

تفه... على هيك زبالة...

وستون ألف تفه، على الساجدين لهُبل القرن الواحد والعشرين...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري