كتب الأستاذ ابراهيم الرّبابعة:
ثقافة
كتب الأستاذ ابراهيم الرّبابعة: "قصّة الكلب المشنوق"
1 آذار 2023 , 07:33 ص

كتب الأستاذ ابراهيم الرّبابعة: "قصّة الكلب المشنوق"

خرج أحد الولاة، ومعه حارسه، لتفقد رعيته.. وانتهى به المطاف في بيت أحد المواطنين.. حيث أكرم وفادتهم وضيافتهم، بدون أن يعرفهم أويسألهم من هم، ولم يعرف أنه الوالي.

عندما خرج الوالي من عنده، رأى كلباً مشنوق بجانب البيت.

سأل الوالي صاحبَ البيت عن سبب شنقِ الكلب،فأبى الرجل الإفصاح عن سبب شنق الكلب، وقال: هذا قصته قصة طويلة لا أقصها على أحد.

في اليوم التالي.. أرسل الوالي حاجبه لذلك الرجل، يسأله عن الكلب المشنوق.. لكنّهُ رفض الإفصاح.

في اليوم الثالث.. أرسل الوالي جنوده، وأحضروا الرجل إلى قصره؛ وسأل الوالي الرجل عن الكلب المشنوق؟؟؟

فقال الرجل: لن أُخبِرَكَ بقصتهِ، حتى تجعلَني والياً مكانك، لفترة من الزمن.

استغرب الوالي هذا الطلب ورفضه بِشِدّه،وأمره بالِانصراف بدون معرفة القصة..

لكنَّ هذا الوالي،كمايقول المثل: "الذي في بطنِهِ حِمَّص،لاينام".

وظلّ طوالَ الليل يفكرفي القصّة حتى أصبح الكلبُ المشنوقُ شُغْلَهُ الشّاغِلَ، وحرمه النوم.

بعد أسبوع، أمر الوالي جنوده بجلب الرجل... ثمّ أخبره بأنّهُ وافَقَ على طلبِهِ، بأن يكون والياً مكانَهُ لفترةٍ قصيرة..واشْترط أن يُخبرَهُ بقصةِ الكلبِ المشنوق.

استلم الرجل أمرَ الولاية مكان الوالي الأصلي.. وفي أول يومٍ، قام بعزلِ كُلِّ المسؤولين من الصف الأول، من وزراءَ ونوّابٍ وأعيان ٍوقادةِجيشٍ ومخابراتٍ، خاصةً مِمّنْ يحملون جنسياتٍ أجنبية،ويتولّون مفاصلَ الدولةِ ووضعهم في السجن.

وسلَّمَ المسؤولين من الصّفِّ الثاني مكانهم.. ثمّ أرسل رسائل لكلِّ الدُّوَل المجاورةِ التي كانت تأخذمن دولته ضريبة، لأنها كانت ضعيفة: أن لا أموالَ لكم عندنا بعد اليوم.. ولا سُلْطَةَ لكم عليناولن ندفع لكم قرشاًواحداً.

فحاول المسؤولون من تلك الدول التواصل مع عُملائهم في هذه الدولة.. لإعادة الأمور..كما

كانت،لكنّهم لم يجدوا مُجيبا.. فكل عملائهم كانوا في السجن.. ولم يجدوا من يتعاون معهم.. فردّوا جميع َالأموالِ لهذه الدولةِ، حتى فاضت خزينتُها بالأموال..

ولما عاد الوالي الأصلي ووَجَدَ الأموالَ تملأ ُ خزينة الدولة، سُرَّ بذلك كثيرا..وقال: الآن، أَخْبِرْني قصةَ الكلبِ المشنوق.

قال الرجل: كان عندي قطيع غنم، وكنت كل يوم أفْقِدُ شاة.. ولا أدري سببَ ذلك،حتى كمنت يوماً،فرأيت هذا الكلب يَعْدُوكُلَّ يومٍ خلفَ شاةٍ، ويقتلُهاويُعطِيها لصديقِهِ الضَّبُع ِ، كي يُبْقِيَهُ بين الغنمِ،كمسؤول عنهاولا يؤذيه..

فكان جزاؤه الشّنْقُ ليكونَ عِبرَةً لِكُلِّ من يعتبر من الكلاب.. ومنذ ذلك اليوم،لم أفقد شاةً واحدة.

فإذا كان معك عشرُ رصاصاتٍ فعليك أن تُطْلِقَ تسعاً منها على العملاء والخونة في الداخل.. وتبقي رصاصةً واحدةً للعدوِّ الخارجيّ.

واعلم أنَّ الحاكمَ الضعيفَ يُضعِفُ دولتَهُ، ويستعدي عليها الأعداء، ويُدَمِّرها.

وأنَّ مديرَ الشركةِ الفاشلَ يُدَمِّرُ الشركةَ،ولن يكون مصيرها إلّا التصفية.

ومسؤولَ القسمِ المُهمِلَ يُعدِي كُلَّ الموظفين في قسمه.. فيكون القسمُ في مهب الريح.

فكم من الكلاب الخائنة في هذه الدّولةِ اليوم؟؟؟

وكم شاةٍ ذُبِحَتْ وبِيْعَتْ، وكم من قِسمٍ نُهِبَ واستُبيح؟؟؟

وكم مِنْ ضَبُعٍ يصول ويجول بيننا وحولنا؟؟؟

المصدر: موقع إضاءات الإخباري