رفع الدولار الجمركي بين النص القانوني وإجتهاد الرئيس ميقاتي
مقالات
رفع الدولار الجمركي بين النص القانوني وإجتهاد الرئيس ميقاتي
عدنان علامه
1 آذار 2023 , 22:16 م

*عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين*

*فجّر رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي قنبلة من العيار الثقيل مطلع الأسبوع الماضي حين وجه كتابًا الى وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي طلب فيه عدم تأمين المؤازرة أو تنفيذ اي اشارة او قرار يصدر عن القاضية غادة عون في اي ملف يثبت انه قد جرى تقديم طلب مداعاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن اعمال عون، وذلك لحين بت المرجع القضائي بهذا الطلب.*

*وأعتبرت أوساط سياسية قضائية بأن إجراء الرئيس ميقاتي تدخلًا مباشرًا في صلاحيات السلطات القضائية؛ بينما إعتبره الرئيس ميقاتي من صلب صلاحياته معللا ذلك بعدة إجتهادات. وطالب رئيس مجلس القضاء الأعلى الرئيس ميقاتي بالتراجع عن قراره.*

*ويبدو أن شهية الرئيس ميقاتي قد إنفتحت على الإجتهادات فوقّع أمس على قرار رفع الدولار الجمركي من 15 ألف ليرة إلى 45 ألف ليرة علمًا بأن حكومة تصريف الأعمال لم تقترح على مجلس النواب اي إقتراح بسعر الدولار الجمركي بعد انتهاء العمل بالقرار القديم في نهاية عام 2022.*

*فأي تعديل أو فرض ضرائب أو رسوم بحاجة إلى قرار من مجلس النواب لأنه أمر تشريعي. وأمام إجتهاد الرئيس ميقاتي لا بد من اللجوء إلى النصوص القانونية. ووجدت ضالتي في مقال للزميل حسين طليس على موقع قناة الحرة بتاريخ 31 آب/ أغسطس 2022، بعنوان:-*

*"الدولار الجمركي في لبنان.. تصحيح خلل أم خطأ كبير؟"*

*وللأمانة الصحفية فقد إقتبست فقرة "ماذا يقول القانون" من المقال لأني وجدت فيها الدليل الكافي والوافي والذي تتطرق إلى الموضوع قيد البحث بشكل دقيق جدََا يوم إقرار قرار رفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة إلى 15 ألف ليرة. وإلى جانب ذلك رأي الخبير الدستوري الدكتور بول مرقص الخاص لقناة الحرة.*

*"ماذا يقول القانون؟"*

*إحتدم الجدل القانوني بشأن الجهة المخولة إقرار هذه الزيادات، وبالتالي من سيتحمل تبعاتها ومسؤولية إقرارها شعبياً، حيث خرج رأي قانوني يطالب باتخاذ المجلس النيابي لقرار رفع الدولار الجمركي، لكونه يحتاج تشريعاً قانونياً ليس من صلاحية حكومة تصريف الأعمال أو وزير المال منفرداً القيام به، وذلك وفقاً للمادة /82/ من الدستور اللبناني التي نصّت على أنه "لا يجوز تعديل ضريبة أو إلغاؤها إلا بقانون".*

*فيما يعتبر رأي آخر أن قانون الجمارك، أي المرسوم /4461/ لعام 2000، واضح وواجب التطبيق، إذ تنصّ المادة /35/ منه على أنه "إذا كانت قيمة البضائع الواردة في الفاتورة، محررة بعملة أجنبية، يتم تحويلها إلى عملة لبنانية على أساس معدل التحويل المعمول به بتاريخ تسجيل البيان التفصيلي والمسند إلى معدلات التحويل التي يحددها، شهريا أو دوريا، مصرف لبنان."*

*أي أنه كان يمكن للجمارك اللبنانية ببساطة أن تراسل مصرف لبنان لاعتماد معدلات التحويل التي يحددها، منذ بداية الأزمة المالية قبل سنوات.*

*وفي هذا السياق يوضح الخبير الدستوري، الدكتور بول مرقص، أن ما يسمى بـ " قانون الجمارك" هو في الحقيقة مرسومٌ وليس قانوناً، وهو معطوف على القانون رقم /132/ لعام 1999 الذي منح الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي.*

*وأنه جرت العادة أن يفوض مجلس النواب اللبناني الحكومة صلاحية التشريع في الحقل الجمركي، وذلك انطلاقا من القانون رقم /132/ تاريخ 26/10/1999 المتعلق بمنح الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي، إضافة إلى القانون رقم /93/ تاريخ 10/10/2018 الذي نصّ في المادة الأولى منه على "منح الحكومة لمدة خمس سنوات (حتى العام 2023)، حق التشريع في الحقل الجمركي بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء."*

*وانطلاقاً مما سبق، يشدد مرقص على أن تعديل التعرفة الجمركية أو ما يسمى بالدولار الجمركي، "يعود إلى السلطة التشريعية، التي يمكنها أن تفوض هذه المهمة الى مجلس الوزراء بموجب قانون، عندها يمكن للحكومة أن تشرّع بموجب مرسوم في المجال الجمركي."*

*ويتابع "من غير القانوني أن يحدد سعر صرف الدولار الجمركي من قبل وزير المال، دون وجود قانون واضح وصريح يسمح بذلك، فمنح وزير المال تفويضاً استناسبياً ودائماً في تعديل الرسوم الجمركية يشكل انتهاكاً لصلاحية مجلس النواب التشريعية وصلاحية الحكومة."*

*وبالتالي فأن تفرد الرئيس ميقاتي في رفع الدولار الجمركي هو مخالف للقانون والدستور وتعدٍ على صلاحيات المجلس النيابي.*

*أن تكرار إجتهاد الرئيس ميقاتي في التعدي على صلاحيات القضاء والسلطة التشريعية ليس بريئًا؛ وخاصة في ظل ارتفاع سعر الدولار والدولار الجمركي ونجاة لبنان من النفخ في أبواق الفتنة والتي اوقفها فرع المعلومات مشكورًا في سرعة الكشف عن ملابسات إختفاء وقتل الشيخ الرفاعي. ويبدو ان أمريكا فَقد أعطت الضوء الأخضر لإعادة تنفيذ ما فشلت به في 17 تشرين 2019.*

*الأيام القادمة ستبلغنا ما تخفيه النوايا المبيتة للبنان*

*وإن غدًا لناظره قريب*

*01 آذار/مارس 2023* 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري