كبَب د. إسماعيل النجار:
مقالات
كبَب د. إسماعيل النجار: "وَلِيُّ العهدِ السعوديّ مُحَمَّدُ بنُ سَلمان يصَفَعُ الرئيسَ الأمريكيَّ جُو بايدن من پكِّين".
13 آذار 2023 , 17:22 م

كبَب د. إسماعيل النجار: 

إنّهُ الدورُ الرسميُّ الأولُ للصين في الشرق الأوسط، على حساب النفوذالأمريكيّ؛مَنَحَ شرفَ أدائِهِ وليُّ العهدِ السعوديُّ للرئيسِ الصّينيِّ، بعد ماطفحَ الكَيلُ،من اِستِعلاءِأمريكا وتطاولِها وتجاوزِ عنجهيتِها الحدَّ على المملكة.

بقرارٍ مشتَرَك مع التِنِّين، أمام ناظِرَي واشنطن، وعلى مرأى ومسمعٍ منها "نَفَذَت" الصينُ إلى غربِ آسيا، عبر أهمِّ وأعظمِ دولتَينِْ على ضِفَّتَي الخليج، برعاية اتفاقٍ سياسيٍّ يهدِفُ إلى إنهاء عداوَةٍ وقطيعةٍ بين الرياض وطهران، الّتي استمرت لسنوات، تخللتها مواجهاتٌ كبيرةٌبالوكالةِعلى ساحاتٍ عِدَّة، أهمُّها اليَمَنُ التي أيَّدَت طهرانُ عدالَةَ قضيتِها، وَوقفَت معها، بينما اكتَفَت واشنطُنْ بمراقبةِ الدَّورِالصِّينيِّ المُستَجِدِّ،بصدمةٍ وذهول ٍ عَن بُعد.

نحنُ، كمراقبين طبعاً، نعتبرُ أنَّ الخطوةَ الصينيةَ جاءَت في وقتٍ حَرِج ِ للغايةِ، بالنسبة لواشنطن، وأكّدَت للعالمِ ضَعْفَ وتَراجُعَ النُّفوذِ الأمريكيِّ في منطقةِ الشرق  الأوسط، كما أكدَت أيضاً عُمْقَ الأزمةِ بينَها وبينَ الرِّياض، وبينها وبين الصين وروسيا.

هذه الخطوةُ الجريئَةُ لِوَلِيِّ العهدِ السعودي، بمنحِ دَورٍ للصين في منطقتنا، كشفت نوايا بكين بتحدِّي واشنطن في عقر دارِها، وتجاوز ِ اعتِراضِها على تَمَدُّد ِ نفوذها نحو الشرق الأوسط وغربِ آسيا، ولَعِبِ دورٍ سياسيٍّ مُوازٍ لدورِ واشنطن، بصفة راع ٍ، على كُلِّ الساحةِ الدولية.

والدليل على نوايا بكين هوَ زحفُ دبلوماسيَّتِها إلى مناطقِ نفوذِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركية، والذي ترافقَ مع تمدُّد ِ القواعد العسكريةِ لِلتِّنِّين ِ، خارج سور الصين الّتي ستكون السعوديةُ إحدىَ وُجهاتِها اللاحقةِ في المستقبل ِ القريب، إلى جانبِ روسيا، لِخَلْق ِ جَوٍّ منَ التّوازنِ الدوليِّ، في حمايةِ أمن ِ منطقةِ الخليج ِ والمحيطاتِ والممرات البحريةِ الِاقتصاديةِ الهامَّة.

أمريكا الغارقةُ في أزماتها المالية والعسكرية والإقتصادية، خصوصاً وأنّ الحربَ الدائرةَ في أوكرانيا تتمَنَّىَ لو عادَت عقاربُ الساعةِ إلى الوراء مجدداً، حتى لا تُغرِقَ نفسها بمثل ِ ما فعلت بإشعال النيران في أوكرانيا.

لكنْ، ما حصلَ قد حَصَل، ولم يعُدْ ينفعُ الندمُ، بعدما وقعت الفأسُ الروسيةُ في الرّأسِ الأمريكي.

محمدُ بنُ سلمان تَخَطَّىَ عُقدةَ خوفِهِ منَ التهديداتِ الأمريكية، وذهبَ بعيداً ليرَى مصلحةَ بلادِهِ التي، وللمرة الأولى في تاريخ المملكة، يمتلكُ مسؤولٌ فيها الشجاعةَ ويعتبرُ مصلحتَهُ فوقَ كُلِّ اعتبار ٍأمريكي، فذهب ووقَّعَ مع الصين ِ اتِّفاقيةَ شراكةٍ كاملةٍ، في شهرِ ديسمبر من العام الماضي،بقيمةثلاثينَ ملياردولارٍ وها هيَ الرياضُ تؤكِّدُ اليومَ التِزامَها الجِدِّيَّ بالِاتِّفاق، من خِلال ِ اعترافها بالدَّوْر ِ الصينيِّ الجديدِفي المنطقة،بعدَ تجارُبَ كبيرةٍ وكثيرةٍ، ومُزمنةٍ مع أميركا استمرت لعقودٍ طويلة، وكانت جميعُها تصُبُّ فقط في مصلحةِ واشنطن، ومبنيةً على استِعْبَادِ المملكةِ وحمايةِ مصالحِ أمريكا القوميةِ وإسرائيل، من دون الاهتمام لِمصالِح ِ شركائها الّذين تعمدت توريطهم في حروبٍ عِدَّة، وتسببت لهم في عداواتٍ ممالا تستطيعُ المملكةُ تَحَمُلَه؛وحرب اليمن التي ترفضُ واشنطُن أيَّ حَلٍّ سياسيٍّ لها،خيرُدليل ٍ على اتِّباع واشنطن سياساتٍ تخريبيةً في المنطقة، انجرفَ بها بنُ سلمانَ ووالدُهُ ودفعت الثمن.

بالأمس وقّعَتِ السعوديةُ اتِّفاقَ مُصالحةٍ مع الجمهوريةِ الإيرانية الإسلامية، اعْتُبِرَ بمثابة صفعةٍ مؤلِمَةٍ للسياسةِ الأمريكيةِ المُهَيمِنَةِ في المنطقة،واعتُبِرَتْ

تجاوزاً واضحاً وجريئاً، من قِبَل ابن سلمان لِرأي ِ واشنطن وتعليماتها.

الأميرُ الطامحُ لِلوصول ِإلى العرش، واستلامِ الحكم ِ في مملكةِ الذهبِ الأسوَدِ لم يَعُدْ يأمنُ الجانبَ الأمريكيَّ بتاتاً، لِمَعرِفَتِهِ العميقةِ بسياساتِهمُ المخادعة، فقرَّرَ أن يتوجَّهَ نحوَ الشرقِ من خلالِ نافذَتَيْنِ فَتَحَهُما لِنَفسِهِ على موسكو وبكين، ليُحَرِّرَ بلادَهُ من القيودِ الأميركية، وليكونا مَنْفَذَ خَلاصِهِ في يومٍ من الأيام، في حال ِ حاوَلَتِ المُخابراتُ الأمرِيكيَّةُ الِالتفافَ عليهِ، ومَنْعَهُ منَ الوصول ِ إلى مُبتغاه.

الأمرُ بالنسبةِ لِوَلِيِّ العهدِ السعوديّ عبارةً عن صحوةٍ أو نصيحةٍ صادقةٍ جاءَت متأخِّرةً بأخذِ الحيطةِ والحذرِ وليسَ خروجاً كاملاً من تحت العباءةِ الأمريكية، إنمّا على مقولةِ: "مَنْ حَذِر َ سَلِم" وأحياناً يكون سوءُ الظنِّ من حُسنِ الفِطَن.

وما توقيعُ الِاتِّفاقِ السياسيِّ مع خصمِهِ الَّلدُودِ طِهران إلَّا رسالةٌ للأمريكيينَ بأنَّ الرّاعي البديلَ عنكم حاضر ٌوموجود،وإنِّي لَأَعِي جيداً ما تُخطِّطونَ، وماتَرسِمونَ لي، وأنا على حَذَرٍ شديدٍ منكم، فلا تُخْطِئوا معي في الحسابات.

محمدُ بنُ سلمانَ أكثرُ مَنْ تجرَّأَ على أمريكا، من بين الملوك والأمراء في المملكة العربية السعودية، فهل تغتالُهُ أمريكا، أو تُدبِّرُ انقلاباً عليه، لقطع الطريق عليه، ووَقْفِ زحفِ الصين ِ نحوَها؟

بيروت في...

13/3/2023 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري