كتب الأستاذ حليم خاتون: إني اتهم.
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: إني اتهم.
حليم خاتون
18 آذار 2023 , 07:13 ص


بعد أربعين شهر على انفجار ١٧ تشرين...

لا يستطيع المرء اتهام المستقبل، ولا التيار العوني، ولا التقدمي الاشتراكي، ولا حركة أمل، ولا... ولا...

هؤلاء أكلة الجبنة وفقاً لتعريف الرئيس فؤاد شهاب لأحزاب السلطة...

كل الأحزاب باستثناء حزب الله وحزب القوات اللبنانية خارج نطاق الاتهام...

ليس لأنهم ابرياء... بل لأن اتهامهم هو لزوم ما لا يلزم...

هؤلاء "عاملين السبعة وذمتها"...

أجسامهم أكبر وتتسع لكل الموبقات التي ارتكبت في لبنان... وحتى التي لم ترتكب...

كما قال الدكتور حبيب فياض، المشكلة عند اللبنانيين ليست في معرفة الحقيقة...

ليس هناك نقص في الوعي عند اللبنانيين على حد وصف الدكتور فياض...

الكل يعرف الحقيقة، والكل يعرف الفساد بأدق التفاصيل، ويعرف مدى انغماس كل قوى السلطة في هذا الفساد... بما في ذلك كل الزعماء الذين يدعون الطهارة وهم انجس خلق الله على الأرض...

المشكلة هي عدم امتلاك ما يكفي من عزة النفس والكرامة واحترام الذات عند الأغلبية العظمى من اللبنانيين...

دون أن يرف للمرء جفن، يمكن القول بصوت عال إن الأغلبية العظمى من هؤلاء اللبنانيين بلا شرف...

من لا يخرج دفاعا عن حقه وماله هو إما لص أمواله مسروقة، أو جبان لم يخرج اليوم لأجل ماله ولن يخرج غدا لأجل غير المال...

مهلا رجاء...

بلاش هوبرة...

وحدة، وحدة...

اتهام الفاسد بالفساد هو أمر بسيط جداً... هو أمر مفروغ منه...

كل الناس تفعل هذا كل الوقت...

الشطارة هي في التمكن من إثبات فساد من هو بعيد نظريا عن الفساد بارتكاب جرم الفساد...

هؤلاء يقسمون بالسماوات السبع وبمن خلقها أنهم لم يرتكبوا جنحة فساد واحدة...

لكنهم لا يستطيعون النظر في عيون الناس والقول جهاراً أنهم لم يغضوا الطرف عما كان يجري تحت أرجلهم وابصارهم وبصائرهم...

المقصود هنا حصرا حزب الله وحزب القوات اللبنانية...

بعد الايام الأولى من انفجار الأزمة بشكل علني بعد فترة طويلة من إخفائها، كما الغبار ووسخ البيوت، تحت السجادة...

خرج الكثير من المقالات بينها عدة مقالات لكاتب هذه السطور...

كان احتياط مصرف لبنان لا يزال يحوي ٣٣-٣٤ مليار دولار... بالإضافة إلى عدة مليارات فريش دولار كاش موجودة عند المصارف...

طالبت هذه المقالات بثلاثة أمور...

١- كابيتال كونترول فوري لمنع تسرب هذه الأموال الى الخارج...

٢- وقف كل أنواع الدعم غير المباشر للسلع لأن المستفيدين من هذا الدعم هم الأغنياء حصراً وكبار تجار الاحتكار بالأخص...

تمت كتابة حسابات يستطيع فهمها حتى تلامذة الاول ابتدائي...

بينت هذه الحسابات أن أقل من مليار دولار دعم مباشر للعائلات الفقيرة في السنة يكفي بدل هدر الاحتياط على الخادمة المنزلية واستيراد الويسكي، الكاجو، الكافيار، السومون فوميه غيرها من المواد التي لا يحتاجها فقراء لبنان...

٣- طلبت هذه المقالات عدم رمي الدولارات لتثبيت سعر الصرف لأن هذا لا يجدي نفعا...

زاد كتاب هذه المقالات بالمطالبة بتحرير أموال صغار المودعين التي لا تزيد ودائعهم على الخمسين ألف دولار بالتدريج خلال بضعة سنوات وهي المبالغ التي كانت لا تزيد على ٧-٨ مليار دولار على امتداد الجمهورية اللبنانية...

بكلام ابسط من البسيط، دلت هذه المقالات أن في الإمكان ارجاع الأموال لأصحابها، على الأقل صغار المودعين الذين يشكلون نسبة حوالي ٨٠٪ من عدد المودعين الإجمالي، وضرب عدة عصافير بحجر واحد...

اولا، انزال دولار الى هؤلاء بالتدريج على دفعات شهرية ولمدة بضعة سنوات سوف يساعد العائلات الفقيرة التي يتحدث السيد نصرالله دوما عنهم بصفتهم ناس المقاومة...

ثانياً سوف تساعد هذه الدولارات على كبح جماح الدولار لأن هذه المبالغ لن تخبئ في الخزائن، بل سوف تذهب الى السوق لشراء الحاجيات الأساسية وليس ان تفاهات الأغنياء...

ثالثاً طالب كتاب هذه المقالات بوجوب فرض ضرائب اكبر تطال كبار الأغنياء بدل الاستمرار في طبع ليرات لبنانية لتغطية ميزانية الحكومة...

رابعا طالبت هذه المقالات بتفعيل عمل الوزارات من أجل تحصيل ما يكفي من السيولة لدفع رواتب القطاع العام بدل الاستدانة من المصرف المركزي ما يزيد من نسب التضخم ويؤدي إلى زيادة نسب الفقر في لبنان...

خامسا طالبت هذه المقالات برفض أن تقوم الشركات الكبرى في لبنان بتسديد ديونها على سعر ال ١٥٠٠، لأن لهذا الأمر عواقب كبيرة على الحركة التجارية في لبنان...

أن لا يقوم جماعة أحزاب السلطة المذكورين أعلاه بهكذا أمر مفهوم جداً...

هؤلاء لصوص محترفون؛ يسرقون كل ما هو موجود بقوانين يقومون بتمريرها في البرلمان والحكومة...

لكن أن يسكت نواب حزب الله ونواب حزب القوات اللذين يمثلان الطبقات المسحوقة عند المسلمين وعند المسيحيين على التوالي فهذا جدير بتوجيه اتهام صريح لهؤلاء بتدمير مقومات البلد...

لم يقم هذان الحزبان بأبسط الأمور ألا وهو تقديم اقتراحات محددة في البرلمان وفرض هذه الأجندة في الحكومة وإلا...

بدلا عن ذلك، خرج علينا النائب حسن فضل الله بملفات تقدم بها إلى قضاء اكثر فسادا من الطبقة السياسية...

تذرع حزب الله بأن اللجوء إلى القوة غير وارد وأنه يجب الخضوع للقضاء...

هو نفس القضاء الفاسد الذي رفض السيد نصرالله الخضوع له في قضية تفجير المرفأ...

لم يكن الحال افضل عند القوات...

رقص الحزبان على انغام "اللوفكة" والميوعة...

تبين أن حزب الله القادر على محاربة اسرائيل وأميركا وتحدي العالم بعد ذلك هو أعجز عن مواجهة صرصور يفسد على الناس هناء العيش...

كما تبن أن كل هم حزب القوات هو انتصار محور السعوديه حتى لو أدى ذلك الى ضياع لبنان...

بدل العلمانية التي لطالما نادى بها بشير، استخدم حزب القوات كل جهده للتقوقع المذهبي بين أربعة جدران...

حتى اليوم حين يختلف الحزبان على اسم رئيس للجمهورية لا ينبع هذا الاختلاف من مبادئ أساسية حول مواجهة الأزمة بقدر ما هو نتيجة تنافس طائفي مذهبي لا يرى في البلد غير البطرك والشيخ...

المشكلة هي أن حل مشكلة دوام هذه الدولة هو بتحويلها إلى نظام علماني بالكامل وحزب الله وحزب القوات حزبان طائفيان مذهبيان لا يستطيعان إلا الانتماء إلى عصر الظلام المذهبي...

حليم خاتون 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري