كتب الأستاذ حليم خاتون: عروبة بين امبرياليتين، ورئيس بالحد الأدنى المطلوب من أجل لبنان.
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: عروبة بين امبرياليتين، ورئيس بالحد الأدنى المطلوب من أجل لبنان.
حليم خاتون
20 آذار 2023 , 18:45 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

أثناء الحرب الأهلية، طرح الشهيد ابو طارق ابن بلدة الكحالة الآتي إلى الماركسية من صفوف حزب البعث القومي العربي الاشتراكي مسألة خلافية بين الغربية والشرقية في خصوص عروبة لبنان...

لم يكن يتحدث أحد عن العروبة المعاصرة التي ابتدعها تيار المستقبل وأنظمة الخليج في هذه الأيام...

كانت العروبة تُختصَر بكل بساطة في الموقف من فلسطين لا أكثر ولا أقل... كما يجب أن تكون ما دامت فلسطين مغتصبة...

"لو التزم الملك خالد موقفاً عروبيا باتجاه فلسطين، أهلاً به ملكا على كل العرب"، قال الرفيق ابو طارق... "ما يهمنا هو فلسطين والوحدة العربية... كل من يناضل من أجل هذا زعيم وإذا قام بهذا الملك خالد، اهلا به ملكا على كل العرب"، أضاف الرفيق الشهيد ابو طارق...

أمس على الجديد خرج في برنامج "وهلق شو" الذي يعبر اسمه عن مزيج كل الحضارات التي مرت على بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين وانتهت في قالب العروبة الذي مهما تغير الزمن لا يمكن أن يحيد عن فلسطين ولو بوصة واحدة...

خرج علينا من السعودية الكاتب السياسي الدكتور عبدالله العساف يصنف الناس بعيدا عن التعريف الابدي للعروبة الذي لا يمكن أن يكون إلا فلسطينياً...

بعيدا عن الملف الأمني المهم جداً للطرف السعودي...

فقط الأعمى هو من لا يرى أهمية هذا الملف بالنسبة لابن سلمان...

حتى إيران لا تريد زعزعة الأمن السعودي كما أظهرت تجربة الجمهورية الإسلامية منذ ما بعد الايام الأولى للثورة في طهران...

ليس من مصلحة إيران زعزعة النظام السعودي لأن ليس من مصلحة الأمة الإسلامية السماح بقيام حروب أهلية في السعودية تؤدي إلى مزيد من تقسيم شبه الجزيرة العربية كما تتمنى وتريد وتعمل له مخططات الامبريالية الأميركية ومن ورائها الصهيونية العالمية...

بعيدا عن هذا الملف، ماذا على السعودية القيام به؟

يريد الدكتور عبدالله العساف رئيسا عروبيا في لبنان...

كل هم هذا الرئيس، سيادة لبنان..

اهلا بك دكتور في النادي، ولكن دون مغالطات...

هنا نقع في المحظور...

هنا يختلط الحابل بالنابل عند الدكتور كما عند النائب القواتي جورج عقيص، الذي أخذ الحديث من بعده في نفس البرنامج...

الدكتور عساف لا يخفي أن نظرته الى العروبة هي في معاداة طهران، ولا دخل لفلسطين في هذا... هنا يبدأ الغلط...

يا دكتور، يا حبيبنا نحن في لبنان أكثر الاعراب عروبة لأننا أكثر الناس التصاقا بفلسطين حتى إذا ما شُقت صدورنا سوف تجد كل قلوبنا تنبض بالعروبة وفي قلب هذا القلب ترقد فلسطين جريحة مغتصبة تنتظر معتصما يأتيها من مكان من هذا العالم العربي الكبير ولا ترى بكل أسف، من ناصر لها سوى إخوة من إيران يمدونها بالسلاح وإخوة من ماليزيا بالموقف بينما تتآمر أكثرية الأنظمة العربية، خصوصا في الخليج، على فلسطين وعلى كل من يقف إلى جانب فلسطين سواء كان دولة قائمة بذاتها كما سوريا أو حزباً مقاوما كما حزب الله في لبنان...

يا حبيبنا، يا دكتور، انتم قصفتم عمر العروبة، حين وقفتم ضد قلب العروبة النابض في سوريا...

انتم قصفتم عمر العروبة يوم استبحتم مع الأميركيين والبريطانيين اصل العرب في اليمن...

ثم تأتي انت تحدثنا عن لاعروبة سليمان فرنجية وهو فارس من بيت فوارس العرب في لبنان...

من هم أهل العروبة في لبنان يا دكتور؟

تدعم السعودية وتتبنى سمير جعجع الذي يمتطي حصانا سعوديا في الوقت الضائع بينما هو من قاد تيار غربة العروبة في لبنان...

لا يزال سمير جعجع إلى يومنا هذا يسعى لبناء جدران تعزل اللبنانيين عن بعضهم البعض باسم التميز الفينيقي عن المحيط العربي الذي لا يعيش على ما يبدو إلا في مخيلة من لا يعترف بتخالط الحضارات التي مرت على كل بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين...

كتب التاريخ موجودة...

تاريخ لبنان المعاصر في آخر مئتي سنة على الأقل فيه الكثير من الكتب...

القراءة لأمة "إقرأ" يا دكتور ليست مجرد متعة...

القراءة يا دكتور هي واجب من يخرج على الشاشات ينظر على المشاهد العربي...

يتحدث الدكتور عن الطائف ثم يقف ضد أحد أهم عرابي الطائف في لبنان...

ما هو ذنب سليمان فرنجية بنظر الدكتور عساف؟

الوقوف إلى جانب عزة لبنان ومنعته...

سليمان فرنجية ربما هو الوحيد الذي يمكنه تطبيق ما لم يُطبق من الطائف في أهم مسألة وهي انتزاع لبنان من براثن الطائفية والمذهبية إلى رحاب الدولة المدنية العلمانية...

أليس هذا ما يبدو أن محمد بن سلمان يسعى إليه في انتزاع السعودية من بين براثن الوهابية البغيضة...؟

حتى في مسألة اللامركزية، وحده ربما الوزير فرنجية من يستطيع تطبيق هذه اللامركزية ضمن دولة قوية مركزية في الأمور الاستراتيجية، غير قابلة لكل مؤامرات التقسيم والفدرلة...

على كل لا ضرورة للتمادي كثيراً لأن السعودية لن تفرج عن لبنان قبل قبض الثمن والحميع ملتزم بانتظار شهرين حتى نعرف إذا كان محمد بن سلمان قد قرر إكمال طريق الابتعاد عن العروبة الحقة التي فلسطين في قلبها، أم أنه رأى فعلاً أن مصلحة السعودية، كما مصلحة من يقود شبه الجزيرة العربية هو في قيادة هذا العالم العربي الكبير ومن ضمنه الخليج إلى ما بدأ محمد بن سلمان باتخاذه من خطوات خجولة جداً بالابتعاد عن واشنطن ضمن سياسة مزيد من الاستقلال بين الإمبريالية الأميركية القائمة، والامبريالية الصينية الصاعدة...

في الستينيات، خرج جمال عبدالناصر مع الرئيس اليوغوسلافي تيتو ورئيس وزراء الهند نهرو والرئيس الاندونيسي سوكارنو... خرجوا جميعا وأسسوا حركة عدم الانحياز بين العملاقين الأميركي والسوفياتي...

بغض النظر عن الكثير من الاغلاط التي حصلت، وقبل اقتسام العالم من جديد بين الإمبريالية الأمريكية القائمة ومن ورائها بريطانيا، والامبريالية الصينية الصاعدة ومن ورائها روسيا ربما يحتاج العالم لمن يخرج مجدداً للدعوة إلى قيام نسخة جديدة من منظمة عدم الانحياز القادر على حماية مصالح البشرية قبل أن تلتهم القوى الكبرى بقية العالم...

ليتفضل ولي العهد محمد بن سلمان ويتفق مع القوى الآسيوية والإفريقية واللاتينية الصاعدة مثل البرازيل والهند وجمهورية إفريقيا الجنوبية وإيران وماليزيا ويقوموا بتأسيس منظمة جديدة من عدم الانحياز أو الحياد الإيجابي من أجل مصلحة البشرية وكوكب الأرض...

ولولي العهد منا أنه كلما اقترب من فلسطين أكثر، له من الأمة العربية والأمة الإسلامية وبلدان الجنوب اعترفا له بأن يكون هو ملك العرب، وليس أي ممن خان القدس حتى لو زعم العكس...

ليست أميركا ولا بريطانيا هي من يعين ملكا على العرب، يا ابن سلمان... أنها فلسطين...

طريق فلسطين سالكة لمن يريد وقد سلكتها إيران...

لو كانت إيران دولة عربية، لكان الموج الهادر الذي امتلكه عبد الناصر يوما يهوج من أجل المرشد...

لا يحتاج محمد بن سلمان إلى رسائل من مكماهون غربي جديد حتى يفرض شرعيته...

شرعية ملك العرب تنبع فقط من الموقف من فلسطين، وفقط من الشعوب العربية...

عندما كنت طفلاً في المدرسة في نيجيريا سألت معلمة اللغة الإنكليزية البريطانية التلامذة اللبنانيين عن اسم رئيس جمهورية لبنان...

كان الجواب بالإجماع:

جمال عبد الناصر...

كادت المعلمة تجن...

لم نفعل هذا عمداً...

كنا جميعا نأتي من بيوت ترى في جمال عبد الناصر زعيماً فوق كل الزعماء...

يا حبيبنا، يا دكتور...

خط جمال عبدالناصر رغم الأخطاء هو خط العروبة وليس ورقة الكويت أو القرار ١٥٥٩ الذي تستطيع انت والنائب جورج عقيص شرب مياه المحيطات قبل الوصول إليه...

لقد انتهت منظمة التحرير الفلسطينية يوم وقعت أوسلو...

وسوف ينتهي حزب الله يوم يقرر تسليم السلاح...

مشكلتنا مع حزب الله هي اصلا أنه لا يتقدم بالثورة العربية الكبرى إلى حيث يجب...

إلى من يريد تحرير فلسطين، ومن يسعى إلى قيام قيامة لهذا العالم العربي النائم المخدر...

الدولة القوية العادلة في لبنان ليست مطلب حزب الله وحده يا جماعة...

انتم واهمون...

إذا أردتم المجيء إلى كلمة سواء، نذهب الى رئيس مع برنامج الحد الأدنى المتفق عليه بين كل اللبنانيين...

رئيس مرحلي لستة سنوات يقوم بتطبيق ما بقي دون تطبيق من اتفاق الطائف...

أما السلاح يا جماعة فهو ممنوع على الميليشيات، وليس على المقاومة...

من هنا البداية، وهنا النهاية وكفى تخريف...

في النهاية لبنان السيادي سوف يأتي والمال يجب أن يعود من جيوب الفاسدين وليس من باب بيع الأوطان لمن لا يعرف معنى السيادة كما تنص عليه كل قوانين وشرائع الأمم الحرة...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري