كتب الأستاذ حليم خاتون: ألغام أميركية في قمة جدة
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: ألغام أميركية في قمة جدة
حليم خاتون
20 أيار 2023 , 00:22 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون

رغم تطبيل الإعلام العربي دون استثناء تقريباً، نجحت اميركا في زرع أكثر من لغم موقوت في قمة كان المفروض أن تكون قمة البحث عن الذات واسترجاع الهوية القومية...

لكل وسيلة إعلامية عذرها في التطبيل...

بعضها يؤمن فعلاً أن ولي العهد صادق فعلاً في تصفير المشاكل قبل الإنطلاق في برنامج التنمية...

لكن الأغلبية العظمى من هذه الوسائل لا تختلف عن الشعراء المداحين المرتزقة على أبواب السلاطين...

هي عادات عربية غير حميدة ضاربة في التاريخ، لكنها تكتسب هذه الأيام من البشاعة ما يكفي كي تستأهل صفة إعلام السلطان، بكل ما فيها من إهانة وقلة شرف وفقدان كرامة...

ذهب البعض إلى درجة تصديق أن ولي العهد سوف يقود قاطرة التطور، وأن الأمير الأحمر سوف يكون عبد الناصر هذا القرن، وبيسمارك الوحدة العربية...

لكي لا يتهمنا أحد بجلد الذات، ولكي نعطي المملكة السعودية بعض الرصيد، يمكن القول إن هناك شيء من النجاح، لكن مع كثير من التآمر الأميركي...

ممثلو اميركا في القمة بدأوا حتى قبل انعقادها عندما فجروا الوضع في السودان ردا على اتفاق بكين بين المملكة والجمهورية الإسلامية...

أفلتت اميركا جراءها العرب، وهم كثر...

رفض ثلاثي قطر والكويت والمغرب حضور الرئيس السوري، بعد أن وصل النباح الأميركي ضد عودة سوريا إلى الجامعة العربية كل العواصم العربية...

لم يخف النباح إلا بعد وضع شروط لا تستأهل ثمن الحبر الذي كتبت به حول قرارات بلتها سوريا بانتصارات على تحالف من ثمانين دولة تحلقت حول السيد الأميركي وكلب الحراسة الاسرائيلي وعشرات آلاف الإرهابيين تدفقوا من أوروبا وشمال إفريقيا ومصر والأردن ولبنان وتركيا وغيرها...

تنتشر الحشرات في الغابة، لكن لقب ملك الغابة يظل للأسد...

"فهمت يا حكيم عصرك"...

أصرت اميركا على إرسال اللغم الكبير الثاني...

وصل إلى جدة الصهيوني الاسرائيلي الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بدعوة من الجامعة "العربية" على ما قيل...

بئس الدعوة، وبئس الداعي...

قد تتفهم روسيا سياسة "صفر مشاكل"، وتمرر هكذا صفعة...

زيلينسكي ليس صفعة على وجه بوتين بقدر ما هو صفعة على وجه كل فلسطيني يُذل تحت الاحتلال كل يوم وكل ساعة وكل لحظة...

زيلينسكي ليس محاربا من أجل الحرية، بل هو فاشي عنصري يكره العرب، ويكره الفلسطينيين خصوصاً، ويكرر التمجيد لاسرائيل صبحا ومساء...

هل يستطيع أبو الغيط أن يعطي مبررا منطقياً واحداً لهكذا دعوة لا كرامة فيها ولا شرف...

لم تكتف اميركا بهذا، بل زادت عبر تصريحات من كاراكوز ما يسمى الشرعية في اليمن، هاجم فيها مجاهدي اليمن من الذين سمحوا بانعقاد هذه القمة دون صواريخ ودون مسيرات احتراماً لكلمة أعطيت، وضمانات من حفاة الثورة في اليمن...

هل نجحت القمة؟

يمكن القول إن آثار الصفعات على وجه أميركا القبيح ظهرت في القمة حين اعترف المجتمعون بحق لبنان في تحرير كل أراضيه بما في ذلك مزارع شبعا وتلال كفرشوبا...

كذلك الأمر حين فرض وجود اسد سوريا عودة بعض النبض القومي العربي الذي كانت أميركا قد لطخته طيلة اثني عشر عاماً...

لكن رغم ذلك، فشل العرب، كل العرب بإعادة تثبيت مركزية القضية الفلسطينية في قمة الرؤساء والملوك العرب رغم أن هذه القضية لم تغادر وجدان الشعوب العربية في أي وقت...

قد تكون القمة خطت عدة خطوات نحو الشرف والكرامة...

إلا أن المشوار لا يزال بعيدا...

حسنا فعل ابن سلمان حين فرمل الانزلاق العربي نحو الانتحار...

حسنا فعل ابن سلمان حين بدأ إدارة دفة السفينة باتجاه العروبة...

لكن الطريق لا يزال ينتظر عودة الروح النضالية التي كانت موجودة، والتي لا يمكن أن تنجح وتسمو إلا إذا لفظت كل تأثير لأميركا مهما صغر...

حتى ذلك اليوم،

أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة...

حليم خاتون 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري