عبده بغيل-صحفي يمني
الانقلاب في النيجر هو حدث سياسي مهم ومثير للاهتمام، وله أبعاد مختلفة يمكن تحليلها من منظورات متعددة. بشكل عام، يمكن القول أن الانقلاب يعكس صراع النفوذ بين الرئيس المنتخب محمد بازوم والرئيس السابق محمد إيسوفو، وبين الأجنحة المتنازعة داخل الحزب الحاكم والجيش. كما يعبر عن عدم رضا عدد من القوى السياسية والاجتماعية على نتائج الانتخابات التي اعتبرتها مزورة، وعن تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد.
إليك بعض الأبعاد التي يمكن دراسة الانقلاب من خلالها:
البعد الدستوري: يتعلق هذا البعد بالشرعية والشفافية والديمقراطية في عملية التسليم والتسلم بين الرئيس المنتهية ولايته والرئيس المنتخب. فالدستور النيجري يحظر تولي أي شخص للرئاسة بواسطة انقلاب عسكري، ويضمن حق المواطنين في اختيار رئيسهم بحرية وديمقراطية. لذلك، فإن أي تغيير في الحكم دون احترام هذه المبادئ يعتبر خرقا للدستور وانتهاكا لإرادة الشعب.
البعد الأمني: يتعلق هذا البعد بالتحديات والتهديدات التي تواجه أمن واستقرار النيجر، سواء داخليا أو خارجيا. فالنيجر تشهد حالة من التوترات والصراعات بسبب تواجد جماعات مسلحة متطرفة في منطقة الساحل، وبسبب تفشي ظاهرة التهريب والاتجار بالأشخاص والأسلحة عبر حدودها. كما تشهد اضطرابات اجتماعية بسبب نقص الموارد والخدمات، وانعدام فرص التنمية والتشغيل. لذلك، فإن أي اضطراب في المؤسسات الحكومية أو التغير في قادة الجيش قد يؤثر سلبا على قدرة النيجر على مواجهة هذه التحديات.
البعد الإقليمي: يتعلق هذا البعد بالعلاقات والتفاعلات بين النيجر وجيرانها في غرب إفريقيا، خصوصا دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (إكواس)، التي تضم 15 دولة. فإكواس تسعى إلى تحقيق التكامل والتعاون بين دولها، وتدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتندد بأي تدخل عسكري في الشؤون السياسية. لذلك، فإن أي انقلاب في النيجر قد يؤدي إلى توتر العلاقات مع دول إكواس، وتعرضها للعزلة والعقوبات، وتضعف من دورها في المنظمة.
البعد الدولي: يتعلق هذا البعد بالمصالح والتأثيرات التي تمارسها القوى الكبرى على النيجر، سواء من حيث المساعدات الإنسانية والتنموية، أو من حيث التعاون الأمني والعسكري. فالنيجر تحظى باهتمام دولي بسبب موقعها الجغرافي الحيوي في منطقة الساحل، وبسبب ثرواتها الطبيعية مثل اليورانيوم والذهب. لذلك، فإن أي انقلاب في النيجر قد يؤثر على مصالح هذه الدول، وقد يدفعها إلى التدخل أو التأييد أو المعارضة، حسب موقفها من الأطراف المتصارعة.