لكل جيش مهما كان على درجة عالية من الكفاءة والقوة والعدة والعتاد .. لابد من وجود نقاط ضعف يمكن استغلالها من قبل الطرف المقابل .. في الجيش الاسرائيلي الذي يخوض اعتى عمليات القتل والتدمير والمجازر والابادة والتطهير العرقي والتهجير القسري في غزة .. هناك عدة نقاط ضعف وهي واضحة جلية .. ومن خلال متابعتنا الحديثة من بداية الهجوم البري وجدنا ان اهم نقاط الضعف لدى الجيش الاسرائيلي هو عدم تحقيق الهدف المعلن لاسباب الهجوم الرئيس لغاية لحظة كتابة هذا المقال ، وبعد ٤٠ يوم من القتال …الا وهو ( تحرير الاسرى والقضاء على حماس) ..حيث ان هذا الهدف اصبح صعب التحقيق بل هو يستحيل تحقيقه بعد ثمانية وثلاثين يوماً من القصف والتدمير المحموم على غزة .. وان هدف تحرير الاسرى لن يتحقق الا بثلاث سيناريوهات.
1. القضاء على المقاومة حماس وهذا صعب المنال ولن يتحقق بسبب ان المقاومة تعمل قتلاً وتدميراً ، ويرتبط القضاء على حماس القضاء على الاسرى معهم .
2. القيام بعمليات انقاذ نوعية بواسطة عمليات خاصة بالانقاذ وهذا سيكلفهم العديد من القتلى والجرحى ومن الممكن ان يكون اعداد الاسرى المحررين لا يزيد عن نصف العدد المنوي انقاذه حيث سيكون مصير النصف الاخر وقضي عليه وفي عداد الاموات .
3. استخدام او تفعيل قانون هنيبال الذي يستخدمه الجيش الاسرائيلي وذلك باعادة الاسرى وهم قتلى وليس احياء وانهم يعتبروا في عداد الاموات .
ومن اهم نقاط الضعف التي تواجهها القوات الاسرائيلية ما يلي :
1. قوة المقاومة وتصميمها على الانتصار وصدقها في اعلامها العسكري ورباطة جاشها .
2. طول خطوط الامداد والتزويد اللوجستي الفني و العملياتي والبشري والطبي والغذائي حيث تبلغ طول الذيل الاداري للتزويد ما يزيد من ١٢ الى ١٥ كلم .. وهذا يعتبر طويل وخطير ويمكن قطعة من قبل المقاومة .
3. القتال في المناطق المبنية وقتال الانفاق والذي تخشاه القوات الاسرائيلية وتحاول تجنبه لانه سيكلفهم العديد من الخسائر البشرية والمادية ..
4. نعلم ان عقيدة اسرائيل هي سرعة الحسم ولكن في هذه الحرب بالذات تخشى ما تخشاه إسرائيل امتداد الصراع وعدم الحسم ، وطول مدة الحرب مهما كانت الإمكانات متوفرة الا انها ستكون ضرباً من الحرب النفسية والاحباط وعدم الاقدام والاذلال البدني والعقلي وزيادة الضغط النفسي والمعنوي…الامر الذي يجبر القوات الاسرائيلية بالقيام بهجومات او اقتحامات تكبدها خسائر فادحة خاصة مع نجاح الكمائن التي نجحت فيها المقاومة اثناء الاقتحام لمدينة غزة والتقرب من مستشفى الشفاء ، علاوة على قدوم فصل الشتاء الذي سيحول طبيعة ارض غرة الى وحلية طينية معيقة لحركة الاليات العسكرية والمشاة على حد سواء .
5. نجاح المقاومة المستمر
والموثق بالصوت والصورة وتكبيد القوات الاسرائيلية المهاجمة اعداد كبيرة من الدبابات الاسرائيلية مع اعدادها حيث خرجت ما يقارب اكثر من ١٠٠ دبابة والية عسكرية عن العمل الامر الذي باتت تلك الخسائر البشرية والمادية وبالاً عليهم في الاخلاء والانقاذ الى الخلف .. في مناطق آمنة.
6. الضغط الشعبي الهائل والمتزايد داخل المجتمع الاسرائيلي على القادة السياسيين والعسكرين على حد سواء .
7. الضغط الدولي المتصاعد يوماً بعد يوم والخوف من تناقص عمليات الدعم الذي تتلقاه اسرائيل من الدول الغربية.
8. الخلافات الواضحة جداً بين القيادتين السياسية والعسكرية ، وكذاك الخلافات بين الحكومة الاسرائيلية الحالية والمعارضة ..والتلاوم اليومي والانتقاد لبعضهم البعض… وخاصة عند زيادة القتلى وزيادة العبء المالي الهائل وطول مدة الحرب وعدم تحقيق نتائج والاهداف التي وضعت ..
9. الجبهات المحتملة ان تندلع فيها الحرب وخاصة على الواجهة الشمالية والتي تتصاعد يوماً بعد يوم .. بكلاشات وتبادل اطلاق الصواريخ والقذائف .. حيث ان البيئة مفتوحة لاي احتمالات .
10. اشغال الجبهات الداخلية ما بين المقاومة الفلسطينية وقوات الامن الاسرائيلية.. والتي مستمرة ولن تنتهي بل زادت بازدياد الحرب في غزة .
11. الخوف من ازدياد العزلة الدولية والاقليمية ما بين دول ألعالم وإسرائيل اذا ما بقيت مستمرة في خرق واضح لمعظم القوانين الدولية.
12. ازدياد فقدان اسرائيل للعلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول .. وازدياد هذا الفقدان .
هذه اهم نقاط الضعف التي تواجهها اسرائيل وجيشها المتوغل الان في غزة والذي يخوض حرباً اجرامية لا مثيل لها بالبشاعة والاجرام ومع كل نقاط الضعف هناك نقاط قوة وهي معلومة ومعروفة لدى العسكريين والمدنين على حد سواء ..
واهمها :
1. السيادة الجوبة المطلقة ، حيث تسمح هذه السيادة الحركة الجوبة بحرية مطلقة دون وجود اي مضادات او اسلحة دفاع جوي تحد من هذه السيادة .
2. احتلال جزء من غزة وهو الجزء الشمالي من الحدود ولغاية مدينة غزة عرضاً وطولاً .. حيث اصبحت لها موطئ قدم من المحتمل ان تتموضع وتركز دفعاتها و مراكز القيادات الامامية والخلفية وتقريب طرق التزويد لقواتها .. ومن ثم الاستعداد للمرحلة الرئيسية الثانية حيث هنا نقلت المعركة من ارضها الى ارض المعركة وستكون انطلاق المرحلة الثانية أسهل واقرب مع التعود على اساليب الحرب والمهام الخاصة في المراحل الاخرى .
3. استمرار الدعم اللامتناهي لإسرائيل والذي تأمل اسرائيل ان يستمر ولا يخبوا..
الإعلام الحربي : بالرغم من سطوة الاعلام الاسرائيلي على العالم وبثه الكبير والواسع الا انه غير مقنع للعالم العربي وجزء من شعبه وان الريبة والشك يطغى على رواياته اليومية وخاصة رواية الانفاق داخل المستشفيات والتي رواها الناطق العسكري فقد كانت عبارة عن ( بيسمنت) وساعة كهرباء ومجموعة اسلحة لم يعرف نوعها وورقة ملصقة على جدار وهي عبارة عن جدول مناوبات وارقام تلفونات الاطباء والممرضين داخل المستشفى ، وهذه سقطة مدوية وتلفيق اعلامي وتبرير لقتل الاطفال والمرضى واقتحام المستشفيات بحجة وجود عناصر من المقاومة داخلها ..
وعند تواجد رئيس الحكومة وقائد الجيش وقائد الاجهزة الامنية في المؤتمر الصحفي وعند التفحص الى لغة الجسد عندما يتحدثون تستنبط الحركات اللاإرادية والنظرات الغريبة والهلع والخوف اثناء الحديث وكأن في عقولهم حقائق يعلموها ولا يريدوا ان يفصحوا عنها ..خوفاً من ردة فعل غير متوقعة لدى الصحفيين ولدى شعبهم من بعد .
بعكس الاعلام الحربي للمقاومة والذي لم يتغير ولم يتبدل والثبات في الحديث وقوة الاقناع والكلمة ، التي جعلت من الشعوب انتظارها يومياً واخذت بعداً واثرا كبيرا بينهم .. وخاصة عندما يعلنون خسائرهم بالارقام وكذلك خسائر العدو بالصورة والصوت ..
أخيراً اقول ان هناك نقطة قوة
مهمة جداً وهي تفوق كل نقاط القوة لدى العدو الاسرائيلي وهي موجودة و مترسخة لدى المقاومة الا وهي العقيدة القتالية الصادقة والتي تمتلكها المقاومة وصدق قضيتها وحبها وايمانها بهذه القضية من اجل تحرير الارض والانسان الفلسطيني التي دبت فيها الحياة من جديد بعد ان كادت ان تموت بين اروقة الدبلوماسية وكادت ان تنسى ، حيث ايقضت في الأمة ودول الكون والاحرار في ألعالم العمل على ايجاد الحل الكلي والشامل والذي كان لتناسيه وعدم الاهتمام به تكون نتائجة وخيمة كما نرى ونسمع ونشاهد ، وان ايجاد او اقتراح حلول مجتزأة وعلى حساب دول اخرى اصبح بمثابة ضرب من المستحيل.
* عميد ركن متقاعد كاتب ومحلل للشؤون العسكريه والسياسية