في أعقاب الهزيمة في معركة ميدواي عام 1942، وتدمير قسم كبير من الأسطول الياباني، بعث ضابطان صغيران برسالة كتبت بالدم إلى قيادة الأسطول الياباني، عرضا فيها فكرة "الطوربيدات الحية".
في أتون الحرب العالمية الثانية، طالبت جميع الدول الكبرى التي شاركت فيها من عسكرييها الصمود والقتال حتى آخر نفس، إلا أن اليابانيين حينها كانوا أكثر من حاول التمسك بقوة بهذا الأمر.
في الجيش الياباني وسلاح الطيران والبحرية، شُكلت وحدات خاصة ضمت محاربين أقسموا على التضحية بحياتهم من أجل "الإمبراطور الإلهي"، من بين أشهر هؤلاء كان طيارو الكاميكاز، لكن البحرية اليابانية هي الأخرى سعت في تلك الأوقات الحرجة التي منيت فيها اليابان بخسائر جسيمة في معارك المحيط الهادئ، إلى محاولة تغيير مسار الحرب وتفادي الهزيمة، بمواجهة الأعداء بمحاربين انتحاريين تحت الماء.
استعملت البحرية اليابانية أسلوبين، الأول من خلال غواصين كانوا يحملون ألغاما بحرية ويحاولون السباحة والتسلل إلى السفن المعادية وإلصاق الألغام على سطحها ومحاولة تفجيرها، والثاني من خلال "طوربيدات حية" وهي عبارة عن غواصة صغيرة جدا مليئة بالمتفجرات، يتولى شخص واحد قيادتها بسرعة كبيرة نحو الهدف.
خطرت فكرة "الطوربيدات الحية" على ملازمين في سلاح البحرية بعد الهزيمة الكارثية التي تعرض لها الأسطول الياباني في معركة ميدواي التي دارت رحاها بين 4 إلى 6 يونيو عام 1942.
في تلك المعركة البحرية التي حاول فيها الأسطول الياباني مهاجمة أرخبيل هاواي انطلاقا من جزيرة ميدواي المرجانية الصغيرة، فقدت البحرية الإمبراطورية أربع حاملات طائرات ضخمة وعددا كبيرا من السفن الأخرى، علاوة على خسائر بشرية لم يتم الاحتفاظ ببيانات دقيقة عنها.
خطرت فكرة الطوربيدات الانتحارية في ذلك الوقت على الملازمين في البحرية اليابانية كوروكي ونيشينا، واستعانا بشخص على علاقة ببناء السفن يدعى هيروشي سوزوكاوا.
استكمل الثلاثة المشروع بحلول يناير عام 1943، وفكر صاحبا الفكرة في طريقة مناسبة لإيصال المشروع إلى قيادة سلاح البحرية.
تقول رواية شائعة أن الملازمين لجأ إلى أسلوب ياباني خالص تمثل في كتابة رسالة باستخدام دمهما إلى وزير البحرية، وذلك لأن التقاليد الوطنية تفرض في مثل هذه الحالة على المسؤول قراءتها.
قيادة البحرية اليابانية رفضت في البداية فكرة "الطوربيدات الحية"، إلا أن الهزائم المتلاحقة التي تعرض لها الأسطول في المعارك البحرية، وحالة اليأس التي سادت حينها أجبرتها على تبني هذا السلاح، وتم الانتهاء من صنع طوربيدات من هذا النوع منتصف عام 1944.
الطوربيدات التي استخدمت في مهمات انتحارية كانت فقط من النوع رقم 1، وكان قطرها متر واحد، وبطول يزيد قليلا عن 14 مترا، وكانت مزودة برأس حربي في المقدمة يزن 1550 كيلو غراما، وكانت تتمركز داخل غواصات كبيرة، كما وضع البعض منها على ظهر بعض السفن الحربية، إلا أنها نادرا ما استخدمت انطلاقا منها.
في البداية، نجحت "الطوربيدات الحية" في تدمير بعض السفن والزوارق الأمريكية، ولكن في وقت لاحق بدأت معداتها التي صنعت على عجل في التعطل، ولم يتمكن الانتحاريون داخل هذه الطوربيدات من الوصول إلى الهدف وقضوا اختناقا داخلها بسبب نقص الأكسجين، وغرقت إثر ذلك ببساطة إلى القاع.
مع مرور الوقت ساءت الأوضاع أكثر وبدأت أجهزة الطوربيدات وهياكلها الرقيقة في الصدأ والتآكل، وغرقت بأصحابها بشكل متزايد قبل أن تنفذ مهامها.
رغم أن البحرية اليابانية صنعت حوالي 300 طوربيد من هذا النوع، إلا أن حوالي 100 فقط استعملت في الهجمات.
الملازم كوروكي قتل بطريقة مأساوية أثناء عملية تدريب على الغطس، أما نيشينا، الضابط المشارك الثاني في الفكرة، فقط كُلف بتنفيذ أول هجوم بطوربيد حي، وفي المهمة الأخيرة التي قام بتنفيذها حمل معه جرة برماد رفيقه في السلاح.
في الوقت الضائع، تيقن الجميع أن استخدام الطوربيدات الموجهة بانتحاريين غير فعال، وأنه ألحق أضرارا بالبحرية اليابانية أكثر من الخسائر التي لحقت بالأمريكيين.
الطوربيدات اليابانية الحية أغرقت السفينة الناقلة الأمريكية الكبيرة "ميسيسيبي"، وأعطبت أو دمرت حوالي عشرة زوارق وسفن، إلا أن الخسائر التي منيت بها البحرية اليابانية في معركة ميدواي، كانت قاسية جدا، ولم تنجح كل المحاولات في تفادي الهزيمة النهائية