يعد التفجير الذي استهدف مبنى ألفريد مار الفيدرالي في 19 أبريل عام 1995، الأعنف قبل الهجوم بطائرتي ركاب مدنيتين على البرجين التوأمين بنيويورك في سبتمبر عام 2001.
ذلك العمل الإرهابي الدموي نفذه تيموثي ماكفي، وهو جندي سابق في الجيش الأمريكي كان يبلغ من العمر وقتها 26 عاما، وشارك في عملية عاصفة الصحراء بالخليج عام 1991، وحصل مقابل خدمته العسكرية هناك على النجمة البرونزية.
ماكفي كان مهووسا بحمل السلاح منذ صغره، ويوصف بالتطرف ويتمسك بالتعديل الثاني للدستور الأمريكي الذي ينص على الحق في حمل السلاح، وكذلك التمرد إذا انتهكت الحكومة حريات المواطنين.
بما أنه لم يتمكن من إكمال تعليمه فقد انضم إلى الجيش الأمريكي في عام 1988. شارك في حرب عاصفة الصحراء، وبعد ذلك فشل في التأهل للخدمة في القوات الخاصة. تقاعد أواخر عام 1991 وعاد إلى نيويورك حيث عمل مع رفيقي سلاح سابقين هما تيري نيكولز ومايكل فورتييه في معارض لبيع الأسلحة.
كان الجندي الأمريكي السابق ناقما من الأوضاع الاقتصادية في بلاده وخاصة عدم وجود فرص عمل بالنسبة لمن لا يحملون شهادات عليا.
لعل طبعه المنغلق زاد من تطرفه وارتبط بصلات مع منظمة "المليشيا المدنية" اليمينية المتطرفة التي تضمر العداء للحكومة الأمريكية الفدرالية وترى أنها تمارس الطغيان وتقيد الحريات الدستورية للأمريكيين. أعضاء هذه المنظمة يحملون أفكارا تنص على أن الضرائب والتنظيم الحكومي وأي محاولات لتقييد الحق في حمل السلاح من مظاهر هذا الاستبداد.
باحثون يعتقدون أن الجندي السابق تجاوز نقطة اللاعودة في أعقاب اقتحام مكتب التحقيقات الفدرالي في 19 أبريل عام 1993 لمقر بمزرعة في جبل الكرمل في مدينة واكو بولاية تكساس، يأوي أعضاء للطائفة الداوودية باستخدام الدبابات والمروحيات، والقنابل الحارقة ما أدى إلى مقتل 82 من أعضاء الطائفة احتراقا بينهم 20 طفلا.
قرر الجندي السابق ماكفي الانتقام من الحكومة الأمريكية، واشترى أكثر من طنين من نترات الأمونيوم التي تستخدم كسماد زراعي. تمكن بمساعدة رفيقه السابق في السلاح، تيري نيكولز من صنع قنبلة مدمرة تزن ثلاثة أطنان قاما بتجميعها معا داخل حظيرة بسيطة.
استأجر ماكفي شاحنة من طراز فورد وحملها ببراميل متفجرة. أوقف شاحنة الموت في 19 أبريل عام 1995 أمام مبنى ألفريد مار الفيدرالي بأوكلاهوما. الشاحنة كانت أمام روضة للأطفال في مبنى كان يضم أيضا مكاتب للتجنيد تابعة للجيش ومشاة البحرية، ولخدمات الضمان الاجتماعي، ومكاتب للهيئة المنظمة للكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، وكذلك إدارة مكافحة المخدرات. فعل ذلك وكان يرتدي قميصا كتبت عليه عبارة: "سيكون هذا هو الحال دائما مع الطغاة". عبارة صاح بها جون بوث وهو يطلق النار على الرئيس الأمريكي آنذاك أبراهام لنكولن في عام 1865.
الانفجار دمر ثلت مبنى ألفريد مار الفيدرالي، إضافة إلى تضرر أكثر من 300 مبنى بالجوار، وتم أيضا تدمير 86 سيارة متوقفة. الانفجار الهائل تسبب في مقتل ما مجموعه 168 شخصا بينهم 19 طفلا لم تتجاوز أعمارهم السادسة كانوا في روضة الأطفال.
الجندي الأمريكي السابق اعتقل بعد ساعة ونصف الساعة فقط من التفجير. أوقف بالصدفة وعثر في سيارته على مسدس ملقى في المقعد المجاور للسائق. من المفارقات أن ماكفي اعتقل في البداية بتهمة حيازة سلاح ناري بشكل غير قانوني.
المحكمة أدانت الجندي الأمريكي السابق في 2 يونيو عام 1997 بارتكاب 11 جريمة قتل وتآمر، وجرى إعدامه بالحقنة السامة في سجن بولاية إنديانا في 11 يونيو عام 2001، فيما صدر ضد شريكه تيري نيكولز 161 حكما متواليا بالسجن مدى الحياة. الأمر الخطير في هذا العمل الإرهابي أن جنديا أمريكيا استخدم السلاح ضد مواطنيه، وخلف حصيلة كبيرة من الضحايا والدمار