هل انتهى الوفاق بين جماعة الإخوان المسلمين وبين الشيخ أسامة الأزهري..؟
تعيين أسامة الأزهري (وزيرا للأوقاف) منذ قليل
بدأت شعبية الشيخ بين الإسلاميين بعد مناظرته الشهيرة مع إسلام بحيري عام 2015 رغم أنه في نفس العام عقد مؤتمرا لتجديد الخطاب الديني في دار الأوبرا المصرية طالب فيه الأزهري بالتجديد والنظر في التراث، وإعادة طبع كتاب "القول السديد في الاجتهاد والتقليد"..لرفاعة الطهطاوي ونشره، واتفق الأزهري مع أغلب الحضور على أن تنقية التراث والأحاديث ضرورة ملحة..
وفي نفس العام أفتى الأزهري بأن الموسيقى حلال مع معز مسعود..
المهم: دعونا من هذه الفروقات والاتفاقات فالحوار فيها ثمين جدا ومتشعب للغاية..
قرار رئيس الجمهورية بتعيين الأزهري وزير للأوقاف سيفرض عليه عدة أمور تجعله خصما للإخوان والتيار السلفي:
أولا: سيطرة الدولة والأوقاف على المساجد، واستمرار سياسة مختار جمعة في التضييق على الجماعات ومنعهم من اعتلاء المنابر، إلا لو قرر الأزهري شيئا آخر..ولا أظن أنه سوف يخالف سياسة الدولة..
ثانيا: سيضطر أسامة الأزهري لوقف معاركه مع العلمانيين والليبراليين ودعاة فصل الدين عن الدولة، أو دعاة التنوير والنظر في التراث..
ثالثا: ستنتقل صفة الأزهري من مستشار لرئيس الجمهورية إلى وزير، وهذا انتقال من وظيفة معنوية نخبوية إعلامية، إلى وظيفة تنفيذية يصبح فيها مسؤولا ، والأخيرة يكون فيها الشخص مكبلا بقيود وتحفظات تمنعه من الحديث أو البوح بقناعاته...
رابعا: إطلاق رصاصة الرحمة على مشروع تعيين الأزهري شيخا للأزهر الذي كان يعد فيه لذلك منذ ظهوره الإعلامي الأول عام 2008 حيث أتذكر حينها بأن أسامة كان شابا صغيرا حصل على اهتمام بعض قيادات الأزهر، وأفكاره الأشعرية كانت تؤهله بشكل كبير لقيادة المشيخة..
خامسا: مهمة الوزير تتطلب الانفتاح واللقاءات والدبلوماسية، وهذا ما يجعل الأزهري مأمورا بالتواصل مع المختلفين في الدين والمذهب والرأي والسياسة والأيديولوجي، وهو ما سينعكس على ذهنية الشيخ بتنقيح ومراجعة أغلب قناعاته في التمسك الشديد بالتراث وعدم إعادة النظر فيه..والانقلاب على مؤتمر دار الأوبرا الذي قال فيه كلاما مختلفا تماما..
سادسا: سيتوقف تعظيم الطرق الصوفية لأسامة، وربما لا نرى مشهد حمله على الأعناق مرة ثانية..إلا ربما في حال تركه للوزارة.
بالعموم: نحن أمام مشهد مهم في تاريخ وزارة الأوقاف، فإما يستمر الشيخ أسامة في سياسة سلفه ويكتسب عداوة الإخوان والسلفيين والجماعات، وإما يقرر استراتيجية مختلفة باحتواؤهم وقبولهم وفتح المساجد والمنابر لهم مرة ثانية،
وفي حال اختار سياسة الاحتواء سوف يكون النظام المصري أمام تحديات صعبة، لأن فتح المساجد للجماعات مرة أخرى سيعقبه حضورا سياسيا وشعبيا لهم، وهذا لا يرضي الدولة فضلا عن الحكومة، فأيهما سيختار الوزير الجديد؟