تمكن علماء الفيزياء من تحويل الضوء نفسه إلى مادة فائقة الصلابة، وهو إنجاز قد يفتح آفاقا جديدة في مجال التكنولوجيا الكمومية والبصرية، تتسم المادة الفائقة الصلابة بخصائص غريبة تجمع بين خواص المواد الصلبة والسائلة، وقد تم تحقيق هذه القفزة العلمية في دراسة جديدة نشرتها مجلة Nature في 14 مارس 2025.
المادة الفائقة الصلابة: حالة كمومية غريبة
المواد الفائقة الصلابة تمثل حالة كمومية غير عادية للمادة تجمع بين خصائص المواد الصلبة والسائلة، هذه الحالة النظرية التي تم التنبؤ بها منذ فترة طويلة، تم تحقيقها مؤخرا، حيث تمتاز المادة الفائقة الصلابة بأنها تحتوي على هيكل بلوري مثل المواد الصلبة العادية، لكنها في نفس الوقت قادرة على التدفق بحرية كما السائل.
كما أوضح الفيزيائي Iacopo Carusotto من جامعة ترينتو في إيطاليا، يمكن تخيل المادة الفائقة الصلابة كمائع يتكون من قطرات كمومية مترابطة مرتبة بشكل دوري في الفضاء، "القطرات قادرة على التدفق عبر العقبات دون التعرض للتشويش، مع الحفاظ على ترتيبها المكاني والمسافة المتبادلة بين بعضها كما يحدث في المادة البلورية الصلبة."
الضوء كمادة فائقة الصلابة
المواد الفائقة الصلابة تم تصنيعها سابقا باستخدام الذرات فقط، ولكن الفريق العلمي الذي يقوده علماء من المجلس الوطني للبحث العلمي (CNR) في إيطاليا تمكنوا من إنشاء مادة فائقة الصلابة باستخدام الفوتونات لأول مرة في التاريخ، الفوتونات التي هي وحدات الضوء، تم ربطها بالمادة بواسطة شعاع ليزر تم توجيهه إلى مادة شبه موصلة من زرنيخ الغاليوم، وهي المادة التي وفرت الجزء المادي من المعادلة.
تفاعل الفوتونات مع الإثارات في المادة لتكوين جسيمات شبه حقيقية تُسمى "القطبيات"، وقد تم استخدام تقنيات مشابهة سابقًا لتحويل الضوء إلى سائل فائق، لكن تحويله إلى مادة فائقة الصلابة يتطلب خطوات إضافية معقدة.
العملية العلمية لتكوين المادة الفائقة الصلابة
المادة شبه الموصلة من زرنيخ الغاليوم كانت تحتوي على هيكل مصمم خصيصا للتحكم في الفوتونات وجعلها تنتقل إلى ثلاثة حالات كمومية مختلفة، في البداية، تستقر الفوتونات في حالة ذات زخم صفر، ومع امتلاء هذه الحالة، تبدأ أزواج الفوتونات بالتسرب إلى حالتين كموميتين مجاورتين، مما يؤدي إلى تكثف القطبيات إلى ما يسميه الفريق حالة مرتبطة في الاستمرارية (BiC).
تأكيد تحقق الحالة الفائقة الصلابة
لتأكيد أن هذه الحالة هي فعلاً مادة فائقة الصلابة، قام العلماء بقياس كثافة الفوتونات، التي أظهرت وجود قمتين شاهقتين وفجوة في المنتصف، كما تم تحديد نمط تعديل معين يدل على كسر التناظر الانتقالي، وهو سمة مميزة للمادة الفائقة الصلابة. بالإضافة إلى ذلك، استخدم الفريق تقنية التداخل لقياس الحالة الكمومية للنظام وضمان تماسكه المحلي والعالمي.
التطبيقات المستقبلية للمادة الفائقة الصلابة
أوضح الفيزيائي دانييلي سانفيتو من معهد النانو تكنولوجي في CNR: "هذا العمل لا يقتصر على إثبات وجود مرحلة المادة الفائقة الصلابة في منصة فوتونية فحسب، بل يفتح الطريق لاستكشاف المراحل الكمومية للمادة في الأنظمة غير المتوازنة." يشير هذا الاكتشاف إلى إمكانيات كبيرة لجسر الفجوة بين العلوم الأساسية والتطبيقات العملية، وهو ما يمكن أن يحدث ثورة في تطوير الأجهزة التي تصدر الضوء.
هذا الاكتشاف العلمي يقدم طريقة جديدة تماما لتحويل الضوء إلى مادة فائقة الصلابة، مما يمثل قفزة هائلة في مجال الفيزياء الكمومية، قد تسهم هذه الدراسة في تطوير تقنيات جديدة لمجموعة واسعة من التطبيقات التكنولوجية المستقبلية، بدءا من الأجهزة البصرية المتقدمة وصولا إلى أبحاث جديدة في مجال المواد الكمومية.



