القتل تكتيك تفاوضي: أي زمن هذا؟
فلسطين
القتل تكتيك تفاوضي: أي زمن هذا؟
محمد الحمد
18 آذار 2025 , 19:51 م

‏نشرت صحيفة واشنطن بوست، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، أن قصف غزة هو “تكتيك تفاوضي” يهدف إلى الضغط على حركة حماس لتكون أكثر مرونة في المفاوضات، عبارة واحدة تختصر جوهر المأساة التي تعيشها منطقتنا: القتل أصبح أداة للتفاوض، والدماء باتت مجرد ورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية.

‏نحن في عالم تحكمه الوحوش على هيئة بشر، كائنات مجردة من الإنسانية، لا ترى في المدنيين الأبرياء سوى أرقام في حسابات سياسية قذرة، والأسوأ من ذلك، أن هناك قطعانا تنساق وراء هذه الوحوش، تنتظر دورها، أو تمضي أيامها في الطاعة العمياء، وكأنها قد فقدت القدرة على التمييز بين الحق والباطل، بين العدل والجريمة.

‏أما منطقتنا، فهي محكومة بأدوات تابعة لهذه الوحوش، أنظمة وحكام لا همّ لهم سوى تمكين الشيطان الأكبر من تحقيق أهدافه، وعلى رأسها مشروع “إسرائيل الكبرى” والديانة الإبراهيمية التي يراد لها أن تكون غطاءً لتصفية القضية الفلسطينية ومحو الهوية العربية والإسلامية، العقبة الوحيدة أمام هذا المشروع هي “جبهة المقاومة” التي تضم أنظمة وشعوبا ونخبا ترفض الخضوع والاستسلام، ولهذا السبب، تُحارب بكل أنواع الحروب، سواء كانت عسكرية أو سياسية أو اقتصادية أو إعلامية.

‏نحن في شهر رمضان، شهر الرحمة والبركة، في أمة يفترض أنها “أمة الإسلام”، لكنها للأسف تحولت إلى أداة طيّعة بيد الشيطان الأكبر، بل إلى مطية له، سواء على مستوى الأنظمة أو الحكام أو الأدوات العميلة أو حتى المترددين والمرجفين والخونة والجبناء في منطقتنا بأكملها، دون أي استثناء، إلا لأولئك الذين حملوا راية المقاومة، بغض النظر عن انتماءاتهم أو مذاهبهم أو قومياتهم.

‏اليوم، تُقصف غزة واليمن، وتُمزق اجساد النساء والأطفال والشيوخ وكل شيء، في مشاهد تتكرر وكأنها أصبحت أمرا طبيعيا، بل وأكثر من ذلك، يجري كل هذا في شهر رمضان المبارك، وبرعاية مباشرة من الأعراب وأدواتهم، بل ومن كل من يؤيدهم أو يمدّ جسور العلاقات معهم، ومنهم في بلدي.

‏أما التبرير؟ فهو ببساطة: “تكتيك تفاوضي”.

‏أي مهزلة هذه التي نعيشها؟ كيف أصبح قتل الأطفال الأبرياء تكتيكا سياسيا مقبولا في عرف العالم؟ كيف أصبح تهجير الناس، وتدمير منازلهم، وإبادتهم، جزءا من “استراتيجية تفاوضية”؟ وكيف يقبل العالم بهذا المنطق الوحشي دون أن يرفّ له جفن؟

‏يا أمة المليار أو المليارين، يا مسلمين، يا عرب، متى تتحركون؟ أين أنتم يا علماء؟ أين أنتم يا مؤسسات ومنظمات؟ أين أنتم يا شعوب، وخصوصا في دول الطوق، في مصر والأردن؟ أين أنت يا أزهر؟ أين صوت الحق في زمن تُسحق فيه القيم والمبادئ تحت أقدام المحتلين والمجرمين؟

‏تَبا وتعسا لكل من رضي بالذل، وسار في ركاب الطغاة.

‏ولعنة الله على كل عميل ومتردد وجبان وخائن.

‏ولعنة الله على كل من يقدم مصالحه الخاصة على المصالح العامة.

‏ولعنة الله على كل من يفرط بالثوابت ويتخاذل عن أداء واجبه تجاه أمته وقضاياها العادلة.