ظهرت طرق علاجية غير تقليدية للتعامل مع الاكتئاب الحاد في ظل الضغوط النفسية الشديدة التي يعاني منها الكثيرون في العصر الحديث، إحدى هذه الطرق المثيرة للجدل هي تجربة "الجنازة الوهمية"، حيث يمر المشاركون بتجربة الموت لمدة 10 دقائق لاستعادة الشهية للحياة.  

الاكتئاب: أزمة عالمية

تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن أكثر من 264 مليون شخص حول العالم يعانون من الاكتئاب والشعور المستمر بعدم الرضا، ومع ذلك يعتقد الخبراء أن الأرقام الحقيقية أعلى بكثير، خاصة في الدول الصناعية الكبرى حيث تزداد ضغوط العمل والإجهاد النفسي.  

عادةً ما تشمل العلاجات التقليدية للاكتئاب زيارة طبيب نفسي، وتناول الأدوية المهدئة، واتباع نظام غذائي صحي، وأخذ فترات راحة منتظمة، ومع ذلك ظهرت في السنوات الأخيرة طرق علاجية غير تقليدية، مثل تجربة "الجنازة الوهمية"، التي تهدف إلى مساعدة الأشخاص الذين يعانون من اكتئاب حاد على إعادة تقييم حياتهم ومصادر قلقهم.  

تجربة "الجنازة الوهمية" في كوريا الجنوبية

انتشرت تجربة "الجنازة الوهمية" بشكل واسع في كوريا الجنوبية، حيث يعاني معظم السكان في سن العمل من الإجهاد الشديد والتعب النفسي، مما أدى إلى زيادة حالات الانتحار، تحتل كوريا الجنوبية المرتبة العاشرة عالميا في معدلات الانتحار، مما دفع بعض الشركات إلى اقتراح هذا النوع من العلاج لموظفيها.  

تبدأ التجربة بالتقاط صور للمشاركين، يليها إحاطة قصيرة عن الانتحار، ثم يقودهم شخص يرتدي زي "ملاك الموت" عبر ممر مظلم إلى قاعة الجنازة، هناك يرتدون ملابس الجنازة التقليدية، ويكتبون رسائل وداع ويقرؤونها بصوت عالٍ، بعد ذلك يستلقي المشاركون في توابيت مغلقة لمدة 10 دقائق، حيث يمرون بتجربة "تذوق الموت".  

ردود الفعل على التجربة

تختلف ردود فعل المشاركين تجاه هذه التجربة، البعض يشعرون بالفزع ويرفضون الاستلقاء في التابوت، بينما يمر آخرون بالتجربة حتى النهاية ويشعرون بالراحة داخلها، وفقا للتقارير، فإن غالبية المشاركين يصرحون بأن التجربة جعلتهم يشعرون بنشاط وحيوية أكبر، وقللّت من شعورهم بالاكتئاب.  

انتشار التجربة عالميا

لا تقتصر تجربة "الجنازة الوهمية" على كوريا الجنوبية فقط، بل انتشرت أيضا في دول مثل هولندا والصين، في الصين، يتم ممارسة هذا النوع من العلاج في مقبرة "باباوشان" في بكين، حيث يتم محاكاة تجربة الموت باستخدام الواقع الافتراضي.  

انتقادات الخبراء

على الرغم من الإقبال المتزايد على هذه التجربة، يرى بعض الخبراء أنها ليست حلا فعالا للاكتئاب، تقول الطبيبة النفسية ناتاليا شيمشوك: "نعم، سيشعر الشخص بالفرح عندما يخرج من التابوت. ولكن هل يتوجب علينا أن نوصي بهذه التجربة في كل مرة؟ غدًا سيعود الشخص إلى عمله، وقد يواجه مشكلة مثل فقدان الوظيفة. ماذا سيفعل؟ هل سيهرب ليدفن نفسه مرة أخرى؟".

في النهاية، يبقى علاج الاكتئاب تحديا معقدا يتطلب نهجا متعدد الأوجه، بينما قد تكون تجربة "الجنازة الوهمية" مفيدة لبعض الأشخاص، إلا أنها ليست حلا شاملا. كما قال الروائي والمفكر الروسي ليو تولستوي: "يجب أن يكون الشخص سعيدًا. إذا لم يكن سعيدًا، فهو المسؤول. وهو ملزم بالاعتناء بنفسه حتى يزيل هذا الإزعاج أو سوء الفهم".