حدث دولي مهم حصل البارحة، حدث ضخم وكبير في دلالاته وحتى تبعاته، وبشكل لن يقل في صداه وأثره عن أوامر الاعتقال التي صدرت من الجنائية الدولية بحق
أخبار وتقارير
حدث دولي مهم حصل البارحة، حدث ضخم وكبير في دلالاته وحتى تبعاته، وبشكل لن يقل في صداه وأثره عن أوامر الاعتقال التي صدرت من الجنائية الدولية بحق" نتنياهو" و"غالانت".
26 آذار 2025 , 18:25 م


البارحة وفي سابقة هي الأولى في التاريخ، أعلنت ٩ دول (ليس بينها أي دولة عربية) عن تدشين أول تجمع دولي أطلق عليه "مجموعة لاهاي" بهدف ملاحقة العدو ال$هيوني في المحاكم الدولية والعمل على إنهاء الاحتلال الا$رائيلي للأراضي الفلسطينية (الأراضي الفلسطينية المحتلة عقب ١٩٦٧)
هذه الدول هي جنوب أفريقيا وماليزيا وكولومبيا وبوليفيا وكوبا وهندوراس وناميبيا والسنغال وجزر بليز.
المجموعة قررت أنها لن تكتفي فقط بملاحقة العدو قضائياً، بل قرروا ايضًا أنهم سحاصروه سياسياً واقتصادياً وعسكرياً من خلال اتخاذ الاجراءات التالية:
١. تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة من الجنائية الدولية بحق "نتنياهو" و"غالانت" في حال وصول أي واحد منهما إلى أراضي أي دولة من ال ٩.
٢. منع تصدير أو توفير أو نقل الأسلحة للعدو.
٣. منع رسو أي سفن تنقل أسلحة او وقود للعدو في موانيء أي دولة من ال ٩.
قد يقول أحدنا أنها دول صغيرة -عدا ماليزيا- وتأثيرها ليس كبيرًا، وهذا الكلام صحيح، لكن رأيي الشخصي أن تدشين التجمع نفسه في حد ذاته يمثل خطوة جريئة   لتجاوز المحظور، وإعلان عصيان للابن المدلل لأمريكا، وتحديًا جديدًا بقول للعدو إن ما قبل الطوفان غير ما بعده، حتى لو معك أمريكا بعظم قوتها.
وإن مجرد تدشين التجمع بهذا العدد من الدول، يعني أنه سيفتح الطريق للتوسع وتشارك فيه دول أكبر نفوذاً وتأثيراً، وهذا لوحده تهديد كبير للعدو حتما هو يدركه بشكل واع وسنرى ردود الأفعال عليه الأيام القادمة.
لكن أيضًا على الرغم من أن هذه الدول تبدو صغيرة نظرياً من ناحية التأثير على المشهد الدولي عموماً، فعملياً هي قادرة على التأثير على العدو لوحده تأثيرًا لا يستهان به، وسنضرب أمثلة على سبيل المثال لا الحصر عن أوراق الضغط والتأثير التي يمكن أن يمتلكوها:
1. أولاً يعتبر هذا أول تكتل دولي رسمي ضد العدو، يجمع الدول التي تعتبر علاقتها السياسية تاريخياً متوترة مع العدو مثل كوبا وبوليفيا وماليزيا، مع دول كان بينها وبين العدو تعاونًا اقتصاديا وعسكريا مثل كولومبيا وجنوب أفريقيا وناميبيا والسنغال وهندوراس، وهذا بعطي التجمع قوة مبنية على تكامل الأدوار ما بين دول لديها تاريخ طويل من المناكفة السياسية مع العدو، ودول كان بينها وبين العدو علاقات ممكن بعضها تكون متوترة لكنها في النهاية علاقات قوية إلى ما قبل الطوفان، وكان العدو يأمل أنها تعود وتتحسن مرة أخرى بعد انتهاء الحرب.
2. كولومبيا، تعتبر من أكبر مصدري الفحم للعدو، وكان الفحم الكولومبي قبل الطوفان بيمثل 65% من إجمالي واردات العدو من الفحم، ومنذ بدأ الطوفان أوقفت التصدير. وأيضًا حجم الصادرات العسكرية من العدو لكولومبيا وصل لقرابة ال 200 مليون دولار، وهذا كله سيتوقف تماما.
3. جنوب أفريقيا، وعلى الرغم من مواقفها القوية المؤيدة لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم ومعادية لسياسات الاحتلال في الضفة الغربية، إلا أنه يجمعها مع العدو علاقات اقتصادية وتعاون عسكري مهم. مثلا 15% من واردات العدو من الفحم من جنوب أفريقيا، وجنوب أفريقيا كانت دوما تمثل بوابة العدو لأفريقيا لثقل دورها وتأثيرها في القارة، كما أنها سوق مستهدف للصناعات الأمنية والسيبرانية للعدو.
4. ماليزيا وكولومبيا وكوبا  بالموانيء الاستراتيجية التي يشرفون عليها، بتحكمون في حركة التجارة في شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، إلى جانب ناميبيا وجنوب أفريقيا والسنغال الذين يتحكمون في حركة التجارة في أفريقيا نفسها ومن جنوب وغرب أفريقيا إلى أوروبا. وهذا معناه أن هذه الدول قادرة أن تسبب مشاكل لوجيستية كبيرة للعدو في نقل الأسلحة والوقود والتجارة بالعموم، ولن نكون مبالغين لو قلنا إنهم قادرون على ضرره اقتصادياً بشكل كبير ومؤثر.
في النهاية الحقيقة أن مثل هذا  الحدث بقدر ما هو مفرح، بقدر ما هو محزن ومقلب للمواجع، ويترك في الحلق غصة من المرارة والألم، لأن هذه  المواقف تصدر من أناس لا تجمعهم بفلسطين أي روابط قومية ولا أيديولوجية ولا عرقية ولا ثقافية، ولكن مواقفهم هي مواقف أخلاقية بشكل كبير، في الوقت الذي لا يكتفي فيه  أخوة الدم والدين والعرق بخذلان  إخوانهم، بل يشاركون في خيانتهم  ويشاركون عدوهم في القضاء عليهم.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري