ثورة في فهمنا لتاريخ الأرض:
كشف فريق بحثي من جامعة ناغويا في اليابان بقيادة العالم تارو ماتسو عن أدلة مثيرة تشير إلى أن المحيطات الأولى لكوكبنا لم تكن زرقاء كما نعرفها اليوم، بل كانت خضراء اللون، نُشرت هذه النتائج الرائدة في مجلة "نيتشر إيكولوجي آند إيفولوشن"، وتقدم رؤى جديدة حول تطور الحياة على الأرض وإمكانية تطبيق هذه المعرفة في البحث عن حياة خارج كوكبنا.
الارتباط بين لون المحيطات ونشأة الحياة:
يربط هذا البحث بين لون المحيطات القديمة ونشأة الحياة من خلال التركيز على:
1. البكتيريا الزرقاء (السيانوبكتيريا): الكائنات الدقيقة التي أحدثت ثورة في غلافنا الجوي من خلال التمثيل الضوئي المنتج للأكسجين.
2. صبغات التمثيل الضوئي البدائية: استخدام السيانو بكتيريا لمجموعة فريدة من الصبغات تسمى "فيكوبيليبروتينات" لامتصاص الضوء الأخضر بكفاءة.
3. كيمياء المحيطات القديمة: التفاعل المعقد بين الأكسجين الناشئ وكميات الحديد الهائلة في مياه المحيطات المبكرة.
آلية تغير لون المحيطات:
يشرح البحث التحول الدراماتيكي الذي حدث خلال "الحدث الأكسيدي العظيم" قبل 2.4 مليار سنة:
- كانت المحيطات غنية بأيونات الحديدوز (Fe²⁺) الذائبة
- مع إنتاج الأكسجين، تحول الحديد إلى حالته الحديدية (Fe³⁺) غير الذائبة
- ترسب الحديد على شكل جسيمات تشبه الصدأ
- امتصت هذه الجسيمات الضوء الأزرق والأحمر، وسمحت بمرور الضوء الأخضر
- النتيجة: محيطات ذات لون أخضر مميز
تطبيقات في البحث عن حياة خارج الأرض:
يقترح البحث منهجاً جديداً للبحث عن الحياة على الكواكب الخارجية:
- قد تكون المحيطات الخضراء علامة على وجود حياة بدائية
- يمكن للتقنيات الفلكية الحديثة كشف انعكاس الضوء الأخضر من مسافات بعيدة
- مناطق مثل جزيرة إيو في اليابان (حيث أجريت أبحاث ميدانية) تمثل نموذجاً للمحيطات البدائية
رحلة الاكتشاف العلمي:
يصف ماتسو رحلة البحث قائلاً: "عندما خطرت لي فكرة المحيطات الخضراء لأول مرة في 2021، كنت متشككاً. ولكن بعد سنوات من البحث الميداني والمخبري، خاصة دراستنا في أرخبيل ساتسونان عام 2023، حيث رأينا المياه الخضراء المتلألئة الغنية بهيدروكسيد الحديد، تحول شكي إلى اقتناع تام."
الآثار العلمية الأوسع:
يقدم هذا البحث منظوراً جديداً حول:
- التطور المشترك بين الحياة والبيئة على الأرض
- آليات تكيف الكائنات الحية مع الظروف المتغيرة
- إمكانية استخدام الخصائص البصرية للكواكب كعلامات حيوية
يختتم ماتسو بالقول: "هذا الاكتشاف لا يغير فقط فهمنا لتاريخ الأرض، بل يفتح نافذة جديدة في بحثنا عن حياة في الكون. المحيطات الخضراء قد تكون الدليل الذي كنا نبحث عنه."
تمثل هذه الدراسة نموذجاً للتعاون بين الجيولوجيا وعلم الأحياء التطوري والفلك، وتؤكد كيف يمكن للبحوث الأساسية أن تقود إلى تطبيقات غير متوقعة في مجالات علمية متعددة.



