يعتقد كثيرون أن الدلافين تنقذ الغرقى بدافع التعاطف، لكن الأبحاث الحديثة تُظهر أن هذه التصرفات قد تكون مدفوعة بدوافع غريزية تتعلق بالصيد الجماعي أكثر من كونها أعمالا بطولية، وبينما لا تربط البشر والدلافين قواسم ظاهرية كثيرة، إلا أن هذه الكائنات البحرية تدهشنا كل يوم بذكائها المعقد وسلوكها المذهل.
- ثقافة الدلافين: استخدام الأدوات ونقل المهارات
واحدة من أبرز دلائل الذكاء عند الدلافين هي استخدامها للأدوات، ففي خليج القرش بغرب أستراليا، تقوم إناث دلافين المحيطين الهندي والهادئ، المعروفة باسم "البقرات"، بكسر قطع من الإسفنج البحري لتكوين أدوات واقية تضعها على مناقيرها أثناء البحث عن الطعام بين الصخور. هذا السلوك لا يُكتسب غريزيا، بل يتم تعليمه من الأمهات إلى الصغار، وخاصة الإناث، مما يجعل هذا السلوك يُصنَّف كـ"ثقافة حيوانية".
- الدلافين كائنات لا تمضغ الطعام رغم امتلاكها أسنانا
تنتمي الدلافين إلى فصيلة الحيتان ذات الأسنان، لكنها لا تمضغ طعامها بل تبتلعه كاملا، نظرا لغياب عضلات الفك اللازمة للمضغ، وهناك حاليًا 43 نوعا من الدلافين حول العالم، 38 منها بحرية، و5 نهرية، وتتراوح أطوالها عادة بين 2 إلى 3.6 أمتار.
- القدرة على التعرف على الذات وتمييز الأفراد
تُظهر الدلافين قدرات ذهنية فريدة مثل التمييز الذاتي أمام المرآة، وهو سلوك نادر بين الحيوانات، لا يظهر إلا عند الفيلة والببغاوات الرمادية، كما تملك الدلافين صافرة فريدة لكل فرد في القطيع، يستخدمها لتحديد هويته، ما يُشبه نظام "الأسماء" بين البشر.
- مهارات صوتية وبهلوانية مبهرة وذاكرة طويلة الأمد
إضافة إلى مهاراتها المعقدة، تتمتع الدلافين بذاكرة صوتية طويلة الأمد، حيث تستطيع تذكر الإشارات الصوتية الجديدة مدى الحياة. كما تكتسب المهارات البهلوانية بسرعة مذهلة، وهي من أبرز الكائنات البحرية التي تتفاعل مع الغواصين والقوارب بدافع الفضول والميل للتواصل.
- هل تنقذ الدلافين الغرقى حقا؟ الحقيقة الصادمة
فيما تروَّج روايات عن إنقاذ دلافين لأشخاص غرقى، يؤكد بعض الباحثين أن هذه التصرفات قد لا تكون بطولية كما يُعتقد، الدلافين تصطاد في مجموعات، وعندما يلاحظ القطيع غريبا (كغواص أو غريق)، فقد يعتبرونه منافسا على الطعام، ويدفعونه بعيدا، سواء نحو الشاطئ أو إلى البحر المفتوح.
- حادثة في البحر الأسود توضح السلوك الحقيقي
في إحدى الحوادث، واجه غواص في البحر الأسود قطيع دلافين أثناء غوصه على عمق 6 أمتار، فبادرت الدلافين إلى دفعه نحو السطح، واستمرت حتى أوصلته إلى المياه الضحلة، ثم عادت لمتابعة صيدها، خرج الغواص من الحادثة بكدمات ودهشة، مؤكداً سلوكا شبيها بالإبعاد لا بالإنقاذ.
- مخلوقات ذكية ... ومثيرة للدهشة
مهما كانت دوافعها، تبقى الدلافين كائنات ذكية، مرحة، وفضولية. تجمع بين الرشاقة الجسدية، والتعقيد العقلي، والسلوكيات الاجتماعية المذهلة، لتظل واحدة من أكثر الكائنات البحرية إثارة للإعجاب والبحث.