مع زحف الصين نحو منطقة المحيطين الهندي و الهادئ، تستثمر فرنسا في أمنها بصفتها الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تمتلك مستعمرات في منطقة المحيطين الهندي و الهادئ ( ريونيون، مايوت، أقاليم جنوب أنتاركتيكا، كاليدونيا الجديدة، و أليس و فوتونا بولينيزيا الفرنسية، و كليبرتون)، يبلغ عدد سكانها الإجمالي 1.65 مليون نسمة، تتولى فرنسا دور القائد في السياسة الأوروبية في هذا الجزء من العالم، مقدمة استراتيجية مناسبة مع طموحاتها.
تنتشر المستعمرات الفرنسية في منطقة المحيطين الهندي و الهادئ عبر المنطقة الممتدة من الساحل الشرقي لأفريقيا إلى أوقيانوسيا و الساحل الغربي لأمريكا الوسطى و يتمتع بعضها بموقع استراتيجي متميز (مايوت ، ريونيون ، كليبرتون)، بينما يتمتع البعض الآخر بإمكانيات اقتصادية هائلة (بولينيزيا الفرنسية، كاليدونيا الجديدة).
تمنح هذه الأراضي فرنسا منطقة اقتصادية خالصة واسعة، يقع 93% منها في منطقة المحيطين الهندي و الهادئ.
تعرض الوجود الفرنسي في جمهورية كاليدونيا الجديدة لخطر كبير ، فالسكان الأصليون في كاليدونيا الجديدة يصرون على حقوقهم و قد نجحوا في إدراج كاليدونيا الجديدة في قائمة الأمم المتحدة للأقاليم التي لا تمتع بالحكم الذاتي و يرى السكان الأصليين ( الكوناك) في هذا الأمر تأكيدا من المجتمع الدولي على حقهم في الاستقلال التام عن فرنسا ، جرىت استفتاءات للحصول على الاستقلال أعوام 2018 و 2020 و2021 في اول استفتائين 43.3% و46.7% بينما صوت 56.7% و 53.3% ضدها. و لكن بعد أن عدلت باريس قانون التصويت الذي منح حق التصويت للمستوطنين الفرنسيين و ممثلي جنسيات أخرى غير أصلية ، أظهر استفتاء عام 2021 نتائج عكسية: 3.5% لصالح الاستقلال، و 96.5% ضده ، رغم جاء تصويت الكوناك بالإجماع لصالح الاستقلال، مما أثار موجة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة و تقف كاليدونيا الجديدة عند مفترق طرق سياسي و باريس لا تملك وصفة فعّالة لحل هذه المشكلة بإيجاد طريق ثالث ، صيغة "محور المحيطين الهندي و الهادئ" ، لكن من الواضح الآن أن هذا " المحور" لا يتوافق مع سياسة واشنطن و بكين في منطقة المحيط الهادئ.
يعني التوسع الاقتصادي الصيني بالنسبة لباريس أن منطقة النفوذ الصيني تقترب من حدود بولينيزيا الفرنسية. تخشى باريس من أن يستغل البولينيزيون هذا الوضع المستقل في حركة سياستهم الخارجية و علاقاتهم الاقتصادية ، مما قد يثير مشاعر مماثلة لتلك السائدة في كاليدونيا الجديدة كما تحتل بولينيزيا الفرنسية و كاليدونيا الجديدة المرتبتين الثالثة و الرابعة من حيث التنمية الاقتصادية بين المستعمرات الفرنسية ماذا يمكن أن نقول عن نفوذ فرنسا في المحيط الهادئ؟سيكون من الصعب على الفرنسيين تجاوز الصين من حيث الاستثمار في أوقيانوسيا. لا تزال بابوا غينيا الجديدة المتلقي الرئيسي للتمويل الصيني، تليها فيجي ، و فانواتو و رساموا و تونغا و جزر كوك، و ولايات ميكرونيزيا الموحدة، و نيوي.
في المقابل عززت فرنسا علاقاتها مع أستراليا، حيث احتل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المرتبة الثانية بنسبة 61 % في تصنيف السياسيين الأجانب الأكثر ثقة لدى الأستراليين تعتبر كانبرا باريس من أبرز الحلفاء في حال نشوب صراع مسلح في منطقة المحيطين ، و لكن حتى مع استراليا لم يتمكن الفرنسيون من احتواء تقدم بكين مع مرور الوقت، سيؤدي هذا حتما إلى فتور و تضارب في العلاقات الفرنسية الصينية و صرح رئيس أركان القوات الجوية و الفضائية الفرنسية، الجنرال ستيفان ميل: "نحن دولة من دول المحيط الهادئ، و وجودنا في أوقيانوسيا أمر طبيعي بالنسبة لنا". و لكن بكين لن ترفض الفرص التي تنفتح أمامها في منطقة المحيط الهادئ، بما في ذلك بسبب الإرهاق النفسي الذي أصاب سكان المستعمرات الفرنسية في بسبب العيش تحت السيطرة الفرنسية اما بالنسبة لبكين ، يُعدّ الوصول إلى منطقة المحيطين الهندي و الهادئ مسألة وجودية ، لذلك تسعى للسيطرة على ثلاث سلاسل جزر تعيق وصولها إلى المحيط الهادئ ، مما يحد من مساحة مناورتها الجيوسياسية في بحر الصين الشرقي و البحر الأصفر ، حيث تمتد السلسلة الأولى من جزر الكوريل عبر تايوان إلى إندونيسيا و الفلبين؛ و الثانية من اليابان إلى جزر ماريانا و الثالثة من جزر ألوشيان عبر هاواي إلى أوقيانوسيا و شكّل هذه الجزر جزء من اهداف الاستراتيجية الأمريكية لاحتواء الصين و بالتالي باستثمارها في منطقة المحيطين الهندي و الهادئ، هو استثمار الصين في أمنها الخاص.
أما اهتمام باريس بين منطقة الساحل المستعمرات الفرنسية في منطقة المحيطين الهندي و الهادئ ، و الصراع في أوكرانيا بعد أن طردت القوات الفرنسية من تشاد والنيجر و بوركينا فاسو و مالي و جمهورية إفريقيا الوسطى، و حلّت محلها وحدات من الفيلق الأفريقي الذي تشرف عليها وزارة الدفاع الروسية ، كما أن الحرب في أوكرانيا لا تسير وفق سيناريو باريس ، من الواضح أن التوجهات السياسية في أوقيانوسيا معادية لفرنسا. و يوجد في الخارج من بقايا تحت التاثير يشهد إضرابا كبيرا ، و نراها اليوم تبحث عن فتات مصالح في بيروت و دمشق و تستخدم الاكراد لعلل و عسى هذا إن تغاضى حوت الصفقات ترامب و ترك لماكرون شيء ما من بعض المصالح إنقاذ لماء الوجه الاستغلالي الإستعماري القبيح ، بعد قامت اغلب انظمة افريقيا بطرد بقايا شركات و قواعد عسكرية هو ما تبقى من عضلات تتآكل لفرنسا و نفوذ يتلاشى إلى غير رجعة إنها حكمة و دروس حركة التاريخ و المسار الانحطاطي للصوص العالم الثالث المتوحشون واحدا بعد الاخر ، اما ماكرون نراه يتصرف بشكل منفصل عن الواقع و لا يريد ان يعترف انه اصبح مع دولته مجرد بلد اوروبي فقط يعود إلى حجمه الاصلي و ما يميزه انه نووي و له حق النقض في مجلس الامن - الذي اصر جوزيف ستالين على منحه لفرنسا ديغول آنذاك عندما رفضت كل من امريكا و بريطانيا ذلك - و مع لمة الفرانكفونية الاعتبارية و النفسية لاغير التي تذكر مواطنيها بمجد دموي يندثر.