تمكن فريق علمي من سيبيريا من تحديد الجينات المرتبطة بحساسية الإنسان تجاه آلام الظهر ، موضحين لماذا يعاني بعض الأشخاص من ألم شديد حتى مع تغيرات طفيفة في العمود الفقري، في حين لا يشعر آخرون بأي انزعاج، تأتي هذه الدراسة لتسلط الضوء على الدور الحاسم للجينات العصبية في تفسير آلام الظهر المزمنة، متجاوزة الفهم التقليدي الذي كان يركز فقط على عظام الغضاريف والهياكل العظمية.
الجينات العصبية: المفتاح لفهم آلام الظهر
كشف الباحثون من "المركز الفيدرالي للبحوث - معهد علم الخلايا والجينات التابع لأكاديمية العلوم الروسية" عن جينات تحدد الحساسية الفردية للألم في العمود الفقري. وأوضحت إليزافيتا إلغايفا، الباحثة المشاركة في الدراسة، أن الجينات المرتبطة بالجهاز العصبي تلعب دورا محوريا، وليس فقط الجينات المسؤولة عن تطور العظام والغضاريف.
سبب اختلاف شدة الألم بين المرضى
لطالما حيرت المجتمعات الطبية ظاهرة تعرض بعض المرضى لألم حاد رغم وجود تغييرات طفيفة في التصوير بالرنين المغناطيسي، بينما يعاني آخرون من تغييرات كبيرة بدون شعور بالألم، تُفسر الدراسة هذا التباين بالعوامل الوراثية، حيث يملك بعض الأفراد استعدادا وراثيا أعلى للشعور بالألم المزمن، مما يجعلهم أكثر عرضة للمعاناة من أعراض حتى مع اضطرابات طفيفة.
السر الجيني لآلام الظهر المزمنة
استمرت الدراسة لأكثر من سبع سنوات، حيث تم تحليل بيانات من بنك معلومات بريطاني يحتوي على سجلات لحوالي نصف مليون شخص. تم تحديد ثلاثة جينات أولية، ثم توسعت القائمة بفضل التحليل المتعدد المتغيرات لتشمل أكثر من عشرة جينات مرتبطة بآلام مزمنة في أماكن مختلفة مثل الركبة، الورك، العنق، بالإضافة إلى الصداع وآلام البطن.
التنبؤ بخطر الإصابة بآلام الظهر
طور الفريق العلمي نماذج تنبؤية لتقييم المخاطر الفردية لتطوير آلام الظهر. إذا تم التحقق من علامات جينية موثوقة، سيكون بالإمكان إجراء فحوصات خاصة للمرضى لتقدير احتمالية تعرضهم لمشاكل في العمود الفقري، مع ذلك، لا تزال دقة هذه التنبؤات محدودة بسبب عوامل أخرى كنوعية الحياة والأمراض المصاحبة.
التعاون البحثي المستقبلي
يتعاون الباحثون حاليا مع معاهد طبية في نوفوسيبيرسك وموسكو لدراسة عينات من أنسجة مرضى يعانون من درجات متفاوتة من تدهور الأقراص بين الفقرات، يهدف هذا التعاون إلى فهم كيفية تغير نشاط الجينات خلال العمليات المرضية وآليات تطور الألم.
أظهرت دراسات سابقة من جامعة طوكيو للعلوم أن الفئران قادرة على "نقل" الألم بين بعضها البعض عن بعد دون تماس مباشر، مما يفتح آفاقا جديدة لفهم تأثير العوامل البيئية والسلوكية على الشعور بالألم.