كشفت دراسة علمية حديثة أن المضادات الحيوية من نوع بوليميكسين، والتي تعد خط الدفاع الأخير ضد البكتيريا المقاومة، لا تعمل إلا على الخلايا البكتيرية النشطة. أما الخلايا في حالة الخمول، فتحتفظ بدرعها الواقي وتبقى صامدة، وهو ما يفسر عودة العدوى حتى بعد العلاج.
كيف يخترق بوليميكسين درع البكتيريا؟
أجرى باحثون من جامعة كوليدج لندن وإمبريال كوليدج لندن وجامعة نوتنغهام تجربة غير مسبوقة، حيث تمكنوا من متابعة التفاعل لحظة بلحظة تحت المجهر. وأظهرت الصور أن المضاد الحيوي بوليميكسين B يسبب بروز انتفاخات صغيرة على سطح بكتيريا E. coli، لتبدأ الطبقة الخارجية بالانفصال تدريجياً، محدثة شقوقاً تسمح بدخول الدواء إلى داخل الخلية.
صور مدهشة تحت المجهر
صورة خلية غير معالجة.
صورة بعد 15 دقيقة من التعرض للمضاد الحيوي.
صورة بعد 30 دقيقة.
صورة بعد 60 دقيقة.
صورة بعد 90 دقيقة.
الصور أظهرت تطور انهيار الطبقة الواقية للبكتيريا مع مرور الوقت، مما وفّر دليلاً بصرياً دقيقاً على آلية الاختراق.
لماذا تنجو البكتيريا الخاملة؟
المفاجأة الكبرى أن هذه الآلية لا تؤثر على البكتيريا "النائمة"، حيث تبقى محصنة داخل غلافها الواقي، هذه القدرة على الدخول في حالة سبات تسمح للبكتيريا بتجاوز الظروف الصعبة، ثم تعود للنمو لاحقاً مسببة انتكاسات متكررة للعدوى.
لكن التجارب بينت أنه بمجرد إضافة مصدر غذائي مثل السكر، تستيقظ هذه الخلايا الخاملة من سباتها، وعندها يصبح المضاد الحيوي فعالاً من جديد، وإن كان ذلك بعد فترة زمنية قصيرة.
ما الذي تعنيه هذه النتائج للطب الحديث؟
أثبتت الدراسة أن نجاح المضادات الحيوية لا يعتمد فقط على تركيبتها الكيميائية، بل أيضاً على الحالة الفسيولوجية للبكتيريا. وهذا يفسر سبب فشل حتى أقوى الأدوية أحياناً في القضاء على العدوى، ويطرح تحديات جديدة أمام تطوير طرق علاج أكثر فعالية ضد البكتيريا المقاومة.