ثقافة
سوريا
تعد سوريا أول وأقدم موطن للحضارة الإنسانية التي تقاطعت على أرضها كافة حضارات الشرق، وكانت المركز والموطن والمنطلق في العديد من الحضارات التي أعطت للعالم وللغرب خاصة الكثير من الفن والحضارة والعلوم، ذكرت مراجع الحضارات السورية القديمة و اليونانية والإغريقية قصص وروايات عبارة عن أساطير منها اسطورة الأميرة السورية التي منحت اسمها للقارة العجوز .
الأميرة السورية "أوروبا"
وقد ذكر القصة الشاعر الإسكندري موسيخوس قبل 1800 عام ، وتقول الأسطورة إن ملك سوري فينيقي إسمه أجينور، من "صيدا" (صيدون) الواقعة وسط صدر "البحر المتوسط" كان يحكم فينيقيا ، والده بوسيدون إله البحار وأمه ليبيا ، والتي أعطت إسمها لقارة إفريقيا ، فيما بعد ، ولملك " صور" "أوجينور" (أوشنار) أولاد ثلاثة هم: "فينيقوس، وقدموس، وكيليكوس"، (وهي أسماء ثلاث مناطق سورية)، وفتاة رائعة الجمال واحدة اسمها "أوروبا"، وفي دمها روح إلهية؛
رأت الأميرة في منامها حلماً غريباً عن امرأتين تتنازعانها فاستيقظت خائفة لتتمشى مع وصيفاتها على شاطئ البحر. ومن السماء كان "زيوس" يراقب المشهد فلفت انتباهه تلك الحسناء، لاحظت "أفروديت" آلهة الحب تلك النظرة فأرسلت سهماً إلى قلب "زيوس" وعندئذ لم يعد قادراً أن يتمالك نفسه من جنون الحب، فقرر النزول إلى الأرض ليخطف هذه الحسناء ويتزوجها، وساعده في سرعة اتخاذ قراره غياب زوجته الغيورة "هيرا".
بدل "زيوس" مظهره، فتقمص شكل ثور رائع الجمال، وظهر على الشاطئ السوري هادئاً وديعاً بين الفتيات، ولما اقتربت منه "أوروبا" ولمسته بيدها بلطف أصدر خواراً جميلاً، وانحنى أمامها يدعوها للركوب عليه، ففهمت الأميرة الإشارة واستجابت لطلبه، وما إن ركبت عليه حتى انطلق بسرعة باتجاه الغرب، ودخل عباب البحر، لم يغص الثور في الماء إذ كان الموج يهدأ أمامه وتصبح المياه صافية ساكنة وهو يركض على صفحتها، ففزعت أوروبا من هذا المخلوق، وتمسكت بقرنه بيد، وأمسكت باليد الثانية ثوبها حتى حتى لا يطير ويبتل بالماء،
وبعد قليل ظهر إله البحر (بوسيدون) وملائكة المياه على ظهر الدلافين تواكبه كجوقة احتفالية من اليمين واليسار؛ يزغردون ويهللون لهذا الزواج الإلهي».
وتابع: «عرف زيوس بنفسه، وقال لها إنه كبير الآلهة وإن غايته الحب والزواج، ثم عرج على جزيرة "كريت"، حيث أقيمت له ولمحبوبته احتفالات عظيمة وعمَّت الأفراح، وانهالت التهاني للإله الأعظم، ثم تابع رحلته من جزيرة "كريت" باتجاه اليونان حيث حط وعروسه تحت شجرة دلب ضخمة، وهناك تزوجها بفرح عظيم.
أثمر زواج كبير الآلهة من "أوروبا" بعدة أولاد أشهرهم "مينوس" و"رادامانتوس"؛ اللذان كوفئا على عدالتهما في الأرض فجعلهما
حاكمين على الأموات».
تتابع الأسطورة الحكاية أن "أوربا" كانت ترغب في اكتشاف أرض جديدة، وهكذا بدأت رحلتها نحو القارة العجوز، لتكشف عن أرض أو قارة لم يكن يطلق عليها اسم من قبل، فسميت "أوروبا" تكريماً لها، وتكمل الأسطورة عن تلك الأميرة التي انتقلت من بلادها بصورة الإلهة المكتملة، إلى عالم لم يكن معروفاً، وتزوجت وأنجبت من زوجها "زيوس" أولاداً حكم كل منهم مدينة بعد ذلك.
وفي تفسير الأسطورة تذكر المراجع المختصة عدة روايات، حيث يقول "معجم الأساطير اليونانية" إن الإحالة هنا إلى العلاقات الوثيقة التي جمعت أهل جزيرة (المورة وهي اليونان) كما سماها السوريون مع الساحل الشرقي للمتوسط ليس على الصعيد التجاري فحسب، بل وعلى الصعيد الاجتماعي الإنساني، ويذهب الدكتور "أحمد داؤود" في كتابه "تاريخ سورية الحضاري"إلى القول: «إن أهل اليونان هم في الأصل قبائل سورية مهاجرة في وقت من الأوقات عبر آسيا الصغرى وعبر جزيرة "كريت وقبرص" التي يتضح من أسمائها انتماؤها إلى السريانية السورية القديمة، و"قدموس" أخ "أوربا" قد علم اليونانيين اللغة التي وصلتهم جاهزة متطورة (فقد حدث أن تفقد الملك أجينور إبنته ، فلم يجدها ، فأرسل أخاها قدموس في إثرها للبحث عنها ، وعندما وصل إلى طيبة إستقبله الناس بالترحاب ، وهناك علمهم الأبجدية السورية الفينيقية وأنشأ مدينة”قدميا ) وهو الأمر الذي يعترف به علماء اللغات العالميين من أن تطور "اليونانية" بهذا الشكل سببه امتلاؤها بالخزان اللغوي الفينيقي السوري، الذي اعترف به أيضاً "هيرودوت" وكثيرون من مؤرخي تلك الجزيرة النائية .
وقد حمل الإغريق هذه العقيدة دائماً بأن سوريا هي موطن إسم أوروبا ومهدها وإليها ترنو أنظارهم وعندما جاؤوا مع الإسكندر المقدوني إلى سوريا في القرن الثالث قبل الميلاد ، كان لسورية الكثير من القداسة في نفوسهم ، فأنشأوا مدينة أطلقوا عليها مدينة أوربا ، وهي التي يطلق عليها اليوم الصالحية ، أو صالحية الفرات ، في دير الزور شرق سوريا .
فمدينة دير الزور أو دورا أروبوس (Dura-Europos ) على نهر الفرات ، حيث الأنهار العظيمة قامت حضارات المدن العظيمة. و فيها اقدم معبد وأقدم كنيسة في العالم وهي مدينة بابلية تناوب على حكمها الكثير من الحضارات المتصارعة كالفرس واليونان والرومان ولكن المقدونيين هم من أطلقوا عليها لقب أوروبا تيمنا بالأميره السورية كما ذكرنا سابقاً .
الجدير بالذكر ان العملة النقدية الموحدة من فئة
ال 2 يورو ... 2 € نُقش عليها نقش الأميرة السورية " اوروبا "
يُذكر أن الدكتور بشار الجعفري ؛ خلال إحدى الجلسات في مجلس الأمن تحدث حول الوضع في سوريا وقال :
"يجب أن يدرك الأوروبيون أن أمن أوروبا من أمن سوريا فالعلاقات بينهما تركت بصماتها على هوية أوروبا نفسها.. فاسم أوروبا هو اسم الأميرة السورية أوروبا التي أحبها كبير الآلهة اليونانية زيوس وخطفها لليونان، ومنها أخذت أوروبا اسمها" ، مبينا أن مندوبي الدول الأعضاء :
"قد لا يعرفون أن الاسم الحضاري القديم لمدينة دير الزور السورية، التي استباحها إرهاب داعش والقصف الجوي الأمريكي، هو دورا يوروبس، وهو اسم يعرفه مثقفو أوروبا جيدا، فضلا عن أن قطعة العملة الأوروبية الموحدة من فئة 2 يورو عليها نقش الأميرة السورية أوروبا"...
المصدر
مراجع تاريخية