كتب الأستاذ حليم خاتون: حزب الله وإدارة السلطة
دراسات و أبحاث
كتب الأستاذ حليم خاتون: حزب الله وإدارة السلطة
حليم خاتون
22 أيلول 2021 , 05:19 ص
كتب الأستاذ حليم خاتون: لأن الوطن ليس شركة، نجح رجال الله، حيث فشل رجال الأعمال... بين نظرية قوة لبنان في ضعفه، ونظرية النأي بالنفس، أو الحياد، أو دفن الرؤوس في الرمال... قليل من الفرق في الشكل

كتب الأستاذ حليم خاتون:

لأن الوطن ليس شركة، نجح رجال الله، حيث فشل رجال الأعمال...

بين نظرية قوة لبنان في ضعفه، ونظرية النأي بالنفس، أو الحياد، أو دفن الرؤوس في الرمال... قليل من الفرق في الشكل والمضمون على حدّ سواء...

كانت جمهورية ال ٤٣ تحمل شعار قوة لبنان في ضعفه، وتنفذ  الشعارات المشابهة الأخرى وفقا للظروف... المهم إرضاء السيد الأميركي حيناََ أو الفرنسي حيناََ آخر...
حتى عندما تجرأ بضعة طلبة جامعيين على الدخول إلى عصر الصواريخ مع أرز واحد، وأرز إثنين، ثم أرز ثلاثة في ستينيات القرن الماضي، تم إفهام المسؤولين أن هذه الدولة ممنوع عليها الخروج عن الإطار المرسوم لها، ويجب أن تظل طفلا يعتمد على الرضاعة في أمور الدفاع، وعلى "الشحادة" و"الفهلوة"، في أمور الدنيا الأخرى...

هكذا كانت إسرائيل تسرح وتمرح على أرض هذا البلد...

تعتقل من تعتقل؛ تخطف من تخطف؛ تقتل من تقتل على حواجز طيارة داخل، وفي عمق الأراضي اللبنانية والسلطات القائمة، إما تغمض العين كما حصل في مجزرة حولا، أو تبكي بعد تدمير أسطول طيران الشرق الاوسط، على أيدي مظليين صهاينة نزلوا إلى مطار بيروت الدولي، دمروا الأسطول كاملا على الارض؛ شربوا بضعة كؤوس من الشامپانيا، ثم سطوا على ما أعجبهم في السوق الحرة، قبل أن يعودوا من حيث أتوا... كل هذا والجيش والدرك والشرطة والأمن العام في المطار، يلتزمون الأوامر بالصمت وعدم فعل أي شيء على الإطلاق... يقال حتى أن رجل الأمن الوحيد الذي خالف تلك الأوامر وأطلق النار على المهاجمين تمت محاكمته...

جاءت جمهورية الطائف لتعديل الصور في أمور إدارة هذه السلطة...
قرر رفيق الحريري، أن إدارة لبنان كما يدير شركاته، هو الحل...
ربما لم يخطئ الحريري الأب، في توصيف الدولة القائمة تماما كما أرادها المؤسسون الأوائل للكيان... دولة المصرف، أو دولة المصارف... لذلك أدار الإقتصاد عبر التمويل بالقروض، وتزوير الميزانيات كما يفعل كل رجال الأعمال حيث يكون عندهم أكثر من دفتر محاسبة أو موازنة...

دفتر سري يبقى مخفياََ، وآخر للضرائب، يُظهر الشركة خاسرة حتى لا تدفع المتوجب عليها، وآخر للمؤسسات المالية ينفخ الموجودات حتى يحصل على ديون جديدة...

بالغ رفيق الحريري في نفخ دولة المصارف، حتى تحولت إلى مافيا تحكم بلد...

كبرت الفقاعة المالية إلى الحدود القصوى ثم انفجرت في وجه الجميع كما حصل منذ سنتين وأكثر، ولا زال يحصل وسوف يحصل ما هو أكثر وألعن، لأن الطواقم التي تأتي إلى الحكومات لا تخرج عن نظرية الدولة الشركة، بدل الدولة الوطن...

عسكريا، لم يختلف أهل الطائف عن جمهورية قوة لبنان في ضعفه بشيء... رأينا هذا مع احمد فتفت، في ثكنة مرجعيون، حيث قام الجيش اللبناني بتقديم الشاي والقهوة للغزاة الصهاينة بدل الاشتباك معهم...

رأينا هذا مع دموع فؤاد السنيورة في تموز ٢٠٠٦، الذي كان يقسم أغلظ القسم بأن سلطات لبنان لا دخل لها لا بالتحرير، ولا بأي شيء لا يرضى عنه السيد الأميركي أو السعودي، حتى وصل الأمر معه ومع مروان حمادة، وجوقة سفارة عوكر إلى رجاء كونداليزا رايس أن لا يتوقف العدوان الصهيوني على لبنان قبل القضاء على المقاومة... (سبحان الله، فؤاد عندنا، ومحمود عباس في فلسطين... صعاليك في ثياب رجال دولة)...

رأينا هذا أيضاً، في سياسة ميشال سليمان عن النأي بالنفس، التي خدعت ابو موسى الأشعري، في الوقت الذي كانت اخبار سفينة لطف الله ٢ تظهر في الصحف دون أن نعرف كم لطف الله مر عبر لبنان لتخريب سوريا كما كان يحصل على الحدود الأردنية والعراقية والتركية...

آخر رجال تلك الجوقة، البطريرك الراعي ونظرية الحياد التي يرفعها شعارا برّاقاََ، شعار يمنع على اللبنانيين رؤية الوقائع على الأرض والتعامل معها كما تقتضي الحاجة...

لم يستطع البطرك الذي يحمل تلك النظرية حتى إقناع أصدقائه الاميركيين بها، فيتم انسحاب الصهاينة من كل الأرض اللبنانية المحتلة ويتم الإنسحاب البحري إلى ما بعد الخط ٢٩...
ويتوقف خرق السماء اللبنانية وقصف دمشق من فوق بيروت...

إلا إذا كان حياد البطرك سوف يعيد لبنان، إلى سياسة من ضربك على خدك الايمن، در له الخد الأيسر...

بعد كل ما سبق لا يبقى سوى بعض السذج يدفنون رؤوسهم في الرمال ويأملون خيرا من حكومة أعلنت بشكل غير مباشر، انها سوف تعمل كي تتم تغطية كل الخسائر بعيدا عن رأسمال أصحاب هذه المصارف وأموال رجال المال والاعمال والسياسة الموجودة في الخارج...

بمعنى آخر، الشعب اللبناني، وتحديدا ٩٩٪ منه هم من سوف يتحمل الخسائر الناجمة عن كل فذلكات رفيق الحريري ورياض سلامة ومجموعة خدم السلطان الذين ورثوا مكانه بعد الاغتيال ...

أليس هذا ما تمت مناقشته في مجلس النواب، بحضور حكومة نجيب ميقاتي... 

كان يكفي أن يدخل ضابط وطني ثوري على رأس مجموعة إلى ذلك المجلس يومها، ويفرض على الحاضرين بالتبرع بنصف ما يملكون، بغض النظر عن مدى شرعية ما يملكون...
 لكنا خرجنا على الأقل، بعشرة مليارات دولار هي أكثر مما سوف نحصل عليه من صندوق النقد الدولي...

ما حدث في الحقيقة، وما يحدث منذ دخول المازوت الإيراني الى لبنان والبدء بتوزيعه تبرعاََ أو بيعاََ، يثبت أن عند المقاومة جهاز إدارة سلطة يغطي كل الأراضي اللبنانية بكفاءة عالية جدا، ويثبت أن مقولة الشيخ نعيم قاسم بعدم القدرة على إدارة السلطة، مناف تماما للحقيقة على الأرض... هناك فقط عدم إرادة...

هل عدم الإرادة هذا ناتج عن توجس من الوضع الداخلي؟

ربما، لكن اللبناني يريد حلاََ... 

ومن لا يريد المازوت الإيراني عنده ثلاثة حلول كما قال أحد العونيين، المهضومين أو الخبثاء، لا فرق...

١- إما أن يرفض المازوت الإيراني...

٢- إما  أن يبكي...
 
٣- وإما أن يرفض المازوت الإيراني، وهو يبكي...

أتت باخرة، سوف تتبعها بواخر...
اثبت حزب الله أن ذلك الطفل الرضيع قد نما... وملك من القوة ما يفوق ما تقبل به أميركا...

استعمل هذه القوة في التحرير ونجح نجاحا منقطع النظير أدى إلى انتشار العويل والبكاء في الرياض وواشنطن ولندن...

هو اليوم يستعمل هذه القوة لتغطية جهاز إداري بعيد عن كل الفساد المنتشر في كل أروقة السلطة اللبنانية العفنة...

لأن حزب الله يؤمن بوطن، هو يحاول التعامل مع هذا البلد كوطن، ويقوم بخدمته على هذا الأساس...

لكن ما يفعله حزب الله ليس سوى بعض البلسم الذي قد يخفف من ألم المريض، لكن لا ولن يشفيه...

في النهاية سوف يصل أحد ما، يوما ما، إلى الحل الجذري الواجب اتخاذه...

إما أن يكون هذا الأحد حزب الله نفسه...

وإما انه سوف يصطدم بأبي موسى الأشعري ويعمل على تغيير التحكيم الظالم لصالح شعب لبنان، وشعوب المنطقة...
                 

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري