ترجمات/ رئيس وزارء الكيان الإسرائيلي السابق إيهود اولمرت : يجب تعميق سياسة
أخبار وتقارير
ترجمات/ رئيس وزارء الكيان الإسرائيلي السابق إيهود اولمرت : يجب تعميق سياسة " اسرائيل" الضبابية
28 أيلول 2021 , 08:57 ص
ترجمات/ رئيس وزارء الكيان الإسرائيلي السابق إيهود اولمرت : يجب تعميق سياسة اسرائيل الضبابية
إيهود أولمرت
إيهود أولمرت 

 

 

ترجمة عبرية 

هآرتس / اهود اولمرت : يجب تعميق سياسة اسرائيل الضبابية

   اهود اولمرت

إيهود أولمرت  (30 سبتمبر 1945 - )، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، رأس أولمرت بلدية القدس منذ عام 1993 وحتى 2003 وقد تولى رئاسة الحكومة الإسرائيلية بالوكالة، بعد إصابة أرئيل شارون بجلطة دماغية عام 2006  ، وبقي رئيساً لحكومة الاحتلال حتى   2009 ،وقد تدنت شعبية أولمرت كثيراً بعد الإخفاق في حرب لبنان 2006. وحرب غزة 2008 .

المقال: 

” بدلا من التصريحات الرنانة والاستفزازية يجب العمل على تقويض الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في ايران “.

سياسة الغموض النووية التي تتبعها اسرائيل منذ بداية الستينيات وحتى الآن لم تضلل في أي يوم اعداءنا، الذين يريدون القضاء علينا، ولم تضلل ايضا الكثير من اصدقائنا. هؤلاء واولئك تعاملوا بتسامح، وفي حالات كثيرة بالغمز، مع الاعلام الاسرائيلي التقليدي: “اسرائيل لن تكون اول دولة تدخل السلاح النووي الى الشرق الاوسط”.

في عالم الدبلوماسية كانت هذه الصيغة الاسرائيلية نوع من التسوية والحل الوسط التي توصلت اليها حكومات اسرائيل، بالاساس مع الولايات المتحدة. هدف هذه التسوية كان طرح علامة تعجب وبجانبها علامة استفهام على الخطاب الدبلوماسي الدولي. علامة التعجب كانت مريحة وكان يمكنها انقاذ اسرائيل من رفضها التوقيع على ميثاق عدم نشر السلاح النووي دون أن تكون في قلب نقاش وادانة شاملة من جانب دول كثيرة في العالم، ليست كلها اعداء لها. علامة الاستفهام ابقت الشك في أن يكون هناك شيء اكثر تعقيدا وخطورة اخفته اسرائيل بشكل متعمد. 

نطاق عدم اليقين الذي يقع بين علامة التعجب وعلامة الاستفهام كان المصدر لعدد غير قليل من الاساطير بخصوص القوة النووية المقدرة لاسرائيل، وايضا لعدد غير قليل من النفي الذي صدر عن متحدثين اسرائيليين رسميين طوال سنوات. هذا النطاق مريح ومجدي لاسرائيل، ومرغوب فيه أن يستمر.

لقد حان الوقت كي نتوقف عن خداع انفسنا. من وجهة نظر ايران، ليس فقط وحدها، اسرائيل هي دولة عظمى نووية بحجم فرنسا وبريطانيا، وربما حتى اكبر منهما. نفي اسرائيل أو ما سماه محرر “هآرتس”، الوف بن، “فضاء الضبابية” (“هآرتس”، 23/9)، لا يترك أي انطباع على آيات الله في طهران. فهؤلاء على قناعة بأن اسرائيل يمكنها أن تستخدم قوة نووية بحجم يهز كل العالم، اكثر بكثير من فضاءات الشرق الاوسط. 

احد الاسباب بأن ايران تجنبت الاعلان رسميا عن نيتها انتاج قدرة نووية هو نفس فضاء الضبابية، الذي حرصنا كثيرا على الحفاظ عليه طوال ستين سنة. في اليوم الذي ستقلص فيه اسرائيل فضاء الضبابية، هي نفسها وليس مراسلين “نيويورك تايمز” الذين يعرفون كيفية الوصول تقريبا الى أي جزء مخفي، وتعترف فيه أو تعطي اشارة أو تتراجع في هذا الشأن، في نفس ذاك اليوم يمكن لايران، حسب وجهة نظرها وطريقتها، الاعلان علنا وبصورة رسمية: اذا كان الامر مسموح لاسرائيل فلماذا هو محظور علينا؟. 

في نهاية المطاف، الحقائق الدقيقة ليست هي موضوع نقاشنا. السؤال ليس ما هي القدرة الحقيقية لاسرائيل، هل الاعلان الرسمي من قبل كل حكوماتنا يمثل الحقائق كما هي، وهل اسرائيل هي ذات قدرة نووية حقيقية، أو فقط ذات قدرة كامنة لانتاج قوة نووية كهذه؟ (لا يوجد نقاش حول القدرة التكنولوجية لدولة اسرائيل، لا يوجد أي شخص عاقل، هنا أو في أي مكان آخر، سيقول إنه لو ارادت اسرائيل ذلك فليس بوسعها أن تنتج قنبلة نووية. موضوع النقاش هو هل اسرائيل جسدت هذه القدرة أو هل تمسكت باعلانها أنها لن تكون الاولى التي تقوم بذلك في الشرق الاوسط). 

ما الذي يعنيه “تآكل الضبابية” الذي يكتب عنه بحذر شديد الوف بن؟ المعنى الوحيد المحتمل لذلك هو اشارة صريحة بأنه توجد لاسرائيل قدرة نووية. اذا كان تآكل الضبابية حقا يمثل واقع قائم فما هو التحديث الذي سيكون في ذلك بالنسبة لايران وآخرين كثيرين، الذين يشخصون اسرائيل طوال سنوات كقوة نووية ذات ابعاد عالمية؟.

بالنسبة لهم تآكل الضبابية سيكون فقط دليل دامغ على أن اسرائيل تتبع سياسة ذات وجهين. ففي حين أنها تهز العالم ازاء سلوك ايران، رغم أن ايران تنفي أن لديها برنامج لبناء قدرة نووية عسكرية، إلا أن اسرائيل نفسها تعترف (بدون “تآكل”) بأنه يوجد لديها سلاح نووي. واذا كان الامر هكذا فان ايران ستقول حينها لماذا ما هو مسموح لاسرائيل، دولة في نظرها هي دولة محتلة، محظور على ايران التي اسرائيل هي عدوة لها؟.

اذا كان تآكل الضبابية حسب صيغة( الوف بن)  لا يمثل قدرة حقيقية قائمة لاسرائيل فما هي الفائدة في التآكل؟ لا ريب أن برامج ايران مقلقة جدا. هناك خطر حقيقي، أنه بعد فترة غير بعيدة ستتحول هذه الدولة الى دولة حافة نووية. لا توجد حاجة الى خلق ذعر زائد أو ذعر مبالغ فيه ازاء احتمالية كهذه، لكنها قائمة وهي حقيقية وتوجد لها احتمالية معقولة. 

من الواضح أن سياسة حكومات بنيامين نتنياهو والتعاون المدمر لنتنياهو مع دونالد ترامب، سرعت انتاج اليورانيوم المخصب لدى ايران. ليس هذا فقط، نتنياهو وترامب قلصا جدا فضاء التعاون الدولي في محاولة لوقف تقدم ايران. قبل سنوات من ذلك كانت روسيا والصين ودول اوروبا، على رأسها المانيا، وفرنسا وبريطانيا مصممة اكثر على التعاون، الامر الذي نتج عنه عدد من قرارات مجلس الامن بشأن عقوبات اقتصادية على ايران، وايضا وسائل اخرى اتبعتها الدول الغربية. وسائل بطبيعة الحال كانت ميزتها في السرية. 

حتى روسيا في عهد فلادمير بوتين اعاقت لفترة طويلة تزويد الوقود النووي للمفاعل المدني الايراني في بوشهر. صحيح أن المفاعل في بوشهر هو مفاعل لاهداف مدنية، ولا يوجد خوف من أن يكون بالامكان انتاج قنبلة نووية فيه، لكن في حينه تم التوضيح لروسيا بأن التزويد بهذا الوقود سيمكن ايران من تعميق فهمها في استخدام الوقود النووي. فهم يمكن تحويله لانتاج قنبلة نووية بوسائل وقود نووي. الرئيس بوتين كان مصغيا لهذه المبررات وقام بتأخير لفترة طويلة تزويد الوقود النووي للمفاعل في بوشهر. ايضا بوتين تجنب في تلك السنوات تزويد ايران بصواريخ للدفاع الجوي من نوع “اس300”.

هذه حقائق معروفة، وبالتأكيد كانت معروفة لقادة الحكومة في اسرائيل بدءا من العام 2009. ولكن اسرائيل اختارت اتباع سياسة استفزازية وهجومية أدت الى مواجهة زائدة مع ادارة الرئيس براك اوباما، وحتى أنها دفعته في نهاية المطاف الى جر شركائه في الغرب، مع روسيا والصين، الى اتفاق نووي مع ايران. هذا الاتفاق، أنا قلت ذلك اكثر من مرة في السابق، كان اتفاق ناقص وفيه نقاط ضعف كثيرة. ربما كان يمكن التوصل الى اتفاق افضل، موثوق اكثر ومستقر أكثر. ولكن الاتفاق كان افضل بما لا يقاس من حالة عدم اتفاق واستمرار السياسة الاسرائيلية التي هددت باشعال مواجهة عسكرية مباشرة بين اسرائيل وايران. مواجهة كان يمكن أن تهز الشرق الاوسط.

ومن وجهة النظر الامريكية هددت بجر الولايات المتحدة الى تدخل عسكري آخر في الشرق الاوسط، تدخل لم تكن ترغب فيه. التعاون بين ترامب ونتنياهو كان تعبير آخر على الفوضى التي مورست بها السياسة الاسرائيلية، وعلى الطبيعة الوهمية للسياسة التي اتبعها الرئيس الامريكي.

بعد كل ما قيل ما زال علينا الاعتراف بأن تخصيب اليورانيوم المسرع لا يجعل ايران بالضرورة تصبح دولة حافة نووية. من الافضل التقليل من مظاهر الذعر غير الضرورية. في كل حالة معطاة وفي كل وقت يمكن لايران في غضون بضعة اشهر انتاج اليورانيوم بكمية تجعلها اقرب من الكمية التي تعتبر حافة. لذلك السؤال مرة اخرى ليس ما يقرب ايران من الحافة. كمية اليورانيوم المخصب هي ضرورية عندما تكون هناك شروط اخرى قائمة، التي هي غير موجودة الآن لدى ايران. ستكون هناك حاجة الى فترة لا بأس بها الى أن تستطيع تطوير قدرات في مجالات اخرى، وفقط عندها ستتحول الى دولة حافة نووية. 

رئيس الحكومة ووزير الدفاع السابق اهود باراك قال مؤخرا بأنه لا يوجد لاسرائيل أي خيار عسكري تقليدي للقضاء على كل عوامل التهديد النووي الايراني. أنا أتفق معه وقد اعتقدت ذلك حتى قبل سنوات عندما كان باراك عضو في حكومة تسمع اصوات مختلفة عن هذه. رأي باراك مهم لأنه لا ريب أنه يفهم وايضا يعرف أمر أو امرين في هذا الموضوع.

ما الذي يمكن فعله حقا؟ في الفضاء بين تصريحات استفزازية التي لا تختفي خلفها قدرة عسكرية حقيقية لتدمير البرنامج النووي الايراني بشكل كامل، مثلما فعلنا في العراق وفي سوريا، وبين محاولة الاستعداد لمواجهة عسكرية شاملة، التي لا نعرف كيف ستنتهي، هناك مكان لمنظومة معقدة ومتنوعة من العمليات التي يمكن أن تهز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في ايران. 

منظومة كهذه من العمليات تحتاج الى تعاون وثقة وضبط نفس من جانب اسرائيل. ونموذج من التنسيق، في المقام الاول مع الولايات المتحدة. في السابق تم انشاء بنية تحتية لتعاون كهذا، في فترة ولاية الرئيس جورج بوش والرئيس براك اوباما. بعد ذلك جاء نتنياهو، مثل الفيل في دكان الخزف، ودمر هذا التعاون وأدمن على التصريحات الرنانة، الوطنية المنفوخة، وعلى عمليات سرية، التي عدد منها كان ناجحا ويستحق المدح (وهو ايضا)، والكثير منها كان استعراضات زائدة. بالاساس تلك الفترة امتازت بالتسريبات المتبجحة والتي لا تتوقف من قبل المستوى السياسي، واحيانا من قبل الجهات التنفيذية ايضا. هؤلاء اعتقدوا أنه اذا كان للقيادة السياسية مسموح التفاخر باعمال البطولة للمقاتلين المجهولين فانه ربما مسموح ايضا لقادة هؤلاء الجنود بأن ينظموا لانفسهم القليل من العلاقات العامة. 

يجب العودة الى نموذج التعاون المؤسس على نظام عملياتي مركز، يرتكز الى عقوبات اقتصادية متشددة اكثر من التي اتبعوها في السابق، مس بالبنى التحتية العسكرية والاستخبارية بالطرق غير الظاهرة للعيان وغير المكشوفة للجمهور والبعيدة عن أذن المجتمع الدولي، وخطوات اخرى يمكن أن تساهم في هز الاستقرار السياسي والاجتماعي في ايران. 

هذا برنامج عمل كثيف ومتحد وشديد الاخطار. ولكن ايضا له احتمالية كبيرة. ليس تآكل الضبابية هو ما نحتاج اليه، بل نضال جريء وشجاع وخفي ومسؤول.

 

هآرتس 

المصدر: موقع اضاءات الاخباري