معهد دراسات الأمن القومي INSS /  الأردن 2021، سبب للقلق في
أخبار وتقارير
معهد دراسات الأمن القومي INSS / الأردن 2021، سبب للقلق في "اسرائيل " لكن ليس للفزع 
17 تشرين الأول 2021 , 20:47 م
معهد دراسات الأمن القومي INSS / الأردن 2021، سبب للقلق في "اسرائيل " لكن ليس للفزع 

 

 

ترجمة عبرية : 

معهد دراسات الأمن القومي INSS – الأردن 2021، سبب للقلق في "اسرائيل " لكن ليس للفزع 

عوديد عيران :  هو دبلوماسي إسرائيلي سابق وكان قد ترأس فريق التفاوض مع الفلسطينيين في عام 1999-2000.وسفير  سابق لاسرائيل في الاردن والاتحاد الاوروبي- 

التقرير : 

” يوجد مجال للقلق في اسرائيل مما يجري في الاردن، ولكن ليس للفزع. الظواهر التي تجري في الاردن مقلقة لانه حتى للاضطراب الهامشي في استقرار المملكة قد تكون له آثار على الميزان اليومي للعلاقات بين الدولتين وعلى ذاك الذي في المدى الابعد “.

 

يشير تقرير البنك الدولي في 7 تشرين الأول الى احتدام في وضع الاردن الاقتصادي، والذي ينبع من الانخفاض الواسع في المداخيل من السياحة، وضرائب الاستيراد، من التحويلات المالية الشحيحة، من اسعار الطاقة المرتفعة ومن الاجراءات المالية والنقدية التي اتخذتها الحكومة.  فالدين الحكومي بالنسبة للناتج المحلي الخام سيصل في نهاية العام 2021  الى 109 في المئة وفي 2023  الى 115.2 في المئة – معدل عال ومقلق  من شأنه ان يجعل من الصعب على الحكومة الاردنية اقتراض الاموال. وفي سياق الارتفاع الذي سجل في الاشهر الاخيرة في اسعار الطاقة من الاهمية بمكان التشديد بانه كلما استمر هذا، واذا ما واصلت الحكومة دعم اسعار الطاقة للمنتجين وللمواطن البسيط فسيتضخم جدا الدين القومي للاردن. اضافة الى ذلك، اتسعت البطالة في الاردن باكثر من 5 في المئة مقارنة بالعام 2020 وبلغت 25 في المئة (28 في المئة في اوساط النساء و 48 في اوساط الجيل  الشاب).

ويشير التقرير الى أن 40 في المئة من قوة العمل الاردنية تعمل بشكل غير منظم، والمعدل اعلى بكثير بين العمال الاجانب. وأدت الآثار المتراكمة لكل هذا لان يعرب التقرير عن القلق من حجوم الفقر في الاردن. ومع ذلك، يتوقع اقتصاديو البنك  الدولي نموا حقيقيا للاقتصاد الاردني في 2021 بمعدل 1.9 في المئة، ومع تحسن الوضع الاقتصادي العالمي في السنوات القادمة ارتفاع 2.3 في المئة بالمتوسط السنوي. 

 

هل تتعرض مؤسسة المملكة في الاردن للخطر؟ 

عندما اكتشف النظام الاردني في اذار 2021 المؤامرة التي زعم أن خطط لها الامير حمزة، نجل الملك حسين والملكة نور، وأخ الملك عبدالله الثاني، الى جانب باسم عبدالله، المسؤول الكبير السابق في القصر، فانه اسند بشكل غير مباشر الشائعات بان ليس كل شيء يجري على مياه هادئة في العائلة المالكة وانه بعد 22 سنة من تولي عبدالله الثاني العرش – هناك من يشككون بحقه وملاءمته للمنصب السامي. 

في آب قدم الى المحاكمة عضو البرلمان السابق، العجرمي، الذي اتهم بتهديد حياة الملك في خطاب تحريضي القاه لناخبيه، وبدا فيه يلوح بسيفه. عضو برلمان آخر احتل المقعد في البرلمان المحفوظ لرئيس الوزراء ورفض اخلاءه بشكل استفزازي. في بداية تشرين الاول نشر في الصحافة العالمية تقارير عن استثمارات سرية من خلال شركات تعمل في ملاجيء ضريبة، لزعماء مختلفين وبينهم الملك الاردني.

القضية لم تسكت والقصر نشر تفسيرا، وفور ذلك توقف التعاطي بالموضوع في وسائل الاعلام في الاردن. يحتمل ألا يكون معظم القراء الاردنيين تفاجأوا بحقيقة أن الملك هو مالك عقارات وكان هذا سرا علنيا ان الملك حسين ايضا كانت له أموال خارج الاردن. قد تكون المفاجأة هي أن هذه أملاك تقدر بـ 100 مليون دولار. ينبغي الافتراض ان هناك في الغرف المغلقة من يعجبون كيف وصل الملك الى ثراء بهذا القدر بينما يختنق مواطنو المملكة تحت عبء الضائقة الاقتصادية المتواصلة. 

تثير التوترات ايضا الاصلاحات التي يسعى الملك لان يتبناها في طريقة الانتخابات للبرلمان الاردني. فمنذ سنين وعبدالله الثاني يسعى لان يجري اصلاحات في مبنى وأداء الاحزاب بهدف تقليصها وتحويلها الى رسمية  اكثر.  في حزيران الماضي عين سمير الرفاعي،رئيس الوزراء الاسبق، على رأس لجنة  توصي بتغييرات في هذا الاتجاه. ورفعت توصيات اللجنة الى الملك في بداية تشرين الاول ويتبين منها ان التوصية الاساس هي بالفعل تعزيز القوائم القطرية بالنسبة لتلك التي تتركز في شؤون المحافظة الانتخابية المنفردة. 

وحسب التوصيات، سيقسم  الاردن الى 18 محافظة بينما تكون المحافظة الـ 19 هي الاردن كله ويخصص لها 41 مقعدا في البرلمان الذي يعد 138 مندوبا. توصيات اخرى تتعلق بتعزيز تمثيل النساء والجيل الشاب. تقترح تعديلات بينها تقييد حصانة اعضاء البرلمان للاعتقال ولكن ليس ضد المحاكمة كفيلة بان تبدو كموجهة للتضييق على قوة البرلمان وان كان من قراءة ما نشر حتى الان يبدو أن اللجنة لم ترفع توصيات هدفها تغيير موازين القوى بين القصر والبرلمان.

ان مجرد تشكيل اللجنة والتقارير عن مداولاتها بعثت قلقا في اوساط العشائر البدوية التي هي قاعدة التأييد للنظام الهاشمي. وهذه تخشى من أن تضعف التغييرات في طريقة الانتخابات قوتها البرلمانية، التي تعتمد على توزيع المقاعد في البرلمان الذي يميز محافظاتها ايجابا مقارنة بعدد المقاعد من المدن

الكبرى التي توجد فيها اغلبية من المواطنين من اصل فلسطيني. واذا ما اثارت معالجة الملك لتوصيات اللجنة اعتراضات، ولا سيما من جانب العشائر، فسيضطر لان يمنحها وزنا عقب استيائها من نقص الانتباه الذي يوليه القصر لاحساسها بالنسبة لشؤونها ومكانها في المراتبية السلطوية. 

 

إنعطافة في النهج المدني

لقد تدهورت علاقات الملك عبدالله الثاني مع الادارة الامريكية، وللدقة مع الرئيس ترامب الى درك يذكر بذاك الذي وقع في 1990 – 1991 في اعقاب تأييد الملك حسين لصدام حسين بعد الغزو العراقي للكويت. 

فصفقة القرن التي اعدتها ادارة ترامب لحل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني والتي في اطارها ستواصل اسرائيل السيطرة بعد التسوية الدائمة على ثلث اراضي الضفة وعلى كل القدس لم تترك للملك مفرا غير الصدام الجبهوي مع  الرئيس الامريكي. واحتدمت المواجهة في 2020 مع التوقيع في البيت الابيض على اتفاقات ابراهيم التي تركت الاردن (والفلسطينيين) وحيدين تقريبا في المعركة ضد خطة ترامب. 

فضلا عن ذلك، ينبغي الافتراض بان الملك عبدالله ايضا قرأ الخريطة الجغرافية الاستراتيجية للمنطقة ولنية واشنطن، التي انكشفت في السنوات الاولى من ادارة باراك اوباما، لتركيز الجهد السياسي – الامني – الاقتصادي الامريكي في منطقة الهند – الهاديء فبدأ يخلق البدائل، وان كانت جزئية. ان علاقات الملك العكرة مع رئيس وزراء اسرائيل السابق بنيامين نتنياهو، والتوتر بين الاردن واسرائيل في سلسلة مواضيع استبعدت التفكير بتنظيم اقليمي يكون الاردن واسرائيل مشاركين فيه. ومن جهة اخرى فان التغييرات التي وقعت مؤخرا في العراق – انتخاب حكومة تتميز باستقلالية متزايدة عن ايران – وكذا القرب السياسي والجغرافي، خلقت اساسا لشراكة سياسية/اقتصادية مصرية – اردنية – عراقية قد تجد صعوبة في أن تعطي ثمارا اقتصادية هامة ولكنها ستمنح الاردن مكانة لاعب اقليمي.

هكذا ايضا يجب النظر الى التعاون المتحقق في هذا الوقت بين مصر، الاردن، سوريا ولبنان، والذي في مركزه توريد الكهرباء والغاز الطبيعي الى سوريا والى لبنان. في تشرين  الاول فتح معبر الحدود بين الارن وسوريا وعقدت لقاءات اقتصادية بين الدولتين – سواء على المستوى الحكومة ام  القطاع الخاص. بعد الاعداد بين رؤساء جهاز الامن للدولتين جرت مكالمة هاتفية بين  الملك الاردني والرئيس السوري بشار الاسد. والتي ترمز اكثر من اي شيء آخر الى الانعطافة في نهج الملك 

من الازمة في دمشق. بعد بضعة ايام من هذه المكالمة اجرى وزيرا خارجية الاردن وايران مكالمة هاتفية، بعد سنوات من القطيعة، وهذه المكالمة جسدت ايضا الانعطافة المتحققة بسياسة عمان  الاقليمية. مكالمتان ينبغي ان تثيرا قلقا في اسرائيل.

يمكن التقدير بان مثل كثيرين آخرين توافق الملك عبدالله مع الواقع الذي يبقى فيه النظام السوري والرئيس الاسد على حالهما وان آجلا ام عاجلا ستبدأ عملية اعمار تدريجية في سوريا وفي لبنان ايضا، وسيتوفر لها التمويل الجزئي على الاقل. في مثل هذه الحالة، فان للاردن ايضا مصلحة اقتصادية وسياسية لان يشارك. وفي نفس الوقت معقول ان يكون الملك ايضا يقظا لتواجد ايران في سوريا ولسيطرتها على اجزاء منها. صحيح ان في التعاون مع سوريا مثابة بوليصة تأمين ضد النشاط  التآمري  الايراني في الاردن وان كانت مثل هذه الفرضية يمكن أن تتضح كوهم خطير. ضمن امور اخرى، ليست واضحة ارادة وقدرة نظام  الاسد على وقف تيار مهربي المخدرات التي تنتج في سوريا الى الاردن، في كل ليلة تقريبا. 

على اي حال، ينبغي الافتراض بان النظام الاردني وضع الادارة الامريكية في صورة الخطوات المرتقبة ولم يصطدم برد سلبي. ظاهرا، في اسرائيل ايضا لا يوجد سبب لان تنظر الى هذه الخطوات في ضوء سلبي باستثناء الشحنة التاريخية لعدد من الخطوات الاستراتيجية المغلوطة التي اتخذها النظام الاردني – ارتباط بدول عربية اخرى، انتهى بضرر كبير للاردن. لو كان  يجري بين اسرائيل والاردن حوار استراتيجي شامل، لكان هذا هو المحفل المناسب لبحث معمق بآثار تغيير الخط الاردني  حيال سوريا.

بقعة ضوء من منظور اسرائيل –  اتفاق المياه الذي وقع في 12 تشرين الاول مع الاردن، وبموجبه يشتري 50 مليون متر مكعب في السنة مع خيار لسنتين اضافيتين مما يزيل عقبة كأداء ويمنح أملا لمواصلة التعاون في مواضيع البنى التحتية بين الدولتين. 

وختاما:  يوجد مجال للقلق في اسرائيل مما يجري في الاردن، ولكن ليس للفزع. الظواهر التي تجري في الاردن مقلقة لانه حتى للاضطراب الهامشي في استقرار المملكة قد تكون له آثار على الميزان اليومي للعلاقات بين الدولتين  وعلى ذاك الذي في المدى الابعد. ان الحوار الثنائي على اعلى المستويات في اسرائيل وفي الاردن، والذي استؤنف بعد قيام الحكومة برئاسة نفتالي بينيت يستوجب الاستمرار والتقدير وذلك كي يكون ممكنا البحث فيه بانفتاح في المسائل الحساسة ايضا. نعم نقترح النظر في اقامة محفل سياسي

امني ثلاثي مصر – اردني – اسرائيلي يكون ممكنا البحث فيه بالاثار الاقليمية للمواضيع التي تكون فيها للدول الثلاثة مصلحة مباشرة. التطورات الاقليمية تبرر وتتيح مبادرات كهذه ومشابهة لها.

المصدر: موقع اضاءات الاخباري