٢٦/٧/٢٠٢٥
كتب الدكتور ميخائيل عوض:
١
تَتَقَدَّمُ مَسْأَلَةُ سَحْبِ السِّلَاحِ فِي لُبْنَانَ وَالْعِرَاقِ وَشَرْقِ الْفُرَاتِ عَلَى أَيَّةِ مَسَائِلَ أَوْ هُمُومٍ، وَكَأَنَّهَا مُشْكِلَةُ الْمُشْكِلَاتِ وَالسَّبَبُ بِانْهِيَارِ النُّظُمِ وَعَجْزِهَا وَاحْتِمَالَاتِ انْهِيَارِ الْكِيَانَاتِ، علْمًا أَنَّ الْأَسْبَابَ وَالْأَزَمَاتِ الْانْهِيَارِيَّةَ فِي مَكَان وَبِطَبَائِع وَالْأَسْبَاب مُخْتَلِفَة لَا عَلَاقَةَ لَهَا بِالسِّلَاحِ.
٢
فِي وَاقِعِ الْحَالِ، السِّلَاحُ الشَّعْبِيُّ فِي الْعِرَاقِ وَالْفَتْوَى كَانَتِ السَّبَبَ الْمِحْوَرِيَّ فِي إِضْعَافِ دَاعِشَ وَتَمْكِينِ بَقَايَا الدَّوْلَةِ مِنَ الْإِمْسَاكِ بِالْأَوْضَاعِ وَتَنْظِيمِ عَمَلِيَّاتِ التَّحَاصُصِ وَالنَّهْبِ وَالنُّفُوذِ السِّيَاسِيِّ وَالِاجْتِمَاعِيِّ وَتَقَاسُمِ الْمَغَانِمِ الْإِقْلِيمِيَّةِ فِيهِ.
ذَاتُهُ السِّلَاحُ شَرْقَ الْفُرَاتِ بِيَدِ الْأَكْرَادِ لَعِبَ دَوْرًا فِي مُوَاجَهَةِ دَاعِشَ وَتَأْمِينِ الْحِمَايَةِ وَالِاسْتِقْرَارِ لِكُتْلَةٍ شَعْبِيَّةٍ وَاسِعَةٍ مِنَ الْكُرْدِ وَالسُّورِيِّينَ، وَأَمَّنَ اسْتِقْرَارًا وَأَوْضَاعًا أَفْضَلَ مِمَّا هِيَ عَلَيْهِ الْأُمُورُ فِي عُمُومِ سُورِيَّةَ.
هُوَ السِّلَاحُ أَمَّنَ انْتِصَارَيْنِ وَتَحْرِيرَيْنِ فِي لُبْنَانَ، وَضَبَطَ الِاسْتِقْرَارَ الْأَهْلِيَّ، وَأَعَادَ بَعْضَ السِّيَادَةِ عَلَى الْحُدُودِ وَالثَّرَوَاتِ الْبَحْرِيَّةِ، وَفَرَضَ قَوَاعِدَ اشْتِبَاكٍ وَرَدْعٍ لِزَمَنٍ طَوِيلٍ، وَاسْتَجْلَبَ أَمْوَالًا مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وَصَوْبٍ، وَهُوَ مَنْ حَمَى لُبْنَانَ وَنِظَامَهُ وَكِيَانَهُ.
٣
فِي ذَاتِ الْمَنْزِلَةِ، الْجُيُوشُ وَالدُّوَلُ السَّاعِيَةُ لِسَحْبِ السِّلَاحِ وَحَلِّ مُنَظَّمَاتِهِ وَتَهْمِيشِ رِجَالِهِ، تَعِيشُ أَزَمَاتٍ كَارِثِيَّةً وَمُهَدَّدَةٌ نُظُمُهَا بِالانْهِيَارِ وَكِيَانَاتُهَا بِالِانْفِرَاطِ، وَمَمْنُوعٌ عَلَى جُيُوشِهَا التَّسَلُّحُ وَتَأْمِينُ أَبْسَطِ قَوَاعِدِ وَعَنَاصِرِ السِّيَادَةِ وَالْكَرَامَةِ الْوَطَنِيَّةِ وَالسِّلْمِ الْأَهْلِيِّ.
هَذِهِ مُفَارَقَةٌ خَطِيرَةٌ، وَوَصْفَةٌ مَسْمُومَةٌ تُقَدَّمُ لِلْحُكُومَاتِ بِخَلْفِيَّةِ مَشْرُوعِ تَسْرِيعِ الانْهِيَارِ وَانْفِرَاطِ الْكِيَانَاتِ لِتَحْقِيقِ غَايَاتٍ لَا تَمُتُّ لِمَصَالِحِ الشُّعُوبِ وَحَتَّى طَبَقَاتِهَا وَمُنْظُومَاتِهَا الْمُسَيْطِرَةِ بِأَيِّ مَصْلَحَةٍ.
٤
قَالَ الْحُكَمَاءُ: الْغَبِي مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْ تَجْرِبَتِهِ، أَمَّا الذَّكِي فَهُوَ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْ تَجَارِبِ الْآخَرِينَ!
فِي تَجَارِبِ الدُّوَلِ وَالشُّعُوبِ الْمُعَاشَةِ فِي زَمَانِنَا، تُؤَكِّدُ أَنَّ الدُّوَلَ الْأَكْثَرَ اسْتِقْرَارًا وَفَاعِلِيَّةً وَسِيَادَةً هِيَ ذَاتُهَا الدُّوَلُ الَّتِي تَتَسَلَّحُ وَتُسَلِّحُ شُعُوبَهَا، وَتُشَرِّعُ امْتِلَاكَ السِّلَاحِ لِلْعَامَّةِ.
هَذِهِ قَاعِدَةٌ تَنْطَبِقُ عَلَى أَمِيرِكَا نَفْسِهَا، وَعَلَى إِسْرَائِيلَ، بِرَغْمِ أَنَّهَا دُوَلٌ جُيُوشُهَا مُسَلَّحَةٌ حَتَّى الْأَسْنَانِ، وَقُدُرَاتُهَا هِرْقُلِيَّةٌ وَهَائِلَةٌ. وَمَعَ ذَلِكَ، إِسْرَائِيلُ خِلَالَ السَّنَتَيْنِ الْمُنْصَرِمَتَيْنِ سَلَّحَتْ ٢٠٠ أَلْفِ مُسْتَوْطِنٍ وَتَزِيدُ فِي التَّسْلِيحِ، وَهِيَ غَيْرُ مُهَدَّدَةٍ، بَلْ تَزْعُمُ أَنَّهَا تُحَقِّقُ انْتِصَارَاتٍ وَسَتَحْكُمُ الشَّرْقَ الْأَوْسَطِ؟؟
وَمِنْ ذَاتِ الْعَالَمِ الْأَنْجْلُو سَاكْسُونِيِّ وَالْغَرْبِيِّ، تَقِفُ سُوِيسْرَا وَهِيَ نَمُوذَجٌ فِي الرَّفَاهِيَةِ وَالْقُوَّةِ الْاقْتِصَادِيَّةِ وَالْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ، فَجَيْشُهَا هُوَ الشَّعْبُ الْمُسَلَّحُ.
إِلَى تَجَارِبَ أُخْرَى: كُوبَا، وَكُورِيَا الشِّمَالِيَّةِ، وَتَجْرِبَةِ الدُّوَلِ الَّتِي خَاضَتْ وَتَعَرَّضَتْ فِي الْحُرُوبِ الْعَالَمِيَّةِ، وَقَدْ شَرَّعَتْ تَسْلِيحَ الشُّعُوبِ وَاحْتَفَظَتْ بِالْمِلِيشْيَا الشَّعْبِيَّةِ، وَجَمِيعِ الدُّوَلِ الْمُسَلَّحَةِ وَالَّتِي شَرَّعَتْ مِلْكِيَّةَ السِّلَاحِ وَتُعَمِّمُهُ عَلَى شَعْبِهَا، تَتَمَتَّعُ بِالْكَثِيرِ مِنَ الِاسْتِقْرَارِ وَالتَّنْمِيَةِ وَالسِّيَادَةِ.
وَيَمَنِ الْحِكْمَةِ وَالْإِيمَانِ، فَنَمُوذَجُهُ هَامٌّ وَيُدَرَّسُ، وَمُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ الشَّعْبُ مُسَلَّحٌ، وَالْإِحْصَائِيَّاتُ تُفِيدُ بِأَنَّ نِسْبَةَ السِّلَاحِ الْفَرْدِيِّ هِيَ ٥ قِطَعٍ لِكُلِّ يَمَنِيٍّ وُلِدَ الْيَوْمَ، وَلِهَذَا نَرَاهُ نَمُوذَجًا سِيَادِيًّا، وَيَتَحَوَّلُ إِلَى قُوَّةٍ فَاعِلَةٍ وَمُؤَثِّرَةٍ فِي إِعَادَةِ هَيْكَلَةِ الْعَرَبِ وَالْإِقْلِيمِ، وَلَمْ يَكُنِ السِّلَاحُ يَوْمًا مُشْكِلَةً أَوْ أَزْمَةً.
٥
فِي وَاقِعِ الْحَالِ، وَالْأَزَمَاتِ الْبُنْيَوِيَّةِ، وَالَّتِي تُهَدِّدُ الدُّوَلَ وَالْجُيُوشَ الَّتِي تَجْرِي الْمُطَالَبَةُ بِنَزْعِ السِّلَاحِ مِنَ الْمُجْتَمَعِ، وَحَلِّ مُنَظَّمَاتِهِ، وَالتَّنْكِيلِ بِرِجَالِهِ، مُهَددة بِالْإِرْهَابِ، وَبِالِاحْتِلَالِ، وَانْفِرَاطِ عُقُودِهَا الِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَنَزْعِ آخِرِ مَا تَبَقَّى لَهَا مِنْ وَحْدَاتٍ وَطَنِيَّةٍ وَسِيَادَةٍ وَكَرَامَةٍ، بَلْ وَبِإِبَادَةِ كُتَلٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ وَجِهَوِيَّةٍ وَسِيَاسِيَّةٍ.
٦
الْعَقْلُ زِينَةٌ،
وَفِي الْأَزَمَاتِ تَتَوَحَّدُ الشُّعُوبُ وَتَسْعَى لِابْتِدَاعِ وَسَائِطَ وَآلِيَّاتٍ وَتَشْكِيلَاتٍ لِتَأْمِينِهَا وَحِمَايَتِهَا.
السِّلَاحُ زِينَةُ الرِّجَالِ، وَرِجَالُهُ حُمَاةٌ لِلْأَوْطَانِ وَبَقَائِهَا وَلِوَحْدَاتِهَا الْوَطَنِيَّةِ، فَلْتَكُفَّ الْأَلْسُنُ، وَلْتَنْتَهِ جُهُودُ تَصْفِيَةِ آخِرِ أَوْرَاقِ الْقُوَّةِ.
بَلِ الْعَقْلَانِيَّةُ تَلْزِمُ النَّافِذِينَ بِالتَّفْكِيرِ مِنْ خَارِجِ الصُّنْدُوقِ، وَبِالْأَصْلِ بَعِيدًا عَنِ الْإِمْلَاءَاتِ وَالتَّعْلِيمَاتِ، فَقَدْ أَعْلَنَهَا بَارَاكْ بِلَا الْتِبَاسٍ: لَنْ نُمَارِسَ ضَغْطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَلَنْ نُعْطِيَ ضَمَانَاتٍ لِأَحَدٍ، وَالْمَنْطِقِيُّ: لَنْ نُمَوِّلَ، وَلَنْ نَطْلُبَ مِنْ أَحَدٍ أَنْ يُمَوِّلَ إِعَادَةَ الْبِنَاءِ وَتَأْمِينِ الْجُيُوشِ وَتَسْلِيحِهَا وَحَلِّ مُشْكِلَاتِ مُنْسَبِيهَا وَتَأْمِينِهِمْ بِالْحَدِّ الْمَعْقُولِ.
قَالَهَا تْرَمْبُ: يَدُ نِتَنْيَاهُو مُطْلَقَةٌ فِي الْإِقْلِيمِ وَبِكُلِّ الِاتِّجَاهَاتِ. وَالْبِلَادُ الْمَطْلُوبُ سَحْبُ سِلَاحِهَا هِيَ الْمُسْتَهْدَفَةُ بِحُرُوبِ الْإِبَادَةِ وَالتَّدْمِيرِ.
٧
إِذَا كَانَتْ مُشْكِلَةُ السِّلَاحِ أَنَّهُ بِيَدِ فِئَةٍ وَكُتْلَةٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ يُخِيفُ الْكُتَلَ الْبَاقِيَةِ، فَلْتَتِمَّ عَمَلِيَّةُ تَنْظِيمِهِ وَتَسْلِيحِ كُلِّ مَنْ يَرْغَبُ وَيُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِتَقْرِيرٍ وَتَفْعِيلِ قَاعِدَةِ الْمَصْلَحَةِ الْوَطَنِيَّةِ الْعُلْيَا، وَاعْتِبَارِ السِّلَاحِ وَوَظِيفَتِهِ حَصْرًا فِي تَأْمِينِهَا لَا غَيْرَ، وَتَحْرِيمِ أَيِّ اسْتِخْدَامٍ لِغَايَاتٍ أُخْرَى.
هَكَذَا الشُّعُوبُ وَالدُّوَلُ وَالْمُجْتَمَعَاتُ الْوَاعِيَةُ وَالْمُهَدَّدَةُ تُفَكِّرُ وَتُبْدِعُ فِي تَنْظِيمِ نَفْسِهَا وَتَأْمِينِ اسْتِقْرَارِهَا وَمَصَالِحِ شُعُوبِهَا، وَالْأَمْرُ لَيْسَ بِمُعَقَّدٍ أَوْ مُسْتَحِيلٍ أَوْ غَيْرِ قَابِلٍ لِلْحَلِّ.
وَبِكُلِّ حَالٍ، لِمَاذَا لَا يَكُونُ الشَّرْطُ لِسَحْبِ السِّلَاحِ أَنْ يُسْحَبَ سِلَاحُ الْمُسْتَوْطِنِينَ أَوَّلًا؟
حَقًّا، الْعَقْلُ زِينَةٌ، وَالسِّلَاحُ زِينَةُ الرِّجَالِ.
لمتابعة كل جديد الاشتراك بقناة الأجمل آت مع ميخائيل عوض على الرابط
https://youtube.com/channel/UCobZkbbxpvRjeIGXATr2biQ?si=N1YCruCjIYoNTG7V



