قراءة بعد 200 يوم من عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي‎, قراءة في 200 يوم من الإبادة الجماعية بخلفية توراتية
مقالات
قراءة بعد 200 يوم من عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي‎, قراءة في 200 يوم من الإبادة الجماعية بخلفية توراتية
عدنان علامه
25 نيسان 2024 , 19:23 م

*عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين*

*يعتقد الكثيرون أن حماس قد نقلت المعركة من الدفاع إلى الهجوم َداخل المغتصبات الفلسطينية دون قراءة الواقع؛ وتمادى البعض فقالوا أن حماس قد غامرت بمصير الشعب الفلسطيني .*

*فما قامت به حماس في ٧ أكتوبر كان ضربة تأديبية قاسية لنتنياهو كي لا يفكر بالغدر بالمقاومة وأهلها.*

*فقد بدأت المؤامرة في 22 أيلول الماضي في قاعة الأمم المتحدة حين ألقى نتنياهو كلمة أمام الجمعية العامة في دورتها الـ78، حول "ولادة الشرق الأوسط الجديد" ؛ وهو المشروع الأمريكي الذي دفنته المقاومة في لبنان عام 1996. وتمحورت كلمته حول آفاق وآثار التطبيع والسلام مع الدول العربية، ودوره في "تغيير الشرق الأوسط" .*

*وشملت الخريطة التي أظهرها نتنياهو، مناطق مكسية باللون الأخضر الداكن للدول التي تربطها اتفاقات سلام مع إسرائيل، أو تخوض مفاوضات لإبرام اتفاقات سلام معها.*

*وضمت المناطق المكسية باللون الأخضر دول مصر والسودان والإمارات والسعودية والبحرين والأردن.*

*ولم تشمل الخريطة أي ذكر لوجود دولة فلسطينية، حيث طغى اللون الأزرق، الذي يحمل كلمة إسرائيل، على خريطة الضفة الغربية المحتلة كاملةً، بما فيها قطاع غزة.*

*ونشر نتنياهو بُعيد إلقاء خطابه في الأمم المتحدة تغريدة على حسابه على موقع إكس وكتب: "إن أعظم إنجاز في حياتي هو أن أقاتل من أجلكم، ومن أجل بلدنا".*

*لقد كشفت الخريطة التي حملها نتنياهو وتغريدته الحمقاء النيّات العدوانية المبيتة ضد محور المقاومة في محيط فلسطين المحتلة وكان ينتظر الذريعة للعدوان علي أي عمل يصدر من محور المقاومة.*

*فحماس أفشلت المؤامرة التي خططت له الدول السبع وإسرائيل ضد محور المقاومة في المنطقة.*

*ففي الربع الأول من العام 1996، اوعزت الحركة الصهيونية العالمية والدولة العميقة في أمريكا للرئيس كلينتون والرئيس مبارك والدول التي تنفذ الإيحاءات الأمريكية بعقد مؤتمر شرم الشيخ بتاريخ 14 آذار/ مارس 1996 للهجوم على المقاومة في لبنان وكانوا ينتظرون الذريعة للبدء بالعدوان؛ ومن أهداف المؤتمر المعلنة:-*

*1- إنقاذ عملية السلام.*

*2- مكافحة الإرهاب (دون تحديد مفهوم أممي ودولي للإرهاب).*

*3- توفير الأمن في المنطقة.*

*وكان كلينتون أكثر وضوحًا ووقاحة فقال :"سننهي على عناصر الحقد.".*

*ردت المقاومة على استشهاد مدنيين في قرية ياطر بقصف بعض المستوطنات؛ وقال بيريز حينها:" لن ندع هذه الأعمال تعكر علينا صفو الإحتفالات بعيد الفصح"،وبدأ العدوان علي لبنان تحت تسمية "عناقيد الغضب" عشية إنتهاء عيد الفصح.*

*وكشفت كونداليزا رايس المستور والهدف الحقيقي من العدوان الذي نفذته إسرائيل لصالح المشروع الأمريكي. فوصفت وزيرة الخارجية الأميركية رايس حرب تموز 2006 في لبنان بأنها «آلام مخاض لولادة شرق أوسط جديد»، فيما قدمت الولايات المتحدة «مشروع الشرق الأوسط الكبير»بتاريخ (13 شباط/فبراير 2004) بعد عشرة أشهر من سقوط بغداد بأيديها، وكان من الواضح آنذاك أن هذا المشروع هو جدول الأعمال، سياسياً وثقافياً واقتصادياً وأمنياً، لما قالت واشنطن بأنه «إعادة صياغة المنطقة» بوصفه الهدف من غزو العراق على حد تصريح وزير الخارجية الأميركي كولن باول قبيل أسبوعين من بدء ذلك الغزو.*

*ويوحي تصريح رايس بأن هناك إعادة اعتبار للدور الاسرائيلي في المنطقة (يذكّر بما كانت عليه الأمور بين صيفي 1967 و1982) وإلى مراجعة دور «الوكيل».*

*ففي 7 اكتوبر نسفت حماس هذا المشروع من جذوره وأسقطت الهيبة والغطرسة والإستكبار الصهيوني اليهودي في أقل من ساعة؛ ولكن الفشل الذريع الحقيقي كان لكافة أجهزة الأمن المعادية الذين فشلوا في إكتشاف ملايين الأمتار المكعبة من الرمال الناجمة عن حفر الأنفاق طيلة عدة أعوام.*

*فأعلن قادة الحركة الصهيونية العالمية الإستنفار العام وأنشأوا خلية أزمة على مدار الساعة خشية الإنهيار الكامل للكيان المؤقت. فأوعزت إلى بايدن بالتوجه مباشرة إلى إسرائيل لإنقاذها وقيادة الأمور وإعادة ترميم ما تبقى من هيبة الجيش المهزوم. وأوعزت إلى نتنياهَو بإعلان الحرب التوراتية لإبادة "الغوييم" تحت ستار إبادة "العماليق":*

*هكَذَا يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنِّي قَدِ افْتَقَدْتُ مَا عَمِلَ عَمَالِيقُ بِإِسْرَائِيلَ حِينَ وَقَفَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ صُعُودِهِ مِنْ مِصْرَ." (1 صم 15: 2).*

*"فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلًا وَامْرَأَةً، طِفْلًا وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلًا وَحِمَارًا»". (1 صم 15: 3)".*

*وعلينا أن لا نرتكب خطيئة في مفهوم (رب الجنود أي "يهوه"، وهو محرم ذكره على اليهود) والله سبحانه وتعالى. فاليهود لم يتحملوا عدم وجود إله يروه ليعبدوه؛ ولم ينتظروا عدة أيام بعد غياب النبي موسى عليه السلام للقاء الله لينزل بالألواح. فاقترح السامري صنع عجل ليعبدوه.*

*وكانت المعصية الكبرى لأوامر الله بدخول بلاد الشام الشام أو أريحا وتجرأوا على الله سبحانه وتعالى: {قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (المائدة-26)*.

*فحدث الإنحراف؛ وباتوا ينفذون ابشع المجازر في أية قرية يمرون بها ويحرقونها عن بكرة أبيها وكل ذلك بأمر من "يهوه".*

*وفي تقييم موضوعي فإن إسرائيل في 7 اكتوبر خسرت المعركة العسكرية بكل المقاييس الدولية المعتمدة بالرغم من حملات الإبادة الجماعية، التطهير العرقي، تدمير المستشفيات، الأفران، مصانع الدواء، معامل توزيع الطاقة، محطات توزيع المياره، إقفال المعابر، منع الصيد البحري والتجويع تسببوا بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بما يزيد عن 130.000 إنسان بين شهيد ومفقود وجريح جلّهم من الأطفال والنساء. وبالرغم من دعم أمريكي عسكري غير محدود بلغ أكثر من 500.000 طن من الصواريخ المدمرة وأحدث ذخائر المدفعية الموجهة بالليزر، ودعم سياسي غير محدود لمنع وقف إطلاق النار في غزة، وحتى منع المحاكمة عن إسرائيل. وكل ذلك حتى لا تسقط العقيدة الصهيونية المزيفة. فلم يظهر "يهوه" حتى الآن ولن يظهر أبدًا لأنه موجود في بنات أفكارهم فقط.*

*فالمعركة قد بدأها نتنياهو وبايدن وتستمر الآن بمشاركة الدول السبع الكبرى G7.*

*لذا لا بد من الإحاطة ولو بقدر ضئيل من العقيدة اليهودية لنعرف تفكيرهم وتصرفهم. لذا سأحاول الإختصار قدر الإمكان في توضيح صفات اليهود "ويهوه".*

*ففي الرواية والأسطورة اليهودية أن يهوه نزع الملك عن شاؤول لأنه لم يبيد كافة العماليق: وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيًّا، وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالثُّنْيَانِ وَالْخِرَافِ، وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ، وَلَمْ يَرْضَوْا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا." (1 صم 15: 8-9).*

*فالإبادة الجماعية من المنظور التوراتي لم تكتمل عناصرها؛ لذا أمر قادة الحركة الصهيونية بمواصلة إقتحام رفح في المرحلة الحاضرة؛فألتزم بايدن الأواَمر الصارمة؛ وأعلن عن معاودة شحن الصواريخ والذخائر إلي إسرائيل. ولكن إسرائيل لن تشن أية هجومات كبيرة خلال عيد الفصح اليهودي الذي بدأ أمس ويستمر إسبوعَا كاملًا.*

*وقد تفتح شهية هذه الحركة في استباحة الدم الفلسطيني بعد إنتهاء عطلة الفصح اليهودي فتشعلها حربًا شعواء على ما تبقى من غزة ورفح وتتجه نحو الضفة الغربية.*

*فلنتعرف سويًا إلى بعض صفاتهم لنستبق معرفة أفعالهم.*

*فاليهود ينظرون إلى الشعوب الأخرى على أنهم ( غوييم ) أي الجنس الأدنى الذي يجب استبعاده، وتسخيره لخدمة الشعب اليهودي كونهم شعب الله المختار حسب معتقداتهم التوراتية· ففي التلمود الذي كتب من قبل أحبار اليهود على مر العصور تبرز هذه الصورة البغيضة في أكثر من موقع وهي الطرق التي يجب أن يتعامل بها اليهود مع الشعوب الأخرى ، فهم ينظرون بازدراء شديد إلى المؤابيين والعمونيين ، وهي أجناس قديمة سكنت شرق الأردن ، ويعتبرونهم أولاد زنا· أما بخصوص سيدنا إسماعيل فإن اليهود يتقولون بأن إبراهيم عليه السلام حين تزوج هاجر وأنجبت له إسماعيل ، وكان إسماعيل مؤذياً لأبويه وللناس فقام بإبعاده هو وأمه إلى الصحراء ليتخلص منهما ومن شرهما.*

*والصهيوني لا ينظر إلى الآخر نظرة إنسانية بل يحتقر جميع الشعوب الأخرى على الإطلاق ، ففي مدلولاتهم الدينية يطرح نفسه بديلاً عن الآخر بلا استثناء فعندما يقول ( دم غير اليهودي على اليهودي حلال ) فإنه يؤكد على أن إسرائيل يجب أن تبقى قائمة على الدم وبالتالي فإنها لا تستطيع التعايش مع الفلسطينيين والعرب·*

*وفي أقدم نصوص الأدب الكتابي، يمتلك "يهوه" سمات تنسب عادة إلى آلهة الطقس والحرب، وهو يُخصّب الأرض ويقود الجيش السماوي ضد أعداء إسرائيل. كان قدماء بني إسرائيل متعددي الآلهة، وعبدوا "يهوه" إلى جانب مجموعة متنوعة من الآلهة والإلهات الكنعانية، بما في ذلك إيل وعشيرة وبعل. في القرون اللاحقة، اندمج إيل مع "يهوه" ، وأصبحت الصفات المرتبطة بإيل مثل إيل شداي تنطبق على "يهوه" وحده، واستُوعبت آلهة وإلهات أخرى مثل بعل وعشيرة في العقيدة اليهوهية.*

*وقرب نهاية فترة السبي البابلي، استُنكر تواجد آلهة أخرى، وأُعلن أن "يهوه" هو الإله الخالق والوحيد الذي تجب عبادته. وخلال فترة الهيكل الثاني، أصبح التحدث باسم يهوه علنًا من المحرمات، وبدأ اليهود في استبدال الاسم بكلمات أخرى، أبرزها أدوناي (אֲדֹנָי، "سيدي" و هَشِمْ أي الإسم) . وفي العصر الروماني، بعد حصار القدس وتدمير معبدها سنة 70م، بات النطق باسم الإله منسيًّا بالكامل. عُثر أيضًا على اسم "يهوه" في بردية أمهرست 63 ، وفي النصوص السحرية اليهودية أو اليونانية المصرية المتأثرة باليهودية منذ القرن الأول الميلادي إلى القرن الخامس الميلادي."*

*" وأن فعل الإبادة الصهيوني اتخذ من الرموز والأساطير الكتابية -أو التوراتية- "مرجعية له يستوحي منها ما فعل الأسلاف لتطبيقه على الواقع الراهن"، وهو ما يؤكده تصريح الأستاذ بجامعة حيفا "بيت هلحمي"؛ إذ يرى أن إسرائيل تتعامل مع كتابها المقدس بوصفه مرجعا تاريخيا يجب تكرار أحداثه التاريخية. ووفق هذه الرواية فإن إبراهام -أو نبي الله إبراهيم- كان أول من عهد إليه "يهوه" (الإله التوراتي) بأرض فلسطين التاريخية، واختص بهذا العهد من ذريته إسحاق، ثم يعقوب -أو إسرائيل- لتكون هذه الأرض من بعده ملكا لبني إسرائيل بحق إلهي مقدس".*

*وفي عددها الصادر لشهرَيْ مايو/أيار ويونيو/حزيران 2009، نشرت مجلة "مومِنت" (Moment) اليهودية الأميركية حوارا مع الحاخام الصهيوني "مانيس فريدمان" حول الطريقة المثلى لتعامل اليهود بفلسطين المحتلة مع جيرانهم من العرب، وقد أتت إجابة "فريدمان" صريحة: "إنني لا أومن بالأخلاقيات الغربية، بمعنى أن عليك ألا تقتل المدنيين أو الأطفال، وألا تُدمِّر الأماكن المقدسة، وألا تقاتل في المناسبات الدينية، وألا تقصف المقابر، وألا تُطلق النار قبل أن يطلقها عليك الآخرون.. إن الطريقة الوحيدة لخوض حرب أخلاقية هي الطريقة اليهودية: دمِّر أماكنهم المقدسة، واقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم ومواشيهم". وقد علَّل "فريدمان" ذلك بأنه الرادع الوحيد والحقيقي للتخلُّص من ثبات الفلسطينيين ومقاومتهم المستمرة، وأن تلك هي قيم التوارة التي ستجعل الإسرائيليين "النور الذي يشع للأمم التي تعاني الهزيمة بسبب هذه الأخلاقيات (الغربية) المُدمِّرة التي اخترعها الإنسان".*

*هذا غبض من فيض عقيدة الصهاينة في نظرتهم "للغوييم" أو "الأغيار"؛ والعربي الجيد بالنسبة لهم هو العربي الميت.*

*فلننتظر سويًا المفاجآت مع نهاية الإحتفالات بعيد الفصح اليهودي.*

*وأن غدًا لناظره قريب*

*25 نيسان/أبريل 2024*

المصدر: موقع إضاءات الإخباري