بعد الاقتراب من الاعلان عن التوصل لاتفاق بين ايران والاطراف الغربية في فيينا بدأت الماكينات الاعلامية والدعائية للدول المعادية لايران بنشر الاكاذيب والاباطيل بهدف مصادرة النجاح الدبلوماسي الايراني في هذه المفاوضات والايحاء بان الاتفاق الذي سيولد هو مخاض تراجعات ايرانية عن مبادئها والخطوط الحمراء التي تمسكت بها والايحاء بان ايران اضطرت مرغمة للنزول من الشجرة لكن الحقيقة على عكس ذلك .
الاتفاق الوشيك اذا ما نجحت البصمات الاخيرة عليه هو اتفاق دائم بامتياز على قاعدة رابح – رابح من حيث النتيجة النهائية وعلى قاعدة ايران الرابحة الوحيدة من حيث التحكم بمقود المسار التفاوضي وقيادته في الاتجاه الذي ارادته هي. ونجحت في فتح مغاليق المفاوضات وبالتالي اثمرت دبلوماسيتها التفاوضية اتفاقا يؤمن مطالبها ومطالب الجميع.
كانت هناك عدة عقبات وضعت المفاوضات في عنق الزجاجة واصطدمت مواقف وحلول المتفاوضين عندها وتسببت في استنزاف الوقت ومن هذه العقبات :
قضية التحقق والتأكد من التزام الطرفين الايراني والامريكي ببنود الاتفاق بسبب جدار عدم الثقة السميك بين الجانبين نتيجة لعدم ثقة ايران بالجانب الامريكي الذي غدر بالاتفاق السابق .وقد اثارت ايران هذه القضية منذ بداية محادثات فيينا في أبريل من هذا العام ، عندما كان عراقجي مسؤولاً عن المفاوضات في الحكومة السابقة وطالبت بضمانات قانونية وسياسية وتجارية من الجانب الامريكي وقالت ان الغاء الحظر على الورق ليس كافيا لكن الجانب الامريكي بقي متمسكا بتعنته ومراوغاته للالتفاف على اي اتفاق واصراره على اقحام قضايا اخرى في اطاره بضغط من اسرائيل وقوى اقليمية ورفض قبول الشروط الايرانية .
تحول هذا المطلب العقلاني والمنطقي لإيران الی نقطة اختلاف اساسية في فيينا ، وشغل حیزا واسعا من النقاش والجدل خلال الجولة الثامنة من المحادثات ،وبعض الجولات التي سبقتها وايضا خلال الاجتماعات التي جمعت المفاوضين الايرانيين والاوروبيين رغم ان جميع الاطراف ماعدا امريكا تكونت لديهم نظرة ايجابية الى هذا المقترح الايراني الا انه بسبب حداثة هذه الفكرة وصعوبة العثور علی آلیات لتنفیذها بالسرعة الزمنیة المطلوبة بالنسبة لتلك الاطراف فقد تعثرت خطوات المفاوضات بها .
بغض النظر عن المناقشات التي أثيرت في هذا الصدد ، یقول الباحث السياسي الايراني القريب من اجواء المفاوضات في فيينا الدكتور هادي محمدي "ان الالية التي اعتمدت لتلبية هذا الشرط الايراني والوصول الى "التحقق والتاکد" تمر عبر المراحل التالیة:
اولا – اعطاء مهلة زمنیة لایران لعدة أسابیع آو عدة أشهر حتی تقوم بتنفیذ ما علیها من التزامات وتکون هذه المهلة جزءًا من عملية التحقق عمليًا ،وهذا يعني أنه بعد التوصل للاتفاق النهائي بين إيران والمجموعة 4 + 1 والولايات المتحدة وتحديد جمیع التزامات کل طرف من الاطراف الأخرى ،ستباشر الولایات المتحدة خلال بضعة أسابیع وأقل من شهرين بإجراء الترتيبات الإدارية اللازمة ، والعقود المسبقة والاعدادات الاخری للوفاء بالتزاماتها. وبعد الانتهاء من هذه الإجراءات التمهیدیة وفي تاريخ محدد ، ستصدر الولايات المتحدة قرارا نهائياً بالغاء الحظرعن ایران . وتبعا لذلك ستقوم إيران بتفعیل برنامجها للعودة الی التزاماتها التقنیة وفقا لبنود الاتفاق ،ای فور التحقق من الوفاء الامریکی بالالتزامات (الذي تم الإعداد له مسبقا ) ، وهکذا سوف يتم تحقیق الشرطین الایرانیین ،أي: ان تضع امریکا الخطوة الأولى والتحقق والتأكد من تنفيذ امريكا التزاماتها قبل ان تباشر طهران بالتزاماتها النووية.
في المقابل ، سوف یتم تلبية مطالب الولايات المتحدة بعدم إطالة أمد فترة التحقق حتى لا تستفيد طهران من عامل الوقت لزيادة عملية التخصيب حسب ظنها.
وفي نفس الوقت ، سیکون التحضير لجميع التوافقات وتفاصیلها جاهزا منذ البدایة ولایبقی أي شيء یدلل علی ان الاتفاق هو اتفاق مؤقت وهذه النتیجة هي في الواقع استجابة لشرط ايراني آخر برفض ان يكون الاتفاق مرحليا أو مؤقتا.
ربما هناك آليات أخرى لتأمين الشرط الايراني في موضوع " التأكد والمصداقية " لكن ما هو واضح أن أي آلية لا تنطوي على منافع اقتصادية حقيقية وملموسة لایران جراء التزاماتها بموجب الاتفاق سوف لن یکون مقبولا من وجهة نظر ایران وسیعید الامور الی المربع الاول .



