د. عامر الربيعي / عندما تعتاش امريكا على حلفائها لتبقى
مقالات
د. عامر الربيعي / عندما تعتاش امريكا على حلفائها لتبقى
10 آذار 2022 , 04:23 ص




ما يحدث اليوم في الساحة العالمية من حراك يقرع طبول لحرب عالمية ثالثة ، ينبع من عوامل النخر التي اصابت المرتكزات التي يقوم عليها النظام الرأسمالي ، فكما هو معروف ان الولايات المتحدة ، هذه ألدولة الناشئة على الساحة الدولية منذ قيام الحرب العالمية الاولى ، وظهورها بقوة بعد الحرب العالمية الثانية ، كانت قد مرت بعدة مراحل من مرحلة النشوء والعزلة ومن ثم الانفتاح والاندفاع نحو العالم والتطلع لحصول موقع يتوافق وتطلعاتها الناشئة فنلاحظ انها مارست طرق احاطت به العالم من خلال العديد من الاحلاف والقواعد العسكرية ، بغض النظر عن احلافها مع الاقليم الجغرافي الذي تنتمي له ، والذي يتمتع بالاستقرار بالمقارنة مع اقليم اوربا ،


فنراها في :

1-حلف شمال الاطلسي في اوربا.


2- ميثاق الامن المتبادل مع كل من :

•حلف امريكا وكل من بريطانيا واستراليا ونيوزلندا 

• حلف أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية 

3- دخولها في احلاف مع دول اسيان -دول جنوب شرق اسيا - والهند والباكستان وافغانستان - دول شبه القارة الهندية- وهنا تعتبر نفسها منافسا لاصحاب النفوذ بريطانيا والصين.

4-من تداعيات ثالثا على الصين تحاول الصين ايجاد تناسب في القوة مع الصين سواء من حيث التاثير وقوة الجذب لإقليمها.

5- محاولتها احتواء الاتحاد السوفيتي عدو الامس ، وروسيا الاتحادية اليوم.


هنا تبرز اشكالية المأزق الامريكي وقوة روسيا حليفة الصين وظهير اوربا ، اوصلت امريكا نفسها الى مرحلة من التصادم لأنها عبر تأريخها سياسة الاحتواء واستبدلتها بسياسة الهيمنة ، ربما ان المسرح الذي فتح شهيتها للهيمنة هو مسرح الشرق الاوسط وتشكيلاتها لتكتل ما اسميه بدول الطوق الحامية للمجال الحيوي الامريكي -دول الخليج- ،وربط أمنها القومي بأمن الكيان الصهيوني، الذرع المتطرف الذي استخدمته امريكا ضد نفوذ السوفييت في افغانستان ، فشل في العراق والشام .

كل هذه العوامل ادت الى غرق امريكا في مفهوم الهيمنة ، فهي من ناحية اضعف من ان تواجه ساحات عالمية متعددة ، وبنفس الوقت لا تستطيع العودة الى سياسة الاحتواء.


لذلك فمن المؤكد ان تبحث لها عن ساحات رخوة تستطيع عن طريقها اشعال حروب الوكالة واوكرانيا احد تلك الساحات ، وخاصة اذا ما ركزنا على ان روسيا احد تلك القوى التي كسرت مفهوم الهيمنة الامريكية في الشرق الاوسط ، وكما انها الوحيدة أوربيا التي مثلت دور القوة الاوراسية الموحدة لتلك الكتلة الجغرافية مع الصين . 

يبقى الدور المتخاذل للجانب الاوربي الذي لا يريد ان يصدق من انه يقود دوله لهيمنة امريكية اكبر . لذلك فان الوثائق التي عثر عليها والتي تثبت وجود مشروع اوكراني للهجوم على الدونباس، يصب في حرب امريكية بالوكالة الهدف منها تحقيق عدة امور ابرزها:

١- الهيمنة الامريكية على الارادة الاوربية ليس فقط ماليا ، وانما اقتصاديا وسياسيا.

٢- تفعيل سياسة الاحتواء التي جاء بها جورج كينان في عهد الرئيس الامريكي هاري ترومان - ١٩٤٥- وهو تطويق وتضييق الخناق على روسيا .

٣- وهي بالتالي في نفس الوقت ،فان امريكا تتصدى لمشروع الصين الحزام والطريق الذي يوحد اسيا واوربا ، ويميع منهج الهيمنة الذي تعتاش عليه امريكا. 

لذلك فان نشر الجماعات الارهابية والمتطرفة على مختلف توجهاتهم ومشاربهم في تلك الجغرافيا ، هو حرب امريكية وفق منهج حرب العصابات والشوارع ، ولا تعبأ امريكا ان توسعت الى جغرافيا محيطة باوكرانيا ….

 لكن ما فات ذهنية خبراء السلطة الامريكية اللذين ينطلقون من سياسة الهيمنة، من ان اوربا اذا كانت تملك الارادة فانها تستطيع من الانقلاب على الانانية الامريكية والوقوف الى جانب روسيا و اوكرانيا واحتواء الازمة . وهذا ما يخيف امريكا تحديدا وما يترتب عليه من زيادة في عزلتها عالميا .


دكتور عامر الربيعي

رئيس مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية العربية الاوربية في باريس

المصدر: إضاءات