مرحلة صعبة قادمة ومسؤوليات جسام على أهل القدس خلال رمضان وعلى القوى الوطنية والإسلامية أن تنظر لميدان القدس باعتباره الأولوية الأولى
توقفت هيئة العمل الوطني والأهلي في مدينة القدس امام جملة التطورات التي مرت بها مدينة القدس مع بداية العام الحالي، والتي اتسمت بالمزيد من التغول والتوحش الاستعماري الصهيوني في حرب التصفية الشاملة التي يشنها المحتل على مدينتنا منذ قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال في 12-2017؛ وقد خلصت الهيئة في تشخيصها لوقائع الصراع في المدينة إلى ما يلي:
الصراع على السيادة في المدينة وهويتها سيستمر ويتصاعد، فالمحتل يستغل الظروف الفلسطينية والعربية والدولية من أجل محاولة حسم السيطرة على المدينة وتهويدها وأسرلتها، ويستخدم كل آلة بطشه وأدواته القمعية وأجهزته الأمنية وبريوقراطيته الحكومية والعصابات المتطرفة من المستوطنين ومنظمات الهيكل المتطرفة لتنفيذ مشاريعه ومخططاته، ولكن كل ذلك يجابه بمقاومة شرسة من كل أبناء شعبنا في القدس، الذين يخوضون هذا الصراع بشكل موحد بكل مكوناتهم ومركباتهم السياسية الوطنية المؤسساتية والمجتمعية والشعبية، في إطار الدفاع عن وجودهم وعن قدسهم ومقدساتهم، ومعنا أهلنا وإخواننا في الداخل المحتل عام 1948 وبعض أهلنا في الضفة الغربية الذين يتمكنون من الوصول إلى المدينة أو الالتحام في معركة الدفاع عنها رغم أطواق المنع والتضييق.
وأمام ذلك فإننا في هيئة العمل الوطني والأهلي في مدينة القدس نؤكد على ما يلي:
أولاً: في حي الشيخ جراح الشرقي- كرم الجاعوني: وقد تحقق فيه نصر جزئي بصدور قرار محكمة الاحتلال العليا في 1-3-2022 ليلغي أوامر الإخلاء بحق الأربع عائلات المنظورة قضاياها في محاكم الاحتلال (الجاعوني والكرد والسكافي والقاسم)، وليننزع عنهم صفة المستأجرين المحمين من قبل المستوطنين وليسمح لهم بالقيام بأعمال الترميم والصيانة في بيوتهم وليضطر لأول مرة للاعتراف بضرورة النظر في ادعاءاتهم بملكية بيوت حي كرم الجاعوني. هذا القرار جاء ليثبت بأن موقف هيئة العمل الوطني والأهلي والمواقف الوطنية ومواقف الجهات الرسمية والمرجعيات الدينية برفض التسوية المقترحة من قبل محكمة الاحتلال العليا في 2/11/2021 كان قراراً صائباً وفي محله، قارب القضية ببعدها السياسي الإجمالي الذي يتمسك بالموقف ويرفض رمي كرة النار إلى الداخل الفلسطيني، فاضطرت محكمة الاحتلال العليا للرضوخ ولتغيير الموقف الذي تمسك به قضاء الاحتلال على مدى ثلاثة عقود.
إن هذا التراجع الصهيوني هو خطوة مهمة على طربق النصر في معركة النفَس الطويل في الشبخ جراح؛ وهو حصيلة جهد ونضال جمعي شعبي ووطني ورسمي لمختلف قطاعات وفئات شعبنا الفلسطيني، وهنا لا بد من تثمين خاص لشعبنا وأهلنا في الداخل الفلسطيني- 48- على دعمهم وإسنادهم للقدس في كل الجبهات التي تخوضها، ولا ننسى أن نتوجه بالشكر والتقدير للقيادة الأردنية التي وفرت العديد من الوثائق الخاصة بالقضية، ومكنت من صدور مثل هذا القرار. وإننا في هيئة العمل الوطني والأهلي نجدد تحيتنا لصمود أهالي حي الشيخ جراح وصبرهم وثباتهم وتشبثهم بحقهم في بيوتهم وأرضهم، كما نتوجه بالتحية والتقدير للمحاميين حسني ابو حسين وسامي ارشيد اللذان أدارا المعركة القانونية بصلابة، ونؤكد على ضرورة إدارة هذه القضية ببعدها الوطني الشامل لأن هذا هو خيارنا الرابح في القدس وفي كل الأحياء المهددة بالتهجير.
ثانياً: في قضية حي الشيخ جراح الغربي: جورة النقاع – "كبانية أم هارون" والتي تعرضت لهجمة شرسة من قبل الجمعيات الإستيطانية التي قادها المتطرف إيتمار بن جفير ونائب رئيس بلدية الإحتلال عراب الإستيطان في الشيخ جراح أرييه كنج، بهدف الاستيلاء على بيت عائلة سالم وقطعة الأرض الموجودة أمامه؛ تمهيداً للسيطرة بشكل كلي على حي الشيخ جراح الغربي؛ فإن هذه الهجمة قد أخفقت حتى الآن في تحقيق أهدافها بفضل صمود أهل الحي والالتفاف الشعبي والجماهيري والوطني حولهم، ومعهم المتضامنين الأجانب، مما اضطر الإحتلال الى تجميد إخلاء عائلة سالم وإخلاء الأزعر بن جفير من الحي حين أدركوا أن الشيخ جراح قد يكون صاعق تفجير متجدد للأوضاع في مدينة القدس مع اقتراب شهر رمضان المبارك. ونؤكد أن المعركة في حي الشيخ جراح الغربي مستمرة ولن تتوقف إلا بإنهاء كل أوهام المستوطنين في تهجير أهل الحي.
ثالثاً: حراك رفض الهدم في جبل المكبر: تثمن هيئة العمل الوطني والأهلي الموقف الجماعي الموحد والصلب الذي اتخذه أهالي جبل المكبر برفض سياسة الهدم الذاتي لمنازلهم، وما قاموا به من أنشطة وفعاليات في إطار التصدي لهدم منازلهم، وترى بأن شعارهم المرفوع " لا للهدم الذاتي، ولن نهدم بيوتنا بأيدينا" لا بد من تعميمه على كافة قرى وبلدات مدينة القدس، وأن تعمل الجهات الرسمية على تبنيه، وأن يجري تشكيل صندوق خاص لمساندة من يهدم الاحتلال بيوتهم حتى يتمكنوا من مواصلة مشوار صمودهم الطويل.
رابعاً: شهر رمضان في القدس: لقد بات واضحاً أن الاحتلال يسعى بين يدي شهر رمضان المبارك إلى "تبريد" الوضع و"تنفيس" الحالة الشعبية والجماهيرية؛ وفي هذا الإطار جاء قرار مفوض عام شرطة الإحتلال "كوبي شبتاي" بوقف هدم المنازل في القدس والنقب ووقف عمليات الإخلاء، لكنها تهدئة يُقصد بها التحايل على وعيِنا لتمرير موسم التجمهر والاجتماع في القدس في رمضان والعودة لخنق مدينتنا من بعده، وخوف الاحتلال من رمضان مؤشر واضح لإدراكه لما يمكن أن يخسره فيه، ولما يمكن أن تكسبه القدس وكل فلسطين بالمقابل.
خامساً: وجوب مقاطعة الفعاليات التطبيعية لبلدية الاحتلال في رمضان: يسعى المحتل إلى إقامة سلسلة من الأنشطة والفعاليات الثقافية والتراثية والفنية في باب العامود وأماكن متفرقة من القدس تحت رعايته في شهر رمضان المبارك، ليدس من خلالها سمومه ويفرق الصف المقدسي، ولـ"يكوي" بها وعي شبابنا وأهلنا، وينشر وهم"التعايش" و"التسامح"بينما هو يخوض حرب إحلالٍ شامل ضدنا. الواضح أيضاً أن أجهزة الإحتلال المدنية العاملة في المدينة ستنشط في رمضان تحت العناوين "الإنسانية" لتقديم المساعدات الغذائية والمالية وغيرها، وهو ما يجب رفضه رفضاً تاماً ومقاطعة كل من يتماهى معه أو يشترك فيه من المضللين أو ضعاف النفوس.
سادساً: الدعوة إلى شد الرحال للأقصى والقدس في رمضان: رمضان هو شهر تكثيف الحضور البشري الفلسطيني الغامر في مدينة القدس بشد الرحال إلى المسجد الأقصى والرباط فيه وفي حي الشيخ جراح وفي ساحة باب العامود، وإفشال كل رهانات المحتل على عزل مدينة القدس عن الجسد الفلسطيني الواحد رغم الجراح. شهر رمضان كذلك هو شريان حياة للقدس إذ فيه تنشط الحركة التجارية والاقتصادية في المدينة وبالذات في بلدتها القديمة، ونتوجه إلى إخواننا تجار مدينتنا بضرورة وضع خطط وبرامح حول كيفية استضافة أبناء شعبنا القادمين للمدينة من مختلف أنحاء فلسطين للرباط فيها، والعمل على تخفيض الأسعار وجعلها منافسة كماً ونوعاً، خصوصاً وأن "المولات" والمحلات التجارية الإسرائيلية اعتادت أن تقدم الكثير من العروض والإغراءات لتضع هذه الحركة الاقتصادية في جيب المحتل وداخل عجلته الاقتصادية، ونتطلع إلى أن تبادر الغرفة التجارية ولجنة التجار بالتنسيق مع اللجان الوطنية والمرجعيات في الداخل الفلسطيني -48– فيما يتعلق بكل الترتيبات الخاصة بالمرابطين والمصلين القادمين للمدينة، بما يسهل عليهم رباطهم ويضمن تحقيق أعلى قدر من الفائدة لمدينة القدس.
في الختام، لا يسعنا الإ نؤكد على وحدة شعبنا الفلسطيني وضرورة حماية سلمه الأهلي والمجتمعي، ورفض كل أشكال ومظاهر العنف والجريمة والاحتراب العشائري والقبلي واستخدام السلاح المشبوه في "الطوش" والمعارك الجانبية في رمضان وفي غيره من الأيام.
هيئة العمل الوطني والأهلي
القدس المحتلة
15\3\2022