قبل حرب أوكرانيا... أو بعد حرب أوكرانيا... لا شيء تغير في محور فلسطين...
لا نزال نحن، أجل نحن، نقف في خطوط الدفاع السلبي نفسها، بينما يصارع الشعب الفلسطيني ليس فقط على حق الوجود، بل حتى على أبسط حقوق الحياة البشرية...
مؤتمر أقطاب محور المقاومة بمناسبة يوم القدس أمس، لم يغير في الأمر أكثر من محاولة حشد أمة تحتاج من أجل هذا الحشد إلى أفعال، وليس إلى مزيد من خطب التصميم والإصرار التي لم تترجم بعد...
نحن قادرون على هذا الفعل لو غيّرنا فقط في طريقة حساب الأمور...
لو كانت المقاومة الإسلامية في لبنان خضعت لنفس تلك الحسابات غداة حرب تموز ٢٠٠٦ (المجيدة بكل المقاييس)، لما كان الله منّ على هذه الأمة بذلك النصر التاريخي الذي ولّد انتصارات في غزة والعراق وسوريا واليمن، وحتى داخل فلسطين التاريخية...
ما حدث فجر اليوم في سماء سوريا، ليس سوى صورة من صور المراوحة السلبية في دفاع سلبي نعيشه ونموت فيه منذ النكبة...
كل الذرائع التي يمكن سوقها لتبرير النهج القائم لا يمكن أن تقبل رداََ سوريا على القصف الصهيوني يكتفي بمحاولة اصطياد بضعة صواريخ قبل أن تبلغ هذه الأخيرة أهدافها...
مرة تقتصر الخسائر!! على الماديات، ومرة أخرى يسقط الشهداء الذين ترتقي أرواحهم إلى جوار الرب غير مقتنعة بأن نبقى دوما في معرض تلقي الضربات وعدها دون الرد ولو بإشعال عود ثقاب...
ما يمنع الحكومة السورية من الرد على الصاروخ بصاروخ، هو حسابات لم تعد الأمة تقبل بها...
في الثمانينيات من القرن الماضي، حين هدد نظام أنقرة التابع لحلف الاطلسي، والداعم الأول للصهيونية باجتياح سوريا، قام الرئيس الراحل حافظ الأسد بسحب كل قطعات الجيش السوري من الحدود مع تركيا وحشد كل القوى في مواجهة إسرائيل...
ارسل يومها الرئيس السوري رسالة واضحة إلى العالم...
لن يموت جندي سوري واحد في التصدي لعملاء الأطلسي من الأتراك...
عدونا إسرائيل...
بمجرد دخول جندي تركي واحد إلى سوريا، سوف تبدأ سوريا الحرب الاستراتيجية ضد الكيان الذي يغتصب فلسطين...
كان الرئيس حافظ الأسد يعرف أن سوريا أضعف بكثير في الميزان الاستراتيجي من الأطلسي وعملائه وكلابه...
لكن الأسد الأب قرر أنه أذا كان لا بد من الموت... فسوف نموت واقفين ولن نركع...
الرئيس بشار الأسد، الذي خاض حربا كونية ضد آلة الحرب الأطلسية والإرهاب الدولي والمحلي، وضد أذناب الرجعية العربية التي بقيت هي نفسها كما كانت منذ عهد النكبة وصولا إلى اليوم، مرورا بحقبة التآمر على مصر الثورة أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر...
الخليج، الاردن، المغرب... إنها دول التطبيع نفسها... دول العمالة للغرب... دول خيانة الأقصى...
إنها الدول التي لم تتوقف يوما عن التآمر على الشعب الفلسطيني، وعلى الأمة العربية، كما يقول الشيخ عكرمة صبري...
الرئيس بشار الأسد مطالب بأن يكون ابن ابيه...
الرد على النار، لا يكون إلا بالنار...
لطالما طلبنا من الفصائل الفلسطينية أن تدخل أي حرب قد تندلع بين أي طرف من محور المقاومة وبين الكيان...
دخول الفصائل كان سوف يعطيها جزءاََ من مكاسب نصر لا بد آت...
على الأقل، يجب ترك جذوة الصراع على نار لا تهدأ ولا تموت...
اليوم، ومع الحرب العالمية غير المعلنة التي تدور في أوكرانيا بين روسيا وحلف الاطلسي، مطلوب من محور فلسطين عدم السكوت على تحرشات الصهاينة حتى لو أدى ذلك إلى اندلاع حرب إقليمية لا هوادة فيها...
إنها فرصتنا بينما الأطلسي مشغول في أوكرانيا...
ماذا سوف يحصل في دول محور فلسطين أكثر مما حصل وأكثر مما يحصل...
دمار؟
نحن نعيش الدمار كل يوم...
أزمات؟
كل يوم تتحفنا قنوات محور المقاومة بتحليلات تقول إن كل الأزمات لن تتوقف لأنها مبرمجة من حلف الأطلسي وكلابه الداشرة علينا...
موت؟
الموت يلاحقنا من بلد إلى آخر،
مباشرة برصاص وقذائف إسرائيل، أو غير مباشرة بفضل الحصار وسياسة الخنق التي يمارسها الأطلسي علينا...
بالله عليكم...
مللنا الموت الرخيص...
مللنا مقولة "الزمن والمكان المناسبين"...
نريد أن نرى شوارع غوش دان تحترق كما يحترق أي زقاق في الشام أو صنعاء...
نريد أن نرى ولو قتيلاً إسرائيليا واحداً مقابل أي عدد يسقط في بلاد العزة الناقصة...
أليس هذا حق لنا...؟
هل هذا كثير علينا...؟
نعم، نحن عشاق شهادة...
لكن شرط هذه الشهادة أن نموت واقفين ولا نركع...
شرط هذه الشهادة أن نعرف اننا عندما نسقط فإن غيرنا سوف يحمل السلاح، ويواصل الكفاح، ويقود المحور للنصر...
لا تنتظروا خروج معتصم بحبل الله من بين تلك الجيف النتنة التي تحكم العالم العربي...
انتم في محور فلسطين املنا...
انتم كل املنا...
إما الرد على النار بالنار، وإما أن تخلوا الساحة لمن يريد القتال، في زمن لم يعد ينفع فيه إلا...
القتال...