د. موفق محادين: شيرين ابو عاقلة، شهادة دونها تاريخ
مقالات
د. موفق محادين: شيرين ابو عاقلة، شهادة دونها تاريخ
د. موفق محادين
18 أيار 2022 , 09:42 ص

د. موفق محادين:


الإطار التاريخي:

ابتداء، فإن تركيب العهدين القديم التوراتي والجديد المسيحي الإنجيلي باسم الكتاب المقدس، لم يصبح سائدا ويأخذ شكله الحالي إلا بالتزامن مع الثورة الصناعية البرجوازية وحاجة الأنظمة الملكية البديلة للإقطاع الأوروبي لتمويل المرابين اليهود ومن ثم إزاحة النصوص المسيحية الشرقية الأصلية مثل، ما جئت لأتمم بل لأنقض، لصالح إنجيل متى الموجه إلى العبرانيين والذي يربط المسيح بنسل داود.

ذلك أن المسيحية نقيض اليهودية تماما، فهي فكرة قربانية لا تشغلها الشريعة، بالإضافة لاختلاف البنى الاجتماعية - الاقتصادية لنشأة كل منهما، فالمسيحية ولدت في سياق نمط الإنتاج النهري الزراعي وفكرتي التثليث والابن القرباني، فيما اليهودية نتاج النمط الرعوي وشخصية التاجر-المحارب-المرابي، ناهيك بعصور الصراعات الدامية بينهما سواء في العهد الروماني الذي لاحق اليهود أو في العهد الإسباني ومحاكم التفتيش.

إلى ذلك ومنذ اختلاق الغرب الاستعماري للكيان الصهيوني وبالإضافة لطبيعة الصراع العربي الصهيوني، فإن استشهاد الإعلامية العربية الفلسطينية المسيحية، شيرين أبو عاقلة على يد الهمجية الصهيونية، ليس مفاجئا أو استثنائيا بقدر ما عبر عن لحظة أخرى من لحظات الصراع المسيحي اليهودي منذ درب الآلام وحتى اليوم في فلسطين.

صور من التاريخ القريب:

الصورة الأولى، للشهيده شيرين في مخيم جنين، العاصمة المسلحة لفلسطين.

الصورة الثانية، لجثمان الشهيدة وحوله سد استشهادي من الشبان والشابات الجسورات، تختلط فيه أجراس الكنائس مع الآذان مع الهتافات المدوية: فلسطين عربية.

الصورة الثالثة، هي للانحطاط الصهيوني الإجرامي خلال محاولات القتلة الصهاينة انتزاع الثابوت والعلم الفلسطيني واستخدام الخيل السوداء المعصوبة الأعين وسيارات النضح التي لا تليق إلا بالصهاينة.

الصورة الرابعة، لذارفي الدموع الكذابين من سفراء الأطلسي الذي اختلق هذا الكيان ودعمه ولا يزال يمده بأعتى أدوات القتل والبطش.

الصورة الخامسة، للمنافقين من سلطة التنسيق الأمني مع العدو وعرب الكنيست.

الصورة السادسة، لقناة الغاز المسال والثورات المضادة، التي وجدت في الجريمة الصهيونية بحق الشهيدة شيرين فرصة لاستعادة ما تبقى من ماء الوجه الملطخ بدماء ضحايا العشرية السوداء التي اختطفت وجع الناس وحولته إلى ربيع دموي.

الصورة السابعة، للأصوات الطائفية الكريهة المريضة التي تفتقر للبعد الأخلاقي والمعرفي والإنساني، ولا يستفز عقلها الرجعي المستقيل كما يستفزه الحضور الكبير الذي لا ريب فيه للمناضلين من كل الطوائف والمذاهب ولا يرون الصراعات إلا بمنطق الملل والنحل كما خططت ورسمت وعملت أقلام الاستخبارات الأطلسية.

ولمن لا يعرف عن الحضور الكبير للمسيحيين العرب لا بأس من تذكيرهم:

1- برجال الدين المسيحي الذين انخرطوا في المقاومة ضد المشروع الصهيوني مثل المطران عطالله والأب مسلم ومطران حلب، كبوجي، الذي أمضى سنوات طويلة في سجون العدو الصهيوني إثر اتهامه بتهريب الأسلحة في سيارات الكنيسة إلى المقاومة في فلسطين.

2- بالقامات العربية المسيحية الفلسطينية، سواء الذين استشهدوا كما شيرين، مثل الدكتور حنا ميخائيل والشاعر كمال ناصر والإعلامي حنا مقبل، أو الذين قدموا جهدهم الفكري والسياسي الوطني والقومي التقدمي مثل: الدكتور جورج حبش والدكتور وديع حداد والدكتور أنيس الصايغ والأديب خليل السكاكيني والمفكر ناجي علوش وانطون مقدسي، والدكتور الياس شوفاني ونجاتي صدقي ووليم نصار وايميل الغوري وعبدالله نعواس وغيرهم.

3- مئات العسكريين العرب المسيحيين أمثال جول جمال وذلك في المعارك المصرية والسورية والعراقية والأردنيه واللبنانية مع العدو الصهيوني.

4- عشرات المفكرين العرب المسيحيين الذين نذروا مشاريعهم الفكرية لمواجهه العدو الصهيوني، مثل: قسطنطين زريق، سليم خياطة، رئيف خوري، سمير أمين، أنور عبد الملك، انطون سعادة، نجيب نصار، ونجيب العازوري الذي كشف مبكرا تواطؤ متصرف القدس العثماني مع الحركة الصهيونية.

5- المساهمات المتنوعة للمسيحيين الأردنيين، فبالإضافة للمفكرين والأدباء والقادة الوطنيين والإعلاميين المعروفين وللمناضلين الذين انخرطوا في صفوف المقاومة الفلسطينية مثل، تيريز هلسه، غالب هلسه، شربل هلسه وفيصل الخيطان هلسه وجلال النحاس والأرمني الأردني هوسيب داكرن، نستعيد قافلة الشهداء الطويلة من جنود وضباط وطياري الجيش الأردني، الذين استشهدوا خلال المعارك مع العدو الصهيوني، كما وردت في كتاب شهداء الجيش العربي في معارك فلسطين: 1948، 1967، الكرامه، ومرحلة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي:

- الدكتور صليبا ترزي، الطيار جريس عميش، الطيار خريستو متري انطون، الملازم خضر شكري يعقوبيان، سلطي بطارسه، صالح حواتمه، جريس هلسه، سلامة مصاروه، حنا عيسى، جبرائيل زيادين، ابراهيم ليان، عايد منيزل، ناجي مفضي، حنا سلامه العكشة، وديع قسطندي، ابراهيم جريس، سليمان سلامة، عوني خليل حنا، نورس جريس، طعمه ثلجي، خالد منيزل، متى نصري سليم، سابا عودة، جريس سلامة حنا، ميخائيل سالم خليل، عيسى يوسف، رمزي خليل هلسه، عازر شتيوي، يعقوب سلامة، قسطندي جريس، سلامة سلامة، عوض حداد، جريس مناور، داود طعمه، هوشيل هيشان.