بقلم ناجي أمهز
المشهد اليوم لاقتحام شعب الكيان المحتل الغاصب لباحات الأقصى، بطريقة استفزازية لكافة مشاعر سكان المنطقة، يحاكي أن مجموعة المغتصبين الإسرائيليين المعتدين دخلوا قرية عربية، وبينما هم يعتدون على امرأة لا حول لها ولا قوة، ويقومون بالتناوب على اغتصابها يصرخ بهم غالبية الزعماء العرب "توقفوا تقفوا"، وعندما يتوقف المغتصبون ظنا منهم أن دم النخوة والشهامة تحركت بالعروق العربية، يتقدم إليهم هؤلاء الزعماء، وهم يتراقصون ويتمايلون بايحاءات جنسية ويقطمون لهم حبات "الفياغرا" "لتهيجهم" جنسيا كي يكون الاغتصاب كاملا.
دعونا لا نكذب على بعضنا، أو نكابر، فاليوم عدد المقالات والأشعار واللوحات الفنية والأناشيد الثورية عن فلسطين، انخفضت إلى أكثر من النصف، وحتى هذا النصف من النتاج الأدبي والفني، أصبح ركيكا تافها، قزما بمعانيه وأدبياته، لا يرتقي بمجموعة من القدرة والتعبير عن محاكاة حلم طفل فلسطيني وهو يتأمل والده يعتقل أمام عينيه أو أخته تتعرض للإهانات او اخوه الذي يقتل بدم بارد على يد صهيوني مختل عقليا معتقدا انه شعب الله المختار، كما أن الإعلام العربي الذي ينقل الأحداث من فلسطين ينقلها برتابة وكأنه يتحدث عن حادث لتصادم بين قطارين، نتج عنه عدد من الإصابات والقتلى، فالإعلام العربي نجح بتصفية القضية الفلسطينية بطريقة ممنهجة معقدة، وإفراغها من بعدها الاستراتيجي ومضمونها العربي والقومي، وحتى الديني.
وأيضا التطبيع مع الكيان الإسرائيلي الذي كان جريمة لا تغتفر، ويعاقب عليه بالإعدام والسحل في الشوارع، أصبح اليوم بالنسبة إلى غالبية العرب، شيئا طبيعيا، ووضعت له النصوص والبروتوكالات واقيمت له المهرجانات، بل إسرائيل أصبحت "تتدلع" وتضع شروطا مسبقة على هؤلاء العرب كي تقبل بالتطبيع معهم.
ومن الطبيعي بعد ما قلته المقبورة جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل عندما سئلت عن أسوأ يوم في حياتها، قالت انه بعد حرق المسجد الأقصى: "لم أنم طوال الليل كنت خائفة من أن يجتاح العرب إسرائيل أفواجا من كل مكان، ولكن عندما أشرقت شمس اليوم التالي ولم يحدث شيء، علمت أن باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده "
نعم اليوم تقتحم باحات المسجد الأقصى، ولكن ما الفرق بين اليوم وغيره، في عام 1967 وبينما الحرب في يومها الثالث والعرب يهتفون الله أكبر الله أكبر، والإذاعات والتلفزيونات العربية تنقل الخطب عن الزعماء العرب ورجال الدين، وتتكلم عن سقوط آلاف القتلى من جيش العدو الإسرائيلي وأسر عشرات الآلاف وتدمير أرتال المدرعات وإسقاط الطائرات الإسرائيلية، دخل الجنرال موردخاي جور وجنوده المسجد الأقصى، ورفعوا العلم الإسرائيلي على قبة الصخرة وحرقوا المصاحف، ومنعوا المصلين من الصلاة فيه، وصادروا مفاتيح أبوابه، وتبين بعد أيام قليلة أن كل ما كان ينشر ويذاع على القنوات العربية من انتصارات، مجرد كذبة كبيرة، فقد انتصر مليون ونصف صهيوني، على أكثر من 90 مليونا من العرب.
ومع كل مرة يقتحم المسجد الاقصى، يخرج علينا الكثير من العروبيين ببينات الشجب والإدانة، ومنهم من يرعد ويضرط ويتوعد ويقفز مثل القرد الذي أكل حامضا، ومنهم من يتلوا علينا ايات مجلس الامن والقرارات الدولية الصادرة عنه، واخر يتباهى بان رئيس امريكا قد استقبله لعشر ثواني ووعده بانه سيوقف العدوان الصهيوني، ولم يتغير شيء، بل اقتحم الأقصى مئات المرات، وزاد الاستيطان، وعدد اليهود تضاعف حتى وصل إلى ما يقرب السبعة مليونا، لا بارك الله فيهم، وما زال العروبيون بالرغم اصابة الكثير منهم بالخرف والزهايمر بسبب تقدم العمر، وضخامة الوزن، يخرجون علينا من متاحف الشمع باصرارهم على ان خططهم الاستراتيجية وخطاباتهم النارية، هي التي تصنع النصر.
توقفوا عن هبل الخطابات وبيانات الشجب والادانة، والاصطفاف الهيلموني، لا يوجد الا طريق واحدة لتاديب المحتل الاسرائيلي، وتحرير فلسطين، وهي المقاومة والتي يجب ان يسير الجميع خلفها، ومن لا يصدق فالينظر الى الحدود اللبنانية الفلسطينية، حيث يقف جيش الاحتلال الإسرائيلي مرعوبا حتى من راعي الأغنام، وفي آذان وعقول جنودهم وكبار جنرالاتهم، تتردد أجمل عبارة على مر التاريخ، "يا إسرائيلي وقاف على أجر ونص وليه" ويقف الإسرائيلي على أجر ونص.
إنها المعادلة التي كرستها المقاومة في عام 2000 عندما ضربت الإسرائيلي بالحذاء على رأسه، ودهسته كما يدهس صرصورا في زاوية المطبخ.
أنا أعرف أنكم ستقولون لماذا نصر الله لا يجتاح الجليل ويفتح النار على العدو الإسرائيلي،
لأنه وبكل بساطة السيد نصر الله يعرف أنه تسعون بالمائة من العرب سيقاتلون المقاومة دفاعا عن الإسرائيلي.
ومع ذلك عندما تطلب المقاومة الفلسطينية تدخل حزب الله ستجدون الجليل نيران حمراء، وسماء فلسطين تتساقط شهبا من الصواريخ، وكان خطاب السيد واضحا في ذكرى انتصار ايار.
لذلك انتم الاعراب، توقفوا عن الفتنة، ونعدكم بانه لن يرتاح الكيان الغاصب يوما واحدا في فلسطين المحتلة، كما منعته المقاومة من البقاء دقيقة واحدة في جنوب لبنان، او حتى ان يفكر مرة ثانية بالدخول الى لبنان.