محمد محفوظ جابر,
منذ بداية تشكيل حكومة بينيت وهي تحمل بذور قصر عمرها، وتشققات في هيكلها قد اتسعت الى ان اصبحت بمناسبة مرور عام عليها آيلة للسقوط.
كتبت في مقالي "الحكومة الاسرائيلية للتغيير إلى أين؟" بتاريخ 2021-06-14 ، صوتت الهيئة العامة للكنيست يوم الاحد، 13/06/2021 على حكومة يتناوب على رئاستها كل من رئيس حزب "يمينا" نفتالي بينيت أوّلا، ورئيس حزب "ييش عتيد"، يائير لبيد، بدعم 60 نائبًا ومعارضة 59 نائبًا وامتناع النائب سعيد الخرومي، لتنطلق الحكومة الـجديدة رقم 36 في مسيرتها، ويعطي هذا التصويت مؤشرا أن مسيرتها ستكون معقدة وأن الكيان الصهيوني سيعيش أزمة سياسية جديدة، خاصة وأن تركيبتها ليست متجانسة ومتناقضة في بعض نقاط برامجها......
أعلنت عضوة الكنيست عيديت سيلمان، من كتلة "يمينا" ، وهي من وجوه اليمين الاستيطاني في الكنيست، انسحابها من الائتلاف الحاكم، ما يُفقده الأغلبية الهشة التي كانت له في الكنيست، ويفتح باب السؤال المركزي عن مصير الحكومة، قبل ان يمضي عليها سنة وفرص بقاءها وحلها والتوجه الى انتخابات جديدة. علما بأن استطلاعات الرأي التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، أظهرت أن نتائج انتخابات قد تجري اليوم ستكون مشابهة تقريبا لنتائج الانتخابات الأخيرة، أي ان الأزمة سوف تستمر.
وحسب الوضع الجديد فإن الائتلاف يصبح مرتكزا على 60 نائبا (علما بأن نائبا منهم تغيب عن التصويت لصالح الحكومة)، من أصل 120 نائبا، تماما مثل المعارضة(60)، وسيكون من الصعب تمرير قرارات بدون موافقة المعارضة، فقد اتفقت سيلمان مع الليكود لأنها بصوتها ستجمد اعمال الحكومة الاسرائيلية.
وحول مشروع قانون لتجديد تطبيق بعض القوانين الإسرائيلية على المستوطنين، ضمن نظام الطوارئ لحكم الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد حرب 1967، خسر الائتلاف الصهيوني الحاكم ووجهت له ضربة كبيرة، بتصويت 58 نائبا ضد القانون، و52 لصالحه.
وسجل ائتلاف رئيس الوزراء نفتالي بينيت الحاكم، سابقة جديدة ليصبح أول حكومة منذ عام 1967 تفشل في تجديد تشريع رئيسي في الكنيست يوسع القوانين الإسرائيلية إلى مستوطني الضفة الغربية.
وجاءت الضربة لمشروع القانون من داخل الائتلاف حين أعلن عضو الكنيست عن القائمة الموحدة مازن غنايم إصراره على موقفه بمعارضة القانون والتصويت ضده، وانسحاب نواب القائمة الموحدة وحزب "ميرتس" من الجلسة وجميعهم من ضمن الائتلاف وتغيبوا عن التصويت، وانسحبت من التصويت العضو المنشقة عن حزب نفتالي بينيت (يمينا) النائب عيديت سيلمان، وتغيّبت عن التصويت، من جانبه هدد جدعون ساعر وحزبه (أمل جديد) الائتلاف بأنه سيعمل على إسقاط الحكومة إذا لم يصوت جميع أعضاء الائتلاف مع القانون، ويعتبر اسقاط القانون مخالفا للأيديولوجية الصهيونية والمشروع الصهيوني.
وكانت النائبة المتمردة من حزب “ميرتس” غيداء ريناوي زعبي قالت أنها “فقدت الثقة” تماما بقادة الائتلاف وأنه ليس لديها نية في إنقاذ الحكومة المتعثرة.
بينما التقى بينيت للمرة الثانية قبل ايام مع نير أورباخ ، عضو الكنيست الساخط من حزبه يمينا ، لمناقشة مستقبل الائتلاف بعد أن أجرى أورباخ محادثات مع الليكود حول احتمال الانضمام إلى المعارضة، ولم يتم إحراز أي تقدم.
وعند تقييم الوضع على الساحة الداخلية في الكيان الصهيوني لا بد من رؤية واضحة للأزمة في العالم التي تطورت بسبب وباء كورونا .وهي أزمة ضخمة، صحية، اقتصادية، اجتماعية، حكومية وسياسية وأمنية، مستمرة. علما بأن هناك أزمة وصراع داخلي في جميع النواحي، كان يسود الكيان قبل انتشار المرض. فهناك صراع طبقي واضرابات عمالية وصراع علماني ديني، وصراع بين اليهود الشرقيين والغربيين، وصراعات بين الاحزاب السياسية، وهناك صراع تناحري مع الوجود العربي، سواء في المنطقة المحتلة 1948 او المحتلة 1967.
إن مكونات الأزمة تعطل بشكل كبير مسيرة النمو والتطور، بل تضعف قوة الجبهة الداخلية للكيان فالصراعات الاجتماعية تفكك المجتمع والصراعات السياسية تفكك العلاقات الخارجية وتضعف القرارات الرسمية، وكل ذلك يؤثر سلبًا على "الأمن" الذي يرعبهم أي مس به.
عند تحليل آثار الأزمة على المجتمع الإسرائيلي، الأكثر تضررا تشمل بشكل أساسي الطبقة المتوسطة والبرجوازية الصغيرة والأشخاص الذين يعيشون في فقر والذين يعتمدون على الدخل من العمل.
وهناك في الكيان ما يزيد حجم الضرر: الأزمة السياسية المستمرة من فترة ناتنياهو الى فترة بينيت الحالية حيث تميزت حكومته انها اعتمدت على صوت واحد في الكنيست بينما يشتد الخلاف بين مكونات الحكومة حول قضية المستوطنات والتعامل مع المستوطنين وقضية التعامل مع النووي الايراني، اضافة الى المعارضة للحكومة، وهذا كله أضعف صنع قرار قاطع، مما يضعف ثقة الجمهور في الحكومة.
واذ يشعر الجمهور بالقلق إزاء قدرة الدولة على التعامل مع هذه الازمة المستمرة، تشتد عمليات المقاومة في داخل مدنهم، ويفقدون الأمن والأمان، ويفقدون أعصابهم ويسيطر الرعب والخوف على نفسياتهم، ويدعوهم وزير الأمن لشراء السلاح للدفاع عن انفسهم، فلم يعد قادرا على حمايتهم، بعبارة اخرى دخول في ازمة جديدة هي الأزمة الأمنية.
وزارة الأمن الإسرائيلية تقول إنّ طلبات حمل السلاح وصلت إلى الذروة، في أعقاب العمليات الفلسطينية في الداخل المحتل، ومسؤول رفيع المستوى في وزارة الأمن الإسرائيلية، في حديث إلى صحيفة "إسرائيل هيوم": إنّ الزيادة في عدد طلبات حمل السلاح في "إسرائيل" هي "زيادة استثنائية وبمستوى تاريخي"، مشيراً إلى أنّ بعض الحريديم من بين المطالبين بالحصول على رخصة حمل السلاح، وأشارت الصحيفة إلى أنّ "149 ألف إسرائيلي يحملون رخصة حيازة أسلحة في إسرائيل"، لافتةً إلى أنّ مستوى طلبات الحصول على رخص حمل السلاح غير مسبوق.
في ظل هذا الوضع المتأزم وبينما تدخل حكومة بينيت عامها الثاني، لن تستمر وان سقوطها اصبح حقيقة لأن هذا الائتلاف لم ينجح بالقيام بأي تغيير، بل هو يعيش مرحلة التفكك والانهيار، تماما كما يروج بعض قادة الكيان السياسيين والعسكريين ان الكيان نفسه مشكوك باستمراره.
وهنا لا بد من التأكيد: لقد فشل الاحتلال الصهيوني منذ تأسيسه وحتى الآن في تهويد الجليل وتهويد النقب، كما ان مقاومة جماهير الشعب الفلسطيني في المنطقة المحتلة 1948، اشتدت في هذه السنة، دفاعا عن نفسها ومساندة للقدس والضفة وغزة، ودخلت مرحلة جديدة لا عودة منها عن التحرير، مما أربك الاحتلال ودفع قادته للاعتراف بانهيار مستقبل الكيان.
محمد محفوظ جابر
منذ بداية تشكيل حكومة بينيت وهي تحمل بذور قصر عمرها، وتشققات في هيكلها قد اتسعت الى ان اصبحت بمناسبة مرور عام عليها آيلة للسقوط.
كتبت في مقالي "الحكومة الاسرائيلية للتغيير إلى أين؟" بتاريخ 2021-06-14 ، صوتت الهيئة العامة للكنيست يوم الاحد، 13/06/2021 على حكومة يتناوب على رئاستها كل من رئيس حزب "يمينا" نفتالي بينيت أوّلا، ورئيس حزب "ييش عتيد"، يائير لبيد، بدعم 60 نائبًا ومعارضة 59 نائبًا وامتناع النائب سعيد الخرومي، لتنطلق الحكومة الـجديدة رقم 36 في مسيرتها، ويعطي هذا التصويت مؤشرا أن مسيرتها ستكون معقدة وأن الكيان الصهيوني سيعيش أزمة سياسية جديدة، خاصة وأن تركيبتها ليست متجانسة ومتناقضة في بعض نقاط برامجها......
أعلنت عضوة الكنيست عيديت سيلمان، من كتلة "يمينا" ، وهي من وجوه اليمين الاستيطاني في الكنيست، انسحابها من الائتلاف الحاكم، ما يُفقده الأغلبية الهشة التي كانت له في الكنيست، ويفتح باب السؤال المركزي عن مصير الحكومة، قبل ان يمضي عليها سنة وفرص بقاءها وحلها والتوجه الى انتخابات جديدة. علما بأن استطلاعات الرأي التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، أظهرت أن نتائج انتخابات قد تجري اليوم ستكون مشابهة تقريبا لنتائج الانتخابات الأخيرة، أي ان الأزمة سوف تستمر.
وحسب الوضع الجديد فإن الائتلاف يصبح مرتكزا على 60 نائبا (علما بأن نائبا منهم تغيب عن التصويت لصالح الحكومة)، من أصل 120 نائبا، تماما مثل المعارضة(60)، وسيكون من الصعب تمرير قرارات بدون موافقة المعارضة، فقد اتفقت سيلمان مع الليكود لأنها بصوتها ستجمد اعمال الحكومة الاسرائيلية.
وحول مشروع قانون لتجديد تطبيق بعض القوانين الإسرائيلية على المستوطنين، ضمن نظام الطوارئ لحكم الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد حرب 1967، خسر الائتلاف الصهيوني الحاكم ووجهت له ضربة كبيرة، بتصويت 58 نائبا ضد القانون، و52 لصالحه.
وسجل ائتلاف رئيس الوزراء نفتالي بينيت الحاكم، سابقة جديدة ليصبح أول حكومة منذ عام 1967 تفشل في تجديد تشريع رئيسي في الكنيست يوسع القوانين الإسرائيلية إلى مستوطني الضفة الغربية.
وجاءت الضربة لمشروع القانون من داخل الائتلاف حين أعلن عضو الكنيست عن القائمة الموحدة مازن غنايم إصراره على موقفه بمعارضة القانون والتصويت ضده، وانسحاب نواب القائمة الموحدة وحزب "ميرتس" من الجلسة وجميعهم من ضمن الائتلاف وتغيبوا عن التصويت، وانسحبت من التصويت العضو المنشقة عن حزب نفتالي بينيت (يمينا) النائب عيديت سيلمان، وتغيّبت عن التصويت، من جانبه هدد جدعون ساعر وحزبه (أمل جديد) الائتلاف بأنه سيعمل على إسقاط الحكومة إذا لم يصوت جميع أعضاء الائتلاف مع القانون، ويعتبر اسقاط القانون مخالفا للأيديولوجية الصهيونية والمشروع الصهيوني.
وكانت النائبة المتمردة من حزب “ميرتس” غيداء ريناوي زعبي قالت أنها “فقدت الثقة” تماما بقادة الائتلاف وأنه ليس لديها نية في إنقاذ الحكومة المتعثرة.
بينما التقى بينيت للمرة الثانية قبل ايام مع نير أورباخ ، عضو الكنيست الساخط من حزبه يمينا ، لمناقشة مستقبل الائتلاف بعد أن أجرى أورباخ محادثات مع الليكود حول احتمال الانضمام إلى المعارضة، ولم يتم إحراز أي تقدم.
وعند تقييم الوضع على الساحة الداخلية في الكيان الصهيوني لا بد من رؤية واضحة للأزمة في العالم التي تطورت بسبب وباء كورونا .وهي أزمة ضخمة، صحية، اقتصادية، اجتماعية، حكومية وسياسية وأمنية، مستمرة. علما بأن هناك أزمة وصراع داخلي في جميع النواحي، كان يسود الكيان قبل انتشار المرض. فهناك صراع طبقي واضرابات عمالية وصراع علماني ديني، وصراع بين اليهود الشرقيين والغربيين، وصراعات بين الاحزاب السياسية، وهناك صراع تناحري مع الوجود العربي، سواء في المنطقة المحتلة 1948 او المحتلة 1967.
إن مكونات الأزمة تعطل بشكل كبير مسيرة النمو والتطور، بل تضعف قوة الجبهة الداخلية للكيان فالصراعات الاجتماعية تفكك المجتمع والصراعات السياسية تفكك العلاقات الخارجية وتضعف القرارات الرسمية، وكل ذلك يؤثر سلبًا على "الأمن" الذي يرعبهم أي مس به.
عند تحليل آثار الأزمة على المجتمع الإسرائيلي، الأكثر تضررا تشمل بشكل أساسي الطبقة المتوسطة والبرجوازية الصغيرة والأشخاص الذين يعيشون في فقر والذين يعتمدون على الدخل من العمل.
وهناك في الكيان ما يزيد حجم الضرر: الأزمة السياسية المستمرة من فترة ناتنياهو الى فترة بينيت الحالية حيث تميزت حكومته انها اعتمدت على صوت واحد في الكنيست بينما يشتد الخلاف بين مكونات الحكومة حول قضية المستوطنات والتعامل مع المستوطنين وقضية التعامل مع النووي الايراني، اضافة الى المعارضة للحكومة، وهذا كله أضعف صنع قرار قاطع، مما يضعف ثقة الجمهور في الحكومة.
واذ يشعر الجمهور بالقلق إزاء قدرة الدولة على التعامل مع هذه الازمة المستمرة، تشتد عمليات المقاومة في داخل مدنهم، ويفقدون الأمن والأمان، ويفقدون أعصابهم ويسيطر الرعب والخوف على نفسياتهم، ويدعوهم وزير الأمن لشراء السلاح للدفاع عن انفسهم، فلم يعد قادرا على حمايتهم، بعبارة اخرى دخول في ازمة جديدة هي الأزمة الأمنية.
وزارة الأمن الإسرائيلية تقول إنّ طلبات حمل السلاح وصلت إلى الذروة، في أعقاب العمليات الفلسطينية في الداخل المحتل، ومسؤول رفيع المستوى في وزارة الأمن الإسرائيلية، في حديث إلى صحيفة "إسرائيل هيوم": إنّ الزيادة في عدد طلبات حمل السلاح في "إسرائيل" هي "زيادة استثنائية وبمستوى تاريخي"، مشيراً إلى أنّ بعض الحريديم من بين المطالبين بالحصول على رخصة حمل السلاح، وأشارت الصحيفة إلى أنّ "149 ألف إسرائيلي يحملون رخصة حيازة أسلحة في إسرائيل"، لافتةً إلى أنّ مستوى طلبات الحصول على رخص حمل السلاح غير مسبوق.
في ظل هذا الوضع المتأزم وبينما تدخل حكومة بينيت عامها الثاني، لن تستمر وان سقوطها اصبح حقيقة لأن هذا الائتلاف لم ينجح بالقيام بأي تغيير، بل هو يعيش مرحلة التفكك والانهيار، تماما كما يروج بعض قادة الكيان السياسيين والعسكريين ان الكيان نفسه مشكوك باستمراره.
وهنا لا بد من التأكيد: لقد فشل الاحتلال الصهيوني منذ تأسيسه وحتى الآن في تهويد الجليل وتهويد النقب، كما ان مقاومة جماهير الشعب الفلسطيني في المنطقة المحتلة 1948، اشتدت في هذه السنة، دفاعا عن نفسها ومساندة للقدس والضفة وغزة، ودخلت مرحلة جديدة لا عودة منها عن التحرير، مما أربك الاحتلال ودفع قادته للاعتراف بانهيار مستقبل الكيان.