القدس الشريف
منوعات
القدس الشريف "بدون "المحتل" هو تطبيع\ د. عادل سماره
17 آب 2022 , 12:42 م


في الخطاب الإعلامي وخاصة الثقافي والسياسي كثير من التكاذب إلى درجة ضرورة إنشاء خطاب أو لغة أخرى تكنس هذا الهراء تماما. من بين المصطلحات السيا/علامية مصطلح أو تعبير القدس الشريف دون أي ذكر أن القدس تحت الإحتلال نصفها الغربي عام 1948 والنصف الشرقي عام 1967.

صحيح أن التعبير هو تاريخي. ولكن التاريخ ليس أعمى ولا مساوِماً، فهو سجل حي للأحداث يحتويها تماماً ولا يُخرج حدثاً من التاريخ سوى أعداء ومشوهوا التاريخ وبالطبع إلى حين مجيء من يدققوا التاريخ ويحموا الحقائق سلبية كانت أم إيجابية ولو بعد حين.

فاحتلال القدس، شقها الغربي 1948 وشقها الشرقي 1967 ليس أمراً عابراً ولا صغيراً ولا هامشياً ولا مؤقتاً ولا يمكن اقتلاع الإحتلال بالكذب والتكاذب والمداهنة والمساومة والمفاوضات والصلاة السلبية أو التفلُّتات والعنتريات...الخ بل بالقوة. ونحن هنا في الرض المحتلة لا نرى صورة الواقع بل الواقع نفسه، وهذا هو الفارق الكبير بين الصورة والواقع بين الوجه والقناع.

لذا، يجب الكتابة "القدس الشريف المحتل".

بين التسميتين مسافة واقع ووعي وتحشيد بلا مواربة. ومع أن كل شبر في الأرض شريفاً، إلا أن حصرية الشريف في القدس يضع على عاتق من يؤمنون بها واجبا أكبر واضخم اي تحرير القدس الشريف وليس إنكار أو التغطية على أنها تحت الاحتلال.

وللمرء أن يسأل أكثر من سؤال:

هل مجيء رجال دين سُنة وشيعة إلى القدس تحت الاحتلال تحت مبررات زيارة السجين أو تحييد الأماكن المقدسة عن الصراع ليس تطبيعاً! والأماكن المقدسة لا يُسمح بدخولها إلابإذن العدو! وبالمناسبة كل من يأتي من ساسة ومثقفين ورجال دين، إلى الأرض المحتلة تحت ذريعة أو مبرر "زيارة السجين" لا يأتي لزيارة الوطن السجين بل ضيفاً على هذه الوزارة في الحكم الذاتي أو تلك، اي يأتي سياحة مدفوعة الكلفة وربما أكثر!

وهذا بخلاف سيدة فلسطينية تأتي لتزور بيتها أو ضريح ابيها فهي ليست رمزاً سياسياً يكسب العدو من مجرد قدومه وختم جواز سفره يخاتم الاحتلال.

كان أول من رفض التطبيع الديني المرحوم البابا شنودة من مصر، ليأتي رجال دين مسلمين ويكسروا هذا التابو ، التحريم الأصيل والحقيقي.

لو قرأ أو سمع طالب سوداني أو مصري أو مغربي كلمة القدس الشريف. ألا يخطر بباله أن يزورها؟ كونه مؤمن وربما عاشق للقدس؟ ولنفرض أنه من مغاربة اللجوء في فرنسا وحينما صار فتىً، ألا يمكن أن يحجز في طائرة لزيارة القدس؟ ليجد نفسه تحت إذلال العدو؟ وبالمناسبة بعضهم قد لا يلاحظ ذلك فالبسطاء يعتبرون اية سلطة هي شرعية.

وهذا ما سنراه قريباً، أي سيحدث مباشرة أن يأتي مغاربة من الرباط إلى أرض الرباط/فلسطين بعد إعلان حاكم المغرب التطبيع التحالفي العسكري مع الكيان.

ولذا، فإن وضع تسمية "القدس الشريف المحتل" هي فهقة وعي لا تزول.

وعليه، فإن إنكار أن القدس تحت الاحتلال هو في الحقيقة سلوك تطبيعي خطير وخائن وبوعي أو بمكابرة ولا فرق.

ولكي لا يزعم المطبعون بأن هذا تبسيط تحشيدي عليهم أن يعرفوا أن هناك طلبة جامعيين في الأرض المحتلة عام 1967 أي الضفة الغربية وقطاع غزة لا يعرفون أن الكيان يقوم على ثلاثة أرباع فلسطين حيث يحتلها ويستوطن فيها بل يعتقدون أن الكيان على أرض له ولذا فهو كيان طبيعي، وبأن الفلسطيني هو الموجود في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبأنهما، اي الضفة الغربية وقطاع غزة، هما فقط فلسطين، وكل ذلك بعد اعتراف م.ت.ف بالكيان! أي أن فلسطين هي المحتل عام 1967 وبأن المطلوب طرد الإحتلال منهما إلى"أرضه/وطنه" أي فلسطين المحتلة عام 1948!

ما هو العامل الخطير الذي يكمن وراء هذا الجهل. اليس التطبيع والاعتراف بالكيان الصهيوني؟

إن واقع العروبة الخطير الذي يهدد بتصفية أمة بأكملها وليس فقط إخراجها من التاريخ كما كتب الراحل د. فوزي منصور، يشترط توزين كل كلمة، كل عبارة كل مصطلح بكل دقة وانتماء لتنظيف العقول والمناهج والسياسات من فايروسات التبعية والخبث والتطبيع.

إن القدس محتلة وفلسطين محتلة، وأي قول مثلا "إسرائيل" يحمل ايضاً قصد التمويه وتغطية أن فلسطين محتلة بأكملها. إن كشف هذه الحقائق المرة وخطورتها هو مقاومة بلا شك.

إنه تكريس لأهم قضيتين في الوطن العربي:

• فلسطين القضية المركزية

• والوحدة العروبية الهدف والمصير المركزي

• (من كتابي القادم: "في نحت المصطلح وتحرير المعنى")

المصدر: موقع إضاءات الإخباري