على مسافة أيام من آخر أنفاس العهد القوي في قصر بعبدا، سيغادر ميشال عون القصر، كما غادره أوّل مرة.
ففي ١٣ تشرين الأوّل، ١٩٩٠كان يوم غادر الجنرال عون الى منفاه الباريسي، بعد لجوئه الى سفارتها.
أمّا تشرين الثاني، فهو بعد أيام، وتحديداً في ٣١ تشرين الأوّل ٢٠٢٢ تاريخ مغادرة عون الى منفاه الأبدي، ليكتب قصة رجل آمن بخلاص لبنان على يدِ رجل جمع كلّ إمكانيات النجاح انهى حياته السياسية بأكبر خيبات الأمل(تاريخه وحضوره الشعبي وتمثيله النيابي إلخ...) ليصبح شعار تياره: "ما خلونا ما خلونا"…
في مقابلة تلفزيونية مع المحامي والإعلامي جوزيف أبوفاضل، وهو كان من أشرس المدافعين عن ميشال عون في بداية عهده، يقول:
"هي السنة في 2 رأس سنة، الأوّل، ٣١ ت١ يوم مغادرة عون بعبدا، ويدعوللِاحتفال بهذا اليوم. والثاني،في ٣١ ك١يوم نهاية العام".
ومن كلام أبو فاضل أبدأ:
لن نجد شخصاً محباً لميشال عون مثلما أحبّه جوزيف أبوفاضل،وماكلامه القاسي عن نهاية عهد عون الا دليلٌ على حجم آماله الخائبة التي علقها عليه، ودافع عنها حتى آخر خيبة.
ميشال عون حُلمٌ تحوّل إلى كابوس.
حلم لطالما تمنينا أن نرى إحياء الدولة بمؤسساتها على يده.
كنا نحلم أن يكتب التاريخ عن الحقبة العونية، كما كتب عن الشهابية الّتي أسّست تلك المؤسسات المعروفة.
لقد تحول بيُّ الكُلِّ إلى "أبو جبران"، وأصبحت أولى أولويات عهده، إذ بدأ منذ يومه الأوّل العمل لكي يكون جبران رئيساً للجمهورية، وضاعت بوصلة عون… ودخلنا في لعبة المحاصصة التي يتبارى بها ساسة لبنان على المنابر، اذ إنّ شرف كل طائفة لايسمح الا أن تكون حصة طائفته عند كبير الطائفة الذي علمهم السحر.
وبدل أن يهدِمَ الرّئيس عونُ الهيكل عليهم، شاركهم بحقوق المسيحيين وأودعها جبران الذي أوصلنا إلى "ما خلونا".
النظافةوالنزاهةلاتحتاجان إلى جماهير لتحكم…
ضمير لبنان،الرّئيس سليم الحص، أطال الله في عُمُره، يقول: يبقى المسؤول نزيهاً إلى أن يطلب شيئاً لنفسه، وعندما يطلب هذا الشيء يفقد نزاهته، ويصبح سهلاً على البلطجية وسهلاً على اللصوص.
مابين عون قبل العام ٢٠٠٥، والرّئيس عون اليوم، فارقٌ اسألو عنه جوزيف أبو فاضل، كمسيحيّ، ما إذا كان يشعرأنّه حصّل حقه، عندما وصل الوطن إلى جهنم؟
الرّئيس سليم الحص، وفي كتابه:"للحقيقة والتاريخ"، وتحت عنوان: "علاقتي مع سوريا"؛وكيف رفض صفقة دبابات، أراد عبد الحليم خدام فرضها علينا، لينتهِيَ الأمرُ، وقبل لقاء الرئيس الحص بالرئيس حافظ الاسد، بزيارة عبد الحليم خدام له في مقر إقامته بدمشق، ويطلب منه عدم إعلام الرئيس الأسد بموضوع صفقة الدّبّابات.
نعم، يبقى المسؤول نزيهاً حتّى يطلب شيئاً لنفسه، بعدها، يفقد نزاهته، ليُصبِح كالفتاةِ، إذا فقدت خجلها.
"ما خلونا"، والسبب أنّكم فقدتم خجلكم، عفواً نزاهتكم، ودخلتم لعبة قطع الجبنة.
كما دخلها قبلكم ممثلو الفقراء والمحرومين .
في آخرأيام العهد، ألف ألف تحية إلى رجل النزاهة والشجاعة، فخامة العماد الرئيس إميل لحودوالسلام.



