وسط مخاض كبير يمر به الأردن، وفي ظل ظروف صعبة، واحداث متواصلة في مناطق الجنوب، وغيرها من مناطق، وفي وسط اضرابات واضطرابات، وصلنا يوم امس الخبر المؤلم والمفاجيء، خبر رحيل المناضل الكبير ليث شبيلات، نقيب المهندسين الاردنيين، وعضو البرلمان الأردني سابقاً، السياسي الاردني الفلسطيني العربي المخضرم، والمفكر القومي والإسلامي، رئيس لجنة مكافحة العنصرية والصهيونية.
غادرنا يوم أمس المناضل ليث شبيلات، بعد حياة حافلة بالنضال والكفاح والعطاء المستمر.
ويبدو ان ليث شبيلات كان يدرك أن الأجل قد اقترب، عندما وجه رسالته في يوم عيد ميلاده الـ 80 حين قال في تسجيل صوتي ان هذه قد تكون رسالته الاخيرة، وخاطب فيها الأردنيين والفلسطينيين مؤكدا على وحدة الشعبين، قائلا اياكم... ثم اياكم الوقوع في التصنيف، هذا اردني وهذا فلسطيني...
وهو من عشق الأردن ودافع عنه، وقاتل من اجل فلسطين وأحبها.
ليث شبيلات كان غاضباً لما وصلت إليه الأوضاع في الأردن، والظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها الناس، وانتشار الفساد وتحكم الفاسدين في مفاصل الدولة.
ليث شبيلات كان يبكي حين التحدث عن ذلك بمرارة وليس هذا فقط، وانما امتلك الجرأة والشجاعة كي يتكلم بصراحة ووضوح، حين قال شعب ميت من الجوع وملك يملك اكثر من 16 قصراً، قولوا لعبد الله وين رايح.
ليث شبيلات مناضل منذ زمن بعيد لم يهدأ ولم يمل بقي يقاوم ولم ينكسر.
ليث شبيلات دخل السجون مرات عديدة، وتعرض للتعذيب، لكنه لم يركع ولم يلن وبقي صامدا.
ليث شبيلات، صاحب الكلمة الحرة والموقف الشجاع... قال كلمة الحق دوماً ولم يخشى لومة لائم... تميز بالجرأة والشجاعة، وذهب بعيدا في التعبير عن رايه حيث لا يتجرأ الآخرون، ولم يهادن احدا.
ليث شبيلات دافع عن القضية الفلسطينية في كافة المحافل العربية والدولية، وكانت فلسطين حاضرة معه حيثما حضر، ولم تفارقه باعتبارها قضيته الأولى والمركزية.
ليث شبيلات، وقف ضد الولايات المتحدة ودولة الكيان والحركة الصهيونية بلا هوادة، وادرك المخاطر التي تحيط بالامة العربية بشكل مبكر، وهو المفكر المتميز.
ليث شبيلات عاش حياته مقاوما... لم يبحث عن اوسمة او مناصب، وهو من نال الكثير منها عن استحقاق وجدارة.
كان همه الاساسي رفعة شأن الوطن وسيادته واستقلاله، وكرامة وعزة وحرية المواطن.
ليث شبيلات، كان يبحث عن العدالة والديمقراطية وحقوق الانسان.
ليث شبيلات، عاش مناضلا شريفا ورحل مناضلا نظيفا، لم يتلوث بالفساد.
ليث شبيلات، حارب الفساد والمفسدين بكل قوة، وكشف الكثير من اوراقهم. وطالب بمحاسبتهم.
ليث شبيلات، وصل الى قناعة من خلال الواقع والوقائع ان الوطن ضاقت مساحته، ولم يعد يتسع للشرفاء، وعليه قرر ان يغادرنا مع نهاية هذا العام.
ليث شبيلات، مناضل وطني كبير تختلف او تتفق معه، لكنه كان دوما في موقع التقدير والاحترام.
ليث شبيلات، غادرنا وهو يحمل رسالة لمن سبقوه الرحيل من القادة الوطنيين، رسالة تقول لهم اطمئنوا رغم تواطؤ الحكام والتطبيع مع العدو وخياناتهم... الا ان الشعوب العربية بخير، وهي من هتفت في مونديال قطر من المحيط الى الخليج باسم فلسطين ورفعت العلم الفلسطيني ورفضت التطبيع مع العدو.
حمل رسالة تقول رغم صعوبة الأوضاع، لن نفقد الأمل. وها هو الشعب الفلسطيني يجدد جذوة الصراع مع العدو الصهيوني وهاهم اسود العرين والكتائب المقاومة في جنين ونابلس والخليل والدهيشة وغيرها يعيدون الإعتبار لخيار المقاومة.
رحل من كان يقول دوما ان معركتنا مع الصهيونية وحلفائها.
رحل من لم يتخل عن مبادئه ومواقفه.
برحيله يكون الاردن وفلسطين والأمة العربية قد خسروا مناضلا كبيرا نحن في احوج ما نكون له وأمثاله في هذه الاوقات،
واسمحوا لي في هذه المناسبة الحزينة برحيل هذه القامة الوطنية أن اتقدم باسمي وباسم عائلتي من اسرة الفقيد الراحل وأصدقائه ومحبيه بخالص التعازي وأصدق المواساة
الهمم الله الصبر والسلوان
رحم الله الفقيد الغالي ابا فرحان واسكنه فسيح جناته
وله منا الوفاء
طارق ناصر ابو بسام
براغ. 19/12/2022