كتب الأستاذ خضر رسلان:
مقالات
كتب الأستاذ خضر رسلان: "اسمنت الضاحية الجنوبية بين الثابت والمتحرك…"
22 كانون الأول 2022 , 20:37 م

كتب الأستاذ خضر رسلان’

قلما تجد مساحة جغرافية على مساحة العالم تنافس مدناً ومقاطعات، في شهرتها كالضاحية الجنوبية لبيروت.

ففي حين تميزت واشتهرت مدينتا هيروشيما وناغازاكي اليابانيتان اللتان جمعتهما قواسم الدمار والضحايا ورائحة الموت، وامتازت مدينة ستالينغراد بأنها قهرت هتلر وجيشه، فإنّ الضاحيةَ سيَكْتُبُ عنها التاريخّ، أنّها رغم ما أصابها من دمارٍ وتدمير، كحال هيروشيما وناغازاغي، فإنّها كمدينةِ سان بطرسبورغ ستالينغراد، بصمودها استطاعت تغيير معادلات، وصناعة قادة وثوار قهروا الجيش الذي كان يَدّعي أنّهُ لا يُقْهَر، ورَوَّضوا رعاتَهُ وأدواتِه.

هذه الضاحيةُ الشَّموسُ، ضاحيةُ الْعِزِّ وموئلُ الشهداءِ، وصانعةُ التاريخِ رغم أنّ الإباءَ والفخرَ يعتليانِ قاطنيها، وصوتَها هدارٌفي ارجاء العالم، تراها تقفُ مشدوهةً، وكلماتُها عاجزةٌ عن هَوْلِ المشهد؛ فالاسمنتُ الثابتُ يلتفُّ حولَ منافذِ أزِقّتِها، والمتحركُ مِنها يَشُدُّ الخِنَاقَ على أهلِها وناسها، حركةُ سياراتٍ، في ظِلِّ ارتفاع أسعارِ المحروقاتِ، تراها كثيفةً مزدحمة، ولا يعودُ سببُ ذلكَ إلى ضيقِ مِساحتِها الجغرافية، وإن كان ذلك من العوامل المساعدةِ، إلّا أنّ مَرَدَّ ذلك يعودُ إلى الأمرِ غيرِالمفهومِ لغالبيةِ الناسِ التي تسأل:

أوّلاً: الحواجزُ الأمنية.

من المعروفِ أنَّ الخطةَ الأمنيةَ التي وَضَعَتْها الأجهزةُ الرسميةُ اللبنانية، والتي بموجبِها تشدَّدَتْ بِالإجراءاتِ عندَ منافذِ الضاحية، وذلك أثناءّوجودِ الجماعاتِ التكفيرية، وبِناءً على ذلك الأمر، أغلَقَتِ العديدَ من الطرقات نهائيا، وتَمَّ التّشَدُّدُ في القسم الآخَر؛ والسؤالُ هنا: بعدَ تراجُع ِالخَطرِ وزوال الأسبابِ التي لِأجْلِها جرى التَّشَدُّدُ في الإجراءاتِ الأمنية، لماذ يتم الإبقاءُ على الكثيرِ مِنَ الطُّرُقاتِ مغلقةً، وإبقاءُ الأحجارِ الإسْمَنْتِيّةِ الكبيرةِ على منافذِ الضاحيةِ والَّتي تُساهِمُ مُساهمةً كبيرةً في زيادةِعجقةِالسيرِ الخانقة؟

وهذا كلامٌ ليس تَطَفُّلاً أو تجرُّءاً، بِلِحاظِ أنّ العديدَ منها، بعد اجتيازِ العوائقِ الإسمَنتيةِ، تكونُ بِلا وجودِ أيِّ عُنْصُرٍ أمْنِي ٍّ،أو إذا وُجِدَ فَهو لا ينظرُ إلى السيارةِ، أو تراهُ يستعمل هاتفه، وهذا بعدما يكون قائدُ السيارة هدر ووقته وفقد أعصابه في الوقوف خلف طابورٍمِنَ السيارات؛ هذا، فَضْلاً عن هدْرِ لِيتراتٍ من البينزين الباهظِ الثمن، ومِنَ النّادِرٍ أنْ ترى أحداًمن المواطنين إلّا والتّوَتُّر ُ بادٍ على مُحَيّاه.

2- البلدياتُ والسلطاتُ المحلية.

إنَّ مِنْ أَهَمِّ مُوجِباتِ الشرطةِ البلديةِ أنْ تعملَ بالتنسيقِ معَ الأجهِزَةِ الأمنيّةِ الرّسميةِ على إزالة كُلِّ ما يُعَرْقِلُ حياةَ الناسِ اليوميةِ؛ إلّا أنّ كثافةَ حركةِ الإسمَنتِ المتحرِّكِ في الضاحيةِ دونَ رقيبٍ أو حسيب، ترفعُ من وتيرةِ التّوَتُّرِ، وتَزيدُ فاتورةَ الأعباءِ والأكلافِ على المواطنينَ، ومنها حركةُ الصرّافينَ في الشوارع الرئيسية والعامة، وبشكلٍ كثيفٍ جِداً، والتي تُعِيقُ حركةَ الناسِ، وعجقةُ السياراتِ المترافقةُ معَ التوترِ العامِّ لِلسّائقينَ على الصعيدَيْنِ العصبِيِّ والماليِّ من خلالِ الهَدْرِ الحاصلِ للوقودِ، نتيجةَ التّوقُّفِ الطويلِ والمُتَقَطِّعِ لطوابيرِ السياراتِ، فضلاً عن عرقلةِ الشؤونِ الحياتيةِللمواطنين الَّذين يسألونَ عن دورِ البلدياتِ، في تنظيمِ ذلك من دونِ قطع ِ أرزاق ِالناس، في ظلِّ الضائقةِ الِاقتصاديّةِ المُسْتّشْرِيَة،بل العمل على تنظيمِ ذلك بما يُسَهِّلُ حركةَ السياراتِ والمواطنين.

عيونُ الناسِ تتلَفَّتُ يميناً ويساراً، وتترقب بِصمتٍ مشهداً آخرَ يبعثُ على الأمل؛ النّاسُ يتعلّقونَ بأملٍ ولن يكون وهماً،فالضاحيةُ تستحقُّ، وأهلُها يستحقون، فلا تُخيّبوا أملهم. 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري